غباء الجماعة يتكرر في تونس.. «النهضة» الإخوانية تحاول السيطرة على وسائل الإعلام بالأموال المشبوهة
الجمعة، 10 يوليو 2020 01:13 م
وتهدف الحركة الإخوانية لخلق حالة من الفوضى الكبيرة في مجال الإعلام والتحكم فيه بالأموال المشبوهة، حيث تقدم ائتلاف "الكرامة" حليف حركة النهضة بطلب بالتنسيق مع حزب "قلب تونس" لتنظيم عمل وسائل الإعلام في البلاد، مطالبين بإنشاء هيئة جديدة للاتصال السمعي البصري.
اقرأ أيضا:
كشفت علاقة قيادات "النهضة" بجماعات إرهابية.. عبير موسى تفضح مخطط "أخونة تونس"
وشمل مشروع القانون المشبوه التي صادقت عليه لجنة الحقوق والحريات، إلى إلغاء التراخيص بشكل كامل على القنوات، ما يتيح لكل التيارات والأشخاص إنشاء محطات إذاعية أو تلفزيونية، بالإضافة إلى تغيير هيئة الاتصال السمعي البصري "الهايكا" التي أصبحت تقف أمام مواصلة عدد من رؤساء الأحزاب التي لديها نواب في البرلمان تسيير وسائل إعلام خاصة بهم مارقة عن القانون.
ومن جانبها استنكرت الجامعة للإعلام التابعة لاتحاد الشغل، مصادقة لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان على مشروع تنقيح المرسوم 116 المتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري، حيث وصفته بـ"الخطير"، نظرا لأن تقديمه تم من قبل عدد من الأطراف السياسية لتمريره دون الاستئناس والاستماع وتشريك الأطراف المعنية بالملف وهي عملية تمثل مرورا بالقوة وتنذر بتحول مجلس نواب الشعب لمؤسسة تهدف لضرب الحقوق والحريات الصحفية.
ودعت الجامعة العامة للإعلام "كافة الجهات المعنية بالملف وكل مكونات المجتمع المدني المستقل وكل الأحزاب المؤمنة بحرية الإعلام وترفض التطرف والتسلط و فساد الفضاء الإعلامي و المال الفاسد في الإعلام، إلى إسقاط المبادرة لخلفياتها السياسية المعروفة"، مشيرة إلى أن كافة هياكلها مستعدة إلى التصدي لمشروع ائتلاف الكرامة.
وجددت الجامعة العامة للإعلام "رفضها لهذه المبادرة التي تشكل خطرا وتهديدا حقيقيا لحريّة الإعلام في تونس، وتهدف إلى المس من استقلالية الهائكا والتراجع عن المكتسبات الضامنة لحرية الإعلام بالنظر إلى المعايير المنظمة لحريّة الاتصال السمعي والبصري".
وقالت الجامعة إن "إلغاء تراخيص البثّ الذي نص عليه القانون المقدم هو مخالف بالكامل لمفهوم التّعديل وضرب في الصّميم لأيّة هيئة تعديليّة. وبالتّالي فإن هذه المصادقة مخالفة للدّستور الذي نصّ في مادّته 127 على أن "تتولى هيئة الاتصال السمعي البصري تعديل قطاع الاتصال السمعي البصري وتطويره، وتسهر على ضمان حرية التعبير والإعلام، وعلى ضمان إعلام تعددي نزيه. تتمتع الهيئة بسلطة ترتيبية في مجال اختصاصها وتستشار وجوبا في مشاريع القوانين المتصلة بهذا المجال".
وحذرت الجامعة "من تحويل المؤسسات الإعلامية إلى دكاكين إعلامية لترويج الخطاب المتطرف و دكاكين للمال الفاسد"، داعية الحكومة، إلى التسريع بتقديم مشروع القانون الأساسي المتعلق بحريّة الاتصال السمعي البصري المتكامل في أقرب الآجال إلى مجلس نواب الشعب.
وكانت صادقت لجنة الحقوق والحريّات بالبرلمان، الأربعاء الماضي، بأغلبية أعضائها من الإخوان على مبادرة مشروع القانون الذي قدّمته كتلة ائتلاف الكرامة في شهر مايو الماضي لتعديل بعض فصول المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المنظم لحريّة الاتصال السمعي والبصري وتعديله على مقاسه ومقاس حلفائه في البرلمان.
