ماذا قالت «الإفتاء» عن عدم الصلاة في المساجد وقت انتشار الأوبئة؟
الإثنين، 16 مارس 2020 07:00 م
لجأت العديد من دول العالم الإسلامي خلال الفترة الراهنة بتعليق الصلاة في المساجد وبالتحديد صلاة الجمعة، كإجراء احترازى لمنع انتشار فيروس كورونا، حيث يأتي هذا الإجراء ضمن إجراءات عديدة تتبعها دول العالم لمواجهة هذا الفيروس المستجد، الذى لم يعد يمر يوما إلا ويصيب المئات من الناس، في الوقت الذى أكدت فيه مؤسسات دينية، ودعاه أزهريون، أن عدم أداء الصلاة في المساجد لمواجهة الأوبئة يعد واجب شرعى.
في البداية أجرت دار الإفتاء المصرية، بثا مباشرا عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، للإجابة على أسئلة المتابعين والتي جاء من بينها سؤال نصه: «أرجو الإفادة في موضوع الصلاة في المسجد أثناء الظروف التي نمر بها الآن من وباء عالمى؟».
وأجاب عن السؤال الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، قائلا: «هذا يتقيد بتقيد ما يقيده الفقهاء بناء على المشرع واختيار الحاكم، والدولة قالت إننا سنمنع التجمعات يجب علينا أن نلتزم بذلك، والدولة أصدرت حكما تشريعيا وأفتى بها المفتى وأفتى بها هيئة كبار العلماء وقالت نحن لا نصلى في المسجد حفاظا على حياة الإنسان، ففي هذه الحالة يجب أن نطيع أوامر العلماء