بوجبات مغلفة وكراتين.. مصير شيفات موائد الرحمن بعد إلغائها بسبب كورونا

الأحد، 19 أبريل 2020 08:00 م
بوجبات مغلفة وكراتين.. مصير شيفات موائد الرحمن بعد إلغائها بسبب كورونا
موائد رحمن

في كل عام يكون شيفات موائد الرحمن على أهبة الاستعداد لاستقبال شهر رمضان، الجميع في مكانه، مع أواني نظيفة ومواقد جاهزة بعد صيانتها، وخامات متوفرة، وفريق عمل ماهر ينتظر لحظة إعلان دار الإفتاء المصرية قدوم أول يوم من الشهر الكريم.

هذا العام جاء مختلفًا مع قرار صادم يجب اتباعه لصالح البلاد والعباد، حيث منع إقامة موائد الرحمن لمنع التجمعات للحد من انتشار فيروس كورونا التاجي، الامر الذي سبب صدمة بالنسبة لهم ولكنهم قادرون على الصمود أمامها، فماذا سيفعلون هذا العام.

التقت صوت الأمة مع مجموعة من طباخي موائد الرحمن عن خططهم في شهر رمضان، حيث قال الشيف إبراهيم يحيي من مدينة القنطرة شرق في بداية حديثه: في العام الماضى كانت تقام الموائد في كل مكان خلال الشهر الكريم، كنت أقوم مع فريق عملى بعمل موائد رحمن لشركات خاصة ومجموعة من الأفراد يتشاركون لإقامة مائدة، ورجال عائلات اعتادوا إقامتها على الطرق السريعة لإطعام المسافرين.
 
يتذكر إبراهيم بصوت يشوبه الحنين لهذه الأيام:  كنا نستيقظ مبكرًا ونظل تحت ضغط العمل حتى الساعة السادسة قبل المغرب، ولكننا كنا نعمل بسعادة غامرة، أما هذا العام فالأمر تبدل بعد قرار منع إقامة موائد الرحمن، كنت أتوقع هذا القرار فلا مفر منه، القرار سيأتى علينا بالسلب جميعًا، حيث يعمل معى مجموعة من الطهاة المهرة ينتظرون هذا الشهر كونه شهر البركة، فموائد الرحمن والعزومات  كانت تدر عليهم رزقًا وفيرًا يساعد على المعيشة طوال العام، وعلى الرغم من تلك الخسائر إلا إن ذلك في صالحنا جميعًا.
 
 
وقال إبراهيم: بعد حديث مطول مع أصحاب الموائد لم يكن هناك بديل سوى عمل وجبات مغلفة وتقديمها للناس بدلًا من أن يأتي ويتناول طعامه في المائدة خوفا من انتشار الـ"كورونا" وهذا بديل ممكن من خلاله تقديم الثواب كما اعتدنا كل عام، وستكون الوجبة عبارة عن "لحوم، أو فراخ، أو سمك، مع أرز، وخضار وسلطة،بالإضافة إلى العصير والحلويات" سنقضي يومنا كما اعتدنا في الأعوام الماضية نستيقظ مبكرًا ونقوم بالطهى الطعام وتجهيز العلب المغلفة "بوكسات" وغلقها جيدًا ثم يقوم الرجال بتوزيعها على الناس الذين اعتادوا المجىء إلى المائدة كل عام ، كما أننا سنكون على الطرق السريعة لنقدم نفس الوجبة للمسافرين.
 
وأضاف إبراهيم: في الأعوام الماضية كنا نعمل أكثر 5000 وجبة كل يوم في موائد الرحمن التي كانت تقام، ولكن هذا العام ستقل نوعًا ما عن ذي قبل بسبب الظروف الحالية، سنقوم بعمل ما يقرب من 3000 وجبه، كما أننى كنت أتقاضي أجر الوجبة في السنوات الماضية ما بين 5 إلى 6 جنيهات، ولكن رمضان الحالي ستكون من 3 إلى 4 جنيهات للوجبة، وسيوزع الأجر على العاملين معى.
 