اقرأ أيضا:
شغل أبالسة.. هكذا تبتز "النهضة الإخوانية" رئيس حكومة تونس
وصوتت كتل حركة النهضة "قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" الذي يعرف لدى التونسيين باسم "بار شوك النهضة" (مصد صدمات النهضة) لفائدة مشروع القانون في حين احتفظ نواب الكتلة الديمقراطية، في مقابل تصويت نواب الحزب الدستوري الحر ضد التعديل.
واستمعت لجنة الحقوق والحريات في جلسات سابقة إلى الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي أكدت رفضها لهذا التعديل.
واعتبرت اللجنة أن اقتصار هذه المبادرة على تنقيح بعض فصول المرسوم هو تأكيد لنوازع المماطلة والتفصي من أحكام دستور 2014، الذي نصّ على ضرورة سن القوانين الأساسية تعويضًا للمراسيم واستكمال بناء المؤسسات الضامنة لعلوية القانون.
وأوردت وكالة تونس إفريقيا للأنباء عن اللجنة قولها أن الاكتفاء، في هذه المبادرة، بتنقيح بعض فصول المرسوم، بغاية إعادة تركيبة مجلس "الهايكا" وطرق اختيارها عبر الانتخاب من قبل البرلمان بأغلبية مطلقة غير الأغلبية المعززة الدستورية، بحجة حلّ إشكال المدة القانونية للهيئة، إضافة إلى “الخيار الخطير بإلغاء نظام الإجازات الممنوحة لمنشآت الاتصال السمعي البصري الخاضعة لكراسات الشروط وتعويضه بنظام التصريح، يعكس ظاهريًا عدم إلمام أصحاب المبادرة بدور التعديل وبإشكاليات القطاع السمعي والبصري وقلة معرفتهم بخصوصياته وعدم وجود رؤية جدية لديهم نحو مزيد حوكمة القطاع وتأمين شفافيته وتنوعه وتعدّده.
وأضافت اللجنة إن القانون "يخفي نوايا بعض الأحزاب الرامية لوضع اليد على قطاع الإعلام من خلال إخضاع الهيئة التعديلية المستقلة للمحاصصة الحزبية ولسيطرة مراكز النفوذ الخفية".
الجدير بالذكر أنه يوجد أكثر حزب من بين الكتل التي صوتت لتمرير القانون يمتلك رؤساؤهم وسيلة إعلام بصفة غير قانونية في تونس ويخالفون القوانين الخاصة بالبث وبوسائل الإعلام منذ سنوات، وهما نبيل القروي رئيس "قلب تونس" الذي يمتلك "قناة نسمة" الخاصة والنائب عن "حزب الرحمة" الإسلامي المعروف بفكره المتطرف سعيد الجزيري، الذي لا يملك التراخيص اللازمة لقناة "الزيتونة" التي يمتلكها، وصاحب إذاعة "القرآن الكريم" المقرب من حركة النهضة، بحسب "ميدل إيست أون لاين".
وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، في فبراير الماضي، أنها استكملت إجراءات إحالة ملفات القنوات غير الحاصلة على إجازة والتي تبث بطريقة غير قانونية، من بينها "قناة نسمة" وقناة "الزيتونة" وإذاعة (راديو) "القرآن الكريم" على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
وكانت "الهايكا" خاضت معركة شرسة ضد تلك القنوات والإذاعات المارقة عن القانون واعتبرت أن وسائل الإعلام الخاصة المذكورة هي "قنوات غير قانونية باعتبارها تبث دون الحصول على إجازة من الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري بوصفها الجهة الوحيدة المختصة قانونا بمنح إجازات إحداث واستغلال منشآت الاتصال السمعي والبصري وفق القانون.
كما أكدت الهيئة أن استمرار هذه القنوات في البث خارج إطار القانون هو مظهر من مظاهر الفساد ومن واجب مؤسسات الدولة على اختلاف اختصاصاتها التعاضد من أجل محاربتها نصرة لعلوية القانون والمساواة أمامه.
وعاقبت الهايكا في سبتمبر 2019 إذاعة “القرآن الكريم" بدفع غرامة مالية تقدر ب 10 آلاف دينار بسبب الإشهار السياسي لفائدة "حزب الرحمة"، كما سلطت مرة أخرى غرامة مالية على مالكها في يناير الماضي قيمتها 50 ألف دينار.
وقال عضو الهايكا هشام السنوسي في تصريحات صحفية إن مصادقة لجنة الحقوق والحريات على القانون الذي تقدم به ائتلاف الكرامة "يعد منعرجا خطير يمثل تهديدا لحرية الاعلام وتهديدا للمسار الديمقراطي عموما.
وأضاف السنوسي "نحن اليوم أمام مسرحية سيئة في صياغتها ومسرحية تسيئ للمشهد السياسي في تونس"، مشيرا إلى ان هذه المبادرة "ستفتح الباب أمام الفاسدين وستمكنم من وضع أيديهم على قطاع الاعلام وستمكن كل من هب ودب من بعث اذاعات وتلفزات".
وكتب السنونسي على صفحته في فيسبوك "مهازل السياسية في تونس النهضة تصادق على مشروع قانون الإعلام السمعي والبصري في الحكومة وتصوت لصالح مبادرة معاكسة له في البرلمان".
من جهته ندد نقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغوري بمشروع القانون واعتبره "تمديدا للإرهاب". وكتب على صفته في فيسبوك "قريبا في تونس.. إذاعة داعش و تلفزيون جبهة النصرة وقناة جند الخلافة ..تنقيح المرسوم 116 كما تريده النهضة وإتلاف الكرامة وقلب تونس. الإرهاب يتمدد في حضن الدولة".
من جهتها أكدت منظمة "بوصلة" (غير حكومة ومستقلة) في بيان لها "رصد جملة من الإخلالات في مسار مقترح القانون المقدم من قبل نواب ائتلاف الكرامة.
وأشارت المنظمة إلى "وجود شبهة تضارب مصالح لدى جهة المبادرة (كتلة ائتلاف الكرامة) وأعضاء مكتب لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية المتعهدة بالنظر"، مبينة أن "رئيسة اللجنة تنتمي إلى كتلة قلب تونس ونائب الرئيس ومقرر اللجنة ينتميان إلى كتلة ائتلاف الكرامة".
وأوضحت أن مقترح القانون ينص على حذف شرط الترخيص لإحداث القنوات الفضائية والإذاعية "وهو ما من شأنه أن يمكن بعض الأطراف المنتمية للكتل المذكورة وبعض الأطراف الموالية لها من تسوية وضعية قنواتها وإذاعاتها غير القانونية".
كما أكدت خرق النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب بمنع النائبة مريم اللغماني المنتمية للكتلة الوطنية من المشاركة في أعمال اللجنة وممارستها لدورها التشريعي على اعتبار ضرورة تعويضها بنائبة عن كتلة قلب تونس على إثر معاينة شغورات في اللجنة.
وقالت إن النائبة انضمت إلى لجنة الحقوق والحريات على إثر تكوين الكتلة الوطنية ولم تكن تنتمي إلى اللجنة باسم كتلة قلب تونس "وهو ما من شأنه أن يعزز وجود شبهة تضارب المصالح وإرادة الكتل (ائتلاف الكرامة وقلب تونس) للسيطرة على الأغلبية داخل اللجنة لفائدة تمرير مقترح القانون بالقوّة".
وشدّدت "بوصلة" في نفس الوقت على أن اللجنة سارعت في تخصيص اجتماع الثلاثاء والأربعاء للنظر في فصول مقترح القانون والتصويت عليه رغم دعوة عدة أطراف على رأسهم نقابة الصحفيين التونسيين والهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري بالتراجع على مقترح القانون نظرًا لوجود شبهات تضارب المصالح الواضحة، إلى جانب دعوتهم إلى فتح ملف الهيئة الدستورية للاتصال السمعي البصري بشكل أعمق وشامل من خلال النظر في مشروع قانونها الذي صادق عليه المجلس الوزاري.
كما بيّنت المنظمة أنه لم يتم الإعلان مسبقًا عن موعد اجتماع اللجنة المخصص للمصادقة على مقترح القانون على الموقع الرسمي لمجلس نواب الشعب "مما يعد خرقًا للنظام الداخلي وضربًا لشفافية أعمال اللجنة على الرغم من أهمية وحساسية الموضوع".