«موائد الرحمن».. خرجت من جامع عمرو بن العاص ومنعتها كورونا
السبت، 02 مايو 2020 02:41 م
تعد موائد الرحمن من أهم المظاهر الرمضانية التي تعكس التراحم والتكافل بين أبناء الشعب الواحد إلا أن تلك الموائد مرت بعدد من الأزمات جعلت أصحابها يمتنعون عن إقامتها لينتهي بها الحال بالمنع بأمر كورونا.
الموائد التي تجاوز عمرها مئات السنين كانت بدايتها مع ظهور الإسلام عندما نظم الرسول "علية الصلاة والسلام" وليمة لوفد الطائف حينما قدموا للمدينة لمبايعته فكان النبي يرسل لهم السحور والإفطار مع بلال بن رباح.
وفي عهد مؤسس الدولة الطولونية أحمد بن طولون، تم إقامة "مائدة رحمن" كوليمة لكبار التجار والأعيان اول يوم في رمضان ليلقي عليهم قراراته بفتح منازلهم للفقراء والمحتاجين.
جامع عمرو بن العاص
كان البداية الحقيقية لمائدة الرحمن كما عرفناها بعد ذلك والتي تقام لنيل الثواب والتكافل ما بين الأغنياء والفقراء في عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي الذي أقام مائدة بلغ طولها حوالي 175 مترًا بمحيط مسجد عمرو بن العاص، ليخرج من قصره 1100 قدر من الأطعمة والتي كانت توزع على الفقراء والمحتاجين ليطلق عليها الفاطميون في ذلك الوقت "دار الفطرة" وكان من أشهر أصحاب الموائد في تلك الفترة هو الأمير "ابن الضرات" حيث كان يعد موائد بطول 500 متر وكان يجلس على رأسها وأمامه 30 ملعقة من البلور يأكل بكل ملعقة مرة واحدة ثم يتركها ويستخدم غيرها.
بنك ناصر الاجتماعي
منذ عام 1967 أصبح بنك ناصر الاجتماعي مسئول عن الإشراف على موائد الرحمن والتي يتم توفير نفقاتها من أموال الزكاة والصدقات وكان أشهرها المائدة التي تقام بجوارجامع الأزهرالشريف والتي كان يفطر عليها ما يقرب من 4000 صائم طوال شهر رمضان، وذلك بجانب موائد الرحمن التي تقيمها الجمعيات الخيرية لتصبح مع مرور الوقت عادة رمضانية يقوم فاعلي الخير من رجال الأعمال والأغنياء بالإنفاق عليها لتصبح الشوارع في كل رمضان مليئة بموائد الرحمن في مشهد إنساني جميل يعكس ما بداخل المصريين من قيم إيجابية.
موائد الرحمن والانتخابات
مع انتشار موائد الرحمن بدأ استخدامها لاغراض أخرى بعيدا عن الدين خاصة وقت الانتخابات أو قرب موعدها ليتنافس رجال الاعمال والمرشحين في تقديم أفخم وأجود الأنواع من الأطعمة والتي كانت تقدم على يد أشهر الطهاة وذلك لضمان الحصول على أصوات عدد كبير من أبناء الدائرة كلا حسب محافظته.
الحلال والحرام
لم تدخل موائد الرحمن عالم البيزنس والسياسة فقط بل امتدت لتدخل عالم المشاهير ليتنافس عدد من الفنانين وبعض الراقصات على إقامتها وكانت من أشهرها مائدة الراقصة "فيفي عبدة" والتي اعتادت على إقامتها في شارع جامعة الدول العربية ولم تكتف بذلك إلا أنها كانت حريصة على تناول الإفطار مع ضيوف المائدة أكثر من مرة خلال الشهر.
وأعدت "لوسي" أيضا مائدة رحمن بشارع محمد علي لسنوات طويلة، بالإضافة للفنانة شريهان والتي كانت حريصة هي الأخرى على إقامة مائدة رحمن كبيرة بمنطقة الزمالك قبل أن تقيم مائدة أخرى بالمنصورية حيث محل أقامتها، ليمتد ذلك العمل الذي في أساسه خيرللفقراء، لتثير موائد الراقصات والفنانين حالة من الجدل ما بين الحلال والحرام وما حكم الشرع في من يتناول الإفطار عليها.
الغلاء وشروط الاقامة
دخلت موائد الرحمن كأي شيء ضمن أزمة الغلاء وارتفاع الأسعار ليتقلص عددها وتصبح الوجبات التي تقدم فيها ليست بنفس الشكل السابق لها، ليكون ذلك أول مسمار في نعش موائد الرحمن حتى جاء ما أقرته وزارة التنمية المحلية ورفضه الكثيرون من ضرورة الحصول على تراخيص طبقا لـ 5 شروط يتم من خلالها إقرار القائم بها بعدد من التعهدات ما بين النظافة والحماية المدنية والحي وهو ما جعل الكثيرون يعزفون عن إقامتها.
جائحة كورونا
جاءت أزمة كورونا لتنهي تماما على إقامة موائد الرحمن بعد أن تم منعها بجانب الخيام الرمضانية والندوات الدينية والثقافية خلال الشهر الكريم وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمواجهة فيروس كورونا والخاصة بالتجمعات، لتتحول موائد الرحمن إلى أفكار أخرى كتوزيع وجبات يومية ووضع الطعام مغلف أمام المنازل لمن يريد وجميعها طرق حاول أصحابها من خلالها عدم قطع عادة إطعام الفقراء.