أما عن العزومات التى اعتاد المصريون إقامتها في شهر رمضان قال إبراهيم: ستكون بالطلب، سيحدد الطالب ما يريده في العزومة وسأقوم مع المساعدين لي بتجهيزها وسيتم استلامها قبل المغرب بساعة، وتابع:" رمضان السنة دى هيكون مختلف مافيش فيه روح الجماعة الحلوة إللى اعتدنا عليها طول السنين اللى فاتت، لكن عشان صحتنا وعشان الأزمة تعدى لازم تسنحمل ونلتزم ".
 
جاءت الـ"كرورونا" على العالم فخذلته، ولكن هناك مصريون لم يستسلموا لها يسارعون لفعل الخيرات بالطرق الوقائية التي قررتها الحكومة في ظل العزل المنزلي، عم رضا صابر يعمل طباخ موائد وعزومات في مركز منشأة القناطر يقول: "طول عمرى كنت بدعى ربنا أنى أكون من إللى بيخدموا في موائد الرحمن، وبقالى دلوقتى 13 سنة بخدم في مائدة الوحدة الوطنية في شبرا، عمرى ماتخيلت أن ممكن ييجي يوم وما يكونش في مائدة رحمن القرار صعب علينا كلنا، لكن اللى يعوضنا إننا بقالنا حوال 5 سنين بنعمل وجبات للناس بتيجى تاخدها جنب أكل المائدة، ولكن السنة دى هنعمل وجبات بس ونوزعها على الناس لحد البيت".
 
وتابع "صابر": "السنة دى هنعتمد على البقوليات الفاصوليا واللويبا بس، لأننا كل سنة كنا بنعمل إللى كان الصايمين بيطلبوه مننا مثلًا" الملوخية، سبانخ ، بامية، أو أي حاجة يحبها الصايم"، لكن السنة دى ما ينفعش لأن مش هيكون في تجمعات للناس، كما هنعمل لحوم وفراخ وسمك كل يوم صنف مختلف، مع الرز والفاكهة والعصير".
 
وأضاف "الطباخ": "في ناس في مائدة اقترحت عمل كراتين ونقدمها بدل الطبيخ، بس ده مش هيكون مجزى للصايمين لأنهم في المعتاد بيجوا كل يوم عشان الفطار الصايمين طول الشهر لكن الكرتونة يمكن ما تكفيهومش، وهيكون في الكرتونة فاصوليا، فول، سكر، زيت، سمنة، أرز، مكرونة" وعن العزائم قال:" مافيش عزايم السنة دى خالص، كورونا زعلت الناس ".
 
أما أشهر طباخ لموائد الرحمن في القاهرة، عم سعيد شيف طباخ مائدة رحمن السيدة نفيسة والذى اعتاد عمل وجبات الصائمين بالمائدة من أكثر من 20 عامًا، يقول"سعيد":"كلنا زعلانين كنا بنروح من يوم 23 شعبان للمكان المخصص لينا عشان نجهز حاجتنا أنا وعيلتى كاملة زوجتى وأولادى وأزواج بناتى، كلنا بنكون في خدمة المائدة والصايمين، في رمضان السنة دى هنعمل وجبات ونوزعها على الصايمن في نفس المكان السيدة نفيسة، وهتكون في حدود 1000 وجبة يوميًا، كل الخامات جاهزة لكن مستنيين، أصحاب المائدة يأكدوا علينا نشتغل، في السنين اللى فاتت كنت باخد على حسب الوجبة والشغل اللى فيها، لكن السنة دى هيكون الأجر أقل عشان ظروف البلد، الفرحة الوحيدة اللى كانت تملا عليا حياتي وتنسينى التعب  طول اليوم هى فرش المائدة للصائمين وإطعامهم، إحساس مش ممكن وصفه وخصوصًا لما اسمع كلمة تسلم ايدك يا سعيد".
 
ويضيف : ومع كل هذا فهناك آيات القرآن ستعلو وتملأ الآذان، وستجد الأيادى تتسابق لتقديم وجبة إفطار ولكن هذا العام ستكون داخل صندوق مغلف ومحكم لإطعام الصائمن، إطعام الطعام في مصر عادة وموروث يتسابق عليه أهل الخير ويقدمونه في جميع أشكاله، وإذا كان هناك قرار بمنع موائد الرحمن فهناك بدائل كثيرة للمصرين لينالوا بها الثواب من الله عز وجل.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة