موسم جني الثمار
الأربعاء، 22 أبريل 2020 02:37 م
على مدار السنوات الماضية تحملنا الكثير من الأعباء الاقتصادية، وتذمر البعض واعتبر أن ما تقوم به الدولة من مشاريع قومية وخطوات اقتصادية ماهو إلا مضيعة للجهود والأموال، وشكك البعض الآخر في النتائج، وسخر آخرون واسهزؤا وأوهموا غيرهم بأنهم خبراء اقتصاديين، إلا أن الحكومة أصرت على المضي قدما في طريقها لأنها على ثقة أنها ترسخ لقواعد اقتصاد قوي يستطيع الصمود في الأزمات.
وها هي أزمة (كورونا ) التي ألمت بالعالم كله وأثرت على أكبر اقتصاديات العالم حتى أن مواطني بعض الدول العظمى والغنية أصبحوا يعانوا من نقص في المواد الغذائية والطبية، وفقد العديد من البشر وظائفهم، واهتز العالم بشدة، إلا أن مصر بفضل الله وبجهود الحكومة استطاعت الثبات، وبرغم من محاولات هدمها وكسرها في السنوات الماضية إلا أنها أبت السقوط وظلت تعمل بكل طاقتها للحفاظ على وضع اقتصادي وسياسي قوي و"قد حدث"، لدرجة أن مصر أصبحت اليوم تقدم مساعدات لدول عظمى مثل الصين وإيطاليا والولايات المتحدة بدلا من أن تستجدي أو تتسول مساعدات، كما أنها حلت محل دول كثيرة في تصدير المنتجات الغذائية والزراعية لتسد حاجة دول أخرى في تلك الأزمة، حتى أن بعض ممن كانوا يضعون شروطا وقيودا على المنتجات الزراعية المصرية رفعوها اليوم كي يطعموا شعوبهم وعرفوا في الأزمة قيمة مصر، وعادت خزائن الأرض تكفي احتياجات شعبها، وتمد المحتاج باحتياجاته من سلة الغذاء المصرية.
من يطالع الأخبار هذه الأيام سيسعد وبشدة ويشعر بالفخر والطمأنينة بتقييم المؤسسات الكبرى للاقتصاد المصري، فبعد أيام من إشادة صندوق النقد الدولي بأداء الاقتصاد المصري، وتوقعاته بمواصلته تصدر معدلات النمو في المنطقة، وأيضاً توقعاته باحتلال مصر للمركز السادس عالمياً ضمن 18 دولة فقط ستشهد نمواً اقتصادياً عام 2020، طالعنا أمس توقعات أيضا لوكالة «موديز» العالمية للتنصيف الائتمانى نمو الاقتصاد المصرى بنسبة 4.4% بنهاية العام المالى الحالى 2019/ 2020 والذى ينتهى فى يونيو المقبل، مشيرة إلى أن ثمار الإصلاحات الاقتصادية لمصر والتي تمثلت في توافر احتياطي قوي من النقد الأجنبي وقاعدة تمويل محلية واسعة النطاق وواردات تكفي تغطية مدفوعات الدين الخارجية، أسهمت جميعها في خلق منطقة عازلة تجنب الاقتصاد المصري عاصفة نزوح رؤوس الأموال التي اجتاحت غيره من الأسواق الناشئة في أعقاب تفشي جائحة فيروس «كورونا».
وقالت الوكالة إن نظرتها الائتمانية للاقتصاد المصري تنبع من تزايد قدرته التنافسية المدعومة بتحسن أداء العملة المحلية عقب قرار تحرير سعر صرف العملة في 2016، وتطوير حقل ظُهر للغاز الذي ساهم في تدعيم النشاط الاستثماري بقطاعات الطاقة وغيرها من القطاعات الأخرى ، كما أن المؤسسة الائتمانية منحت درجة «ba» في تقييمها لفاعلية السياسة المالية المتّبعة في مصر لتعكس التحول الهيكلي نحو تحقيق فوائض أولية للحكومة ابتداءً من العام المالي 2019، والاتجاه نحو توفير فائض بنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد على مدى السنوات القليلة القادمة، وإن كان سيتعرض حالياً لضغوط على المدى القريب ناجمة عن تفشي فيروس «كورونا» ، كما أن «موديز» منحت درجة «ba» لكفاءة السياسات النقدية والاقتصادية الكلية بمصر، عاكسةً نجاح جهود البنك المركزي في إبقاء مستوى الأسعار مستقراً نسبياً منذ أن قرر تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار في 2016 لتسجل بعدها معدلات التضخم تراجعات قياسية متتالية تتماشى مع النطاق المستهدف من البنك.
في ظل أزمة اقتصادية عالمية جاءت تلك الإشادات الدولية بعيدا عن التطبيل أو التضليل لتؤكد لنا أن خطوات الحكومة كانت مدروسة وتهدف لمصلحة الوطن والمواطن وها قد بدأنا في جني الثمار.. وغدا أفضل إن شاء الله .