بالمستندات.. هيئات وهمية تبيع كارنيهات بألقاب دبلوماسية على مواقع التواصل الاجتماعي بـ300 جنية

"صوت الأمة" تتواصل مع صفحات النصب وتكشف الاعيب الكيانات الوهمية لجذب الضحايا 
 

قديماً، كان أقصى ما يمكن أن يشتريه الإنسان الفاشل ليخلق لنفسه مكانة اجتماعية زائفة أو يحسنها، شهادة تعليم عالي أو ماجستير أو دكتوراه مزورة، سواء من جامعات وهمية بالخارج أو قائمة بالفعل، لكنها تضم نماذج فاسدة تبيع الشهادات لمن لا يستحق، أما أن يحصل الفرد على منصب دبلوماسي أو حكومي في مؤسسات تحمل أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، دون أن يكلف نفسه عناء القيام من كرسيه وبمبلغ زهيد، لم يكن شيئاً يتوقعه أحد قبل هذه اللحظ بثلاث سنوات فقط. 

 

الآن وفي ظل التطور التكنولوجي، وعصر السرعة الفائقة للانترنت، بات شراء المناصب والألقاب الدبلوماسية والحكومية، وتوثيقها بشهادات وكارنيهات مزورة، أيسر وأرخص من شراء 10 كيلو طماطم أو خيار. 

 

إذا كنت واحداً من الذين يبحثون عن السلطة والوجاهة الاجتماعية، دون أن تكلف نفسك عناء الدراسة أو تنفق من وقتك وعمرك ما يستحق لتصبح سفيرًا أو وزيراً أو دبلوماسياً او حتى موظفاً له مكانته المرموقة، هناك طريق سهل وأسهل مما تتخيل يحقق لك ما تريد ولن يكلفك سوى 300 جنيه. 

 

القصة بدأت برصد إعلانات على صفحات موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، تحمل عبارات رنانة، وتعلن عن توافر ألقاب دبلوماسية ودولية، وتشير إلى أن أبواب المستقبل ستُفتح أمامك بحفنة من الجنيهات، وأن العمل فى السلك الدبلوماسي، لم يعد مستحيلا، ويمكن لأي شخص يملك من المال القليل أن يكون عضواً ضمن تلك الهيئات، وحتى وإن لم يحصل حتى شهادة الإعدادية. 

 

الأمر لا يتطلب سوى 300 جنيه وصورة بطاقة وتحصل على ما تريد، فيقول الإعلان الذي رصدناه وتواصلنا مع أصحابه بعد إخفاء هويتنا: «ثلاثة أيام فقط وتصبح صاحب منصب في كيان اقتصادي دولي». 

 

«صوت الأمة» خاضت التجربة بعد أن شاهدت إعلان ينتشر عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» كالنار في الهشيم، الإعلان كان لهيئة تحمل اسم الاتحاد الدولي للتعاون الاقتصادي والدبلوماسي، وتعلن عن طلبها لعضويات جديدة، ذاكرة أن فتح باب اشتراك الأعضاء لعام 2020-2021، بدأ منذ أيام، ومستمر حتى نهاية الشهر، ومن باب الترغيب والتشويق، قالوا إن الفرصة لن تتكرر مرة أخرى. 

 

 وفي سبيل الترويج للاتحاد وأهميته، قالوا في الإعلان إنه من مميزات الانضمام للاتحاد تسجيل العضو على موقع الاتحاد الإلكتروني وحضور جميع المحافل والمؤتمرات المجانية للاتحاد، وكذلك نشر مقالات الأعضاء بموقع الاتحاد الإلكتروني، وعلى صفحة الاتحاد على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بعد مراجعتها، بالإضافة إلى قائمة الخصومات المحلية والدولية، التي تشمل خصم 25% في حالة حضور مؤتمر مدفوع الأجر، وخصم 25% على الدورات التدريبية بالاتحاد، وتبادل الخبرات بين الأعضاء والتعاون الاقتصادي، وتشمل العضوية الدبلوماسية، تبادل العلاقات والثقافات بين السادة الأعضاء ورؤساء اللجان و رؤساء المجالس الاستشارية.

 

تواصلنا مع مسئولي الاتحاد واستفسرنا عن شروط الاشتراك وكيفية تولي المناصب الدبلوماسية، فجاء الرد أنه لابد من تحويل مبلغ 300 جنيه في الحساب المرسل وصورة للبطاقة الشخصية وكذلك السيرة الذاتية وصورة شخصية لتحصل على عضوية إحدى اللجان بالاتحاد الدولي للتعاون الاقتصادي والدبلوماسي، وحول المؤهل الدراسي، قالوا لا يشترط أن تكون من أصحاب المؤهلات العليا لتحصل على العضويات داخل الاتحاد. 

 

وبالنسبة للحصول على المناصب داخل الاتحاد، أرسلت الصفحة عدة قوائم للجان المدرجة والمعتمدة داخل الاتحاد، وكان منها لجنة العلاقات الدبلوماسية واللجنة الاقتصادية، وتنمية المشروعات ولجنة العلاقات الخارجية ولجنة الأمن و السلام الدولية، بالإضافة إلى لجنة الشئون القانونية ولجنة فض المنازعات وحقوق الإنسان، وكذلك عضوية لجنة الإسكان والسياحة والمرأة، ولجنة ذوي الاحتياجات الخاصة والثقافة، ولجنة التحكيم الدولي وحقوق الملكية الفكرية، ولجنة العلاقات العامة والتعليم والبحث العلمي، ولجنة الصحافة والإعلام وتنظيم المؤتمرات، ولجنة الموارد الخارجية، واللجنة الرياضية ولجنة الشباب ولجنة خدمة المجتمع، ولجنة التدريب وختاماً اللجنة الفنية.

 

لم تقف مميزات ذلك الاتحاد الدولي المزعوم عند هذا الحد، فهناك أيضًا مميزات أخرى، منها الحصول على خصومات على الخطوط الجوية ووسائل النقل الدولية والمحلية، وتسهيل التعامل مع المسئولين والحصول على التسهيلات والمعاملات الداخلية والخارجية.

 

حصلنا على نماذج من الشهادات وكارنيهات العضوية التي يصدرها المركز لمسددي الاشتراك، الذي لا يتخطى سعرها كما ذكرنا 300 جنيه، كما أرسلوا صوراً لعدد من التكريمات للمسئولين والفنانين والمشاهير، وكانت عبارة عن دروع وشهادات تقدير، باسم الاتحاد الدولي للتعاون الاقتصادي والدبلوماسي، بالإضافة إلى رقم الحساب الذي يستقبل رسوم الاشتراك.  

 

مركز آخر رصدناه على موقع التواصل الاجتماعي، يعلن عن دورة تدريبية تحت شعار: «اعمل فى السلك الدبلوماسى بالسفارات والقنصليات والمجالس والهيئات والحصول علي الكثير من المميزات»، واكتشفنا أن له متابعين لا حصر لهم، وكل ساعة يقع ضحية جديدة لهذه المراكز الوهمية، التي تبيع السراب لكل باحث غن منصب أو وجاهة اجتماعية زائفة.

 

الغريب في أمر هذه الإعلانات أنها انتشرت بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعى، دون أن يتحرك أحد لرصدها أو التعامل معها، والاغرب أن كثير من المواطنين يلجئون إلى هذه الإعلانات للحصول على "الوظيفة الوهمية" لمجرد الحصول على كارنية قد يفيدهم في عمليات نصب أخرى.