متى يصمت تجار الموت؟
الأحد، 05 أبريل 2020 02:50 م
يقول مولانا عز وجل :" مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ".
ورغم إيماننا الكامل بحكمة الآية الكريمة التي تقرر قانونًا إلهيًا لا يمكن لأحد اختراقه، فإن بعضهم يناطح الآية متمنيًا إبطال مفعول قانونها الرباني ، هؤلاء الذين قصدهم المثل الشعبي الذي يقول :" لا يرحم ولا يخلي رحمة ربنا تنزل".
صدر المثل صحيح تمامًا ونحن نراه بعيوننا ، أما عجزه فباطل لن ينتصر أبدًا ، فلم يخلق ولن يخلق الذي يمنع رحمة الله من النزول على أفئدة عباده.
نرى الدولة المصرية الآن وهى تسابق الزمن للتصدي لوباء يغزو أقوى دول العالم ، حتى يكاد يدمرها تدميرًا ، فتناشد الدولة كل الذين لا ضرورة تحتم عليهم النزول إلى الشوارع بالمكوث في بيوتهم ، وفي سبيل ذلك ضحت الدولة بموارد هائلة وذلك بتقليل حجم العمالة في مؤسساتها ومصانعها ، هذا تفعله الدولة مشكورة ، فيأتي الذي لا يرحم متمنيًا منع رحمة الله.
يبدأ بإطلاق قنابل دخان تصرف الناس عن رؤية حقيقة الوضع ، فيروج بأن الاقتصاد سينهار وبأن البلد على حافة المجاعة.
بعد قنبلة الدخان تلك يبدأ في ترديد مقولات من عينة : إذا كان الموت بوباء كورونا وراد فإن الموت بالجوع أكيد.
يقصد بجملته الملتوية هذه دفع الناس إلى النزول إلى الشوارع وبأن تعود آلة العمل تهدر بأقصى ما تستطيعه من جهد!.
ثم يكشف عن نيته ويخلع عنه كل الأقنعة ويمسك بورقة وقلمًا ويبدأ في إحصاء خسائر الاقتصاد ، يظل يلف ويدور ويحاور ويناور إلى أن يصل إلى محطته الحقيقية ، وهى ضرورة نزول الناس إلى الشارع وليكن ما يكون!.
ثم يحرض جماعته الذين لهم نفس أفكاره على التعسف مع العمال وإجبارهم على العمل والبقاء في عنابرهم المزدحمة ، وكأن شيئًا لم يكن وكأن الزحام ليس البيئة المثلي لنشر وباء فتاك.
هؤلاء الذين لا يرحمون ويتمنون عدم نزول رحمة الله ، هم بكل بساطة يفعلون مع البلد ما يفعله الفيل مع النملة ، فالنملة تظل تكد وتكدح حتى تضمن لنفسها قوتها ، فيأتي الفيل ليدهس مملكة النمل وهو لا يبالي.
الدولة ومعها قطاع واسع جدًا من الشعب يكاد يمثل الأغلبية المطلقة تخوض الآن وعلى أكثر من جبهة حربًا مفتوحة مع وباء لم يظهر علاج أكيد له حتى اللحظة ، ونحن نعرف قدراتنا وأسلحتنا ومداها ، فما معنى كل هذا الإرجاف وتخويف الناس بالموت جوعًا؟.
مع هؤلاء فقدنا كل أمل في أن يساندوا وطنهم الذي تمتعوا بخيره ، فقد أكدوا مرارًا وتكرارًا بأفعالهم بأنهم مرضى بأعلى درجات النرجسية ، حيث مصالحهم هم أولًا وقبل كل شيء ، لم نعد نريد منهم مساندة ولا رحمة ، كل ما نطلبهم منهم أن يكفوا ألسنتهم عنا وان يكفوا عن خبث أنفسهم التي تتمنى لو أمسك الله رحمته عن عباده ، فهؤلاء تجار موت لا أكثر ولا أقل ، وهم يعرفون جيدًا كيف يربحون من المصائب والكوارث ، ونحن لسنا ضعفاء أذلة ، نحن شعب يدرك معنى اللحظة التي كتب عليه أن يعيشها ، فلن نسمع لهم ولن نردد حججهم الكاذبة المراوغة التي يتقنعون بها ، ونحن الأغلبية القادرة بإذن الله على الخروج من الأزمة بأقل قدر من الخسائر ، ثم ستهدأ الأحوال وسنعمل على تعويض خسائرنا ، فلم يحدث أن متنا جوعًا ولن يحدث.