أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، على استمرار غلق المساجد في شهر رمضان المعظم، قائلاً إن المسموح به فقط داخلها خلال شهر رمضان المبارك في ظل الظروف الراهنة هو رفع أذان النوازل دون سواه، وذلك فى المساجد دون الزوايا والمصليات.
وخلال كلمة له، قال جمعة: إن أبواب الرحمة في هذا الشهر الكريم واسعة، من صيام، وصلاة، وذكر، وقراءة قرآن، ودعاء ، وإنفاق في سبيل الله عز وجل ، فالمؤمن الحقيقي هو من يكف فيه عن الجدل وينشغل فيه بالعمل راجيًا القبول ، بعيدا عن الحقد والحسد والكيد والمكر ، لأن الله عز وجل لا يصلح عمل المفسدين ، إنما يتقبل من المتقين، وعلينا أن نسارع ونسابق فى المتيسر من الخيرات و أبواب الرحمة والخير في ضوء المتاح والمباح ، وألا نتشبث بالمتعذر فنضيع المتيسر، فإن الله عز وجل لا يكلف نفسًا إلا وسعها فى المتاح والمتيسر، والعبرة بإخلاص النية لله عز وجل فى العمل.
وصلى وزير الأوقاف جمعة اليوم الأول من رمضان 1441هـ ظهراً فى بيته، حسب قوله، مضيفاً: صلوا في بيوتكم.
وتابع جمعة ينبغى ألا نذهب حسناتنا في الجدل، أو نحرقها بالغيبة والنميمة ، ناهيك عن الكذب والافتراء، و ترويج الشائعات والأباطيل ، والخروج على مقتضى الصيام والقيام، فالصائم الحق لا يكذب ، ولا يغش ، ولا يخون ، ولا يغدر ، ولا يمكن أن يكون سبابا أو فاحشا أبدا، "وإن ساببه أحد أو شاتمه فليقل إنى صائم".
وتابع: ما اتخذناه من قرارات تتعلق بشأن تعليق الجمع والجماعات وصلاة التراويح بنيناه علميًّا على رأى أهل العلم والاختصاص من الجهات الطبية وعلى رأسها وزارة الصحة المصرية ومنظمة الصحة العالمية اللتين أكدتا ولا زالتا تؤكدان على خطورة التجمعات في نقل العدوى بفيروس كورونا المستجد، وفقهيا على ما علمنا ديننا الحنيف إياه من أن حياة الساجد قبل عمارة المساجد، وأن الحفاظ على النفس من كل ما يعرضها للهلاك من المقاصد الضرورية الكلية لديننا الحنيف.
وبخصوص صلاة التراويح، أشار جمعة إلى أن الإمام مسلم قد أفرد في صحيحه في كتاب المساجد بابًا لاستحباب صلاة النافلة في البيت ، تحت عنوان: " باب استحباب النافلة فى بيته وجوازها فى المسجد"، وهنا عليك أن تتأمل في فقه العنوان الذى أضفى صفة الاستحباب على صلاة النافلة في البيت وصفة الجواز على صلاتها في المسجد، وذلك لقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) فى الحديث الذي أخرجه الشيخان : الإمام البخاري والإمام مسلم في صحيحيهما عن سيدنا زيد بن ثابت (رضى الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ ؛ فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ"، والحديث في أعلى درجات الصحة.
وأخرج الترمذي في سننه عن سيدنا زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ (رضي الله عنه)- أيضا - ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: " أَفْضَلُ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ " ، سنن الترمذي : أَبْوَابُ الصَّلَاةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَابٌ : مَا جَاءَ فِي فَضْلِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ .
وذكر أهل العلم أن لصلاة النافلة في البيوت فوائد ، منها : حصول البركة بالصلاة فيها ، وشهود الملائكة لها ، ونفرة الشيطان منها .
أما بخصوص صلاة قيام رمضان ( التراويح ) ، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن سيدنا زَيْدِ بْنِ ثَابِت (رضي الله عنه) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) اتَّخَذَ حُجْرَةً ، قَالَ : حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ : مِنْ حَصِيرٍ فِي رَمَضَانَ فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : " قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ ؛ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ " ( صحيح البخاري ، كِتَابُ الْأَذَانِ بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ ، حديث رقم٧٣١).
وإذا كان الرأي على جواز صلاة التراويح في البيت وصلاتها في المسجد ، مع ترجيح لهذا أو ذاك ، فإن ذلك كله مرتبط بالأحوال العادية الطبيعية ، لكن الأمر مختلف في أوقات النوازل والجوائح التي يتقدم فيها الحفاظ على النفس على ما سواه ، وإذا كان رأي أهل العلم قد أجمع على تعليق الجمع والجماعات في المساجد حفاظًا على النفس البشرية ، من باب أن الساجد قبل المساجد ، وأن الحفاظ على حياة الساجد من الهلاك أولى من عمارة المساجد ، فإن تعليق صلاة التراويح في المساجد أولى ، وإذا كان أهل العلم والاختصاص قد أكدوا أن إقامة الجمع والجماعات بالمخالفة لقرارات جهات الاختصاص إثم ومعصية فإن جمع الناس للتراويح في المساجد أو الساحات أو البدرومات أو أسطح المنازل بالمخالفة لتوجيهات جهات الاختصاص ، بما قد يسهم في نقل العدوى بفيروس كورونا ويعرض حياتهم للخطر هو من باب أولى إثم ومعصية.
وعلينا أن نتذكر أن الذي علمنا أن نقول فى الأذان: (حي على الصلاة ) هو رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الذي علمنا أن نقول فى أذان النوازل ( ألا صلوا في رحالكم ) .
وعليه نؤكد :
1 - أن المسموح به في المساجد خلال الشهر الكريم شهر رمضان المبارك في ظل الظروف الراهنة هو رفع أذان النوازل دون سواه ، وذلك في المساجد دون الزوايا والمصليات ، حيث يستمر غلق الزوايا غلقا تاما ، مع تأكيد الوزارة على ضرورة الالتزام برفع أذان النوازل بجميع المساجد دون تقصير فى ذلك، سائلين الله (عز وجل) أن يعجل برفع البلاء عن البلاد والعباد، عن مصرنا العزيزة وسائر بلاد العالمين.
2 - أننا نؤمل في وعي الشعب المصري العظيم وعمق حضارته وتفهمه لطبيعة الظرف الراهن ومساعدة جميع مؤسسات الدولة في إجراءاتها الوقائية والاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا ، لنتمكن معًا بفضل الله (عز وجل) ثم بالتزامنا بكل الإجراءات الوقائية، وتضرعنا بصدق إلى الله (عز وجل) أن نعبر ببلدنا إلى بر الأمان.
3 - أن إنهاء الخدمة عقوبة من يخرج على تعليمات الوزارة أو يحرض على الخروج عليها ، وفِي حالة مخالفات تعليمات الوزارة بشأن تعليق الجمع والجماعات بالمساجد في التراويح أو غيرها ستكون العقوبة إنهاء خدمة جميع العاملين بالمسجد إماما وعمالا وكل من قصر في عمله بما أسهم في وقوع المخالفة بلا أي تردد أو توان وبكل حسم ، وأنه لا مكان في وزارة الأوقاف لأى شخص يحمل فكرًا متطرفًا أو عقلًا متحجرًا.