سيدة القطار صفية أبو العزم: مصر التي تناسيناها
الجمعة، 11 سبتمبر 2020 12:00 م
«سيدة القطار، رمز مصر، شهامة الستات، الأصيلة، الأم، الجدعة، القطة تاكل أي حد يقرب من ولادها».. عبارات تنطبق على ما فعلته سيدة القطار، السيدة صفية أبو العزم، والتي أثبتت جسدت كل ما تتميز به المرأة المصرية من شهامة قد تفوق الرجال، إذا استدعى الأمر.
صفية وهي صفية، تحمل طباع تلك الأرض، تحنو على وليدها، وعلى كل من ضاقت به الدنيا، وكل عابر سبيل مر من أرضها، فأخرجت له زكوات قلبها، وبيتها وأهلها، حتى وإن كانوا جميعاً من مصارف الزكاة المستحقة.
صفية أبو العزم، وهي صاحبة العزم، على "هبش كل من يقترب من وليدها"، لم تتمالك نفسها، حينما عجز الرجال عن دفع ثمن تذكرة لشاب يرتدي بذلة عسكرية، لم تصمت حينما توجس الرجال خيفة- الرجال لا يتوجسون- بل ذكران نطعة، حتى صاحب الفيديو، ليحصل على السبق.
ابنة محافظة الغربية، ابنة الأرض الخصبة، تلك التي أنبتت بنات الأصول، من يأّمن ظهور الرجال حين يخرجون، وحين يغيبون، وحين يحاربون، وحين يموتون، وحين يستشهدون؛ دفاعاً عن الأرض والعرض أو في سبيل لقمة العيش.
صفية كالعفية، مهما ضاقت بها الدنيا، لا تألوا جهداً عن أبنائها، حتى ولو سقطت في كثبان رمال متحركة، حتى ولو علقت في وحل طين فيضان، وحتى لو تعلقت بين اليأس والرجاء، ستظل كما هي عفية، حتى تمر.
صفية كالآبية، لا تقبل الهوان، ولا قهر الرجال، ولا تسلط الذكران، ولا دياثتهم، ولا نطاعتهم، ولا تربية .... اللا مؤاخذة"- سمها كما تريد، ففي النهاية المعنى وصل لك قبل أن يصل لي.
صفية كامرأة تمثال «نهضة مصر»، ساعدت في الاستقلال، والتحرير وطرد الأعداء، وخلع الإخوان، وحرب مصر قديماً وحديثاً، لتظل أيقونة العصر القديم والحديث.
صفية سيدة القطار، هكذا أسماها رواد التواصل، وتسارع الجميع لتكريمها، ناسين أنها من تلك الأرض العطرة، فيها غير صفية الكثير، لكننا اعتدنا رؤية المسوخ، من تطرد أبناءها ومن تخون ومن تسرق وتغدر، ومن تقتل أبناءها في سبيل الشهوة والمال ومن ومن ومن.. إلخ.
صفية أبو العزم، هي مصر التي نعرفها، مهما جار عليها الزمن لا تنسى أبنائها، مهما جار الزمن تفتح أبوابها للجميع عربي كان أم أجنبي، تفتح أبوابها للي منها واللي مش منها، تحنو على كل عابر سبيل، تحنو على أعمى ضرير، تحنو على كل يتيم، تحنو وتحنو إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
كل ما فعلته صفية أبو العزة، سيدة القطار، أنها ذكرتنا بصفية التي تناسيناها، بصفية التي ضاق بها العيش لسنوات، بصفية التي مات زوجها، بصفية التي هجرناها، كنا اعتدنا على بناتها المسوخ، اللائي لا يعرفن للتربية مكان، ولا للأخلاق طريق، يعرفن فقط نكران العشير.
مصر هي الصفية، هي الآبية، هي بنت الأصول، هي الرجل يوم يغيب الرجال، وسندهم يوم يجور عليهم الزمان، هي الأم التي تدير البيوت، هي العفية، هي ملجأ اليتيم والمسكين وعابر السبيل، هي أم الدنيا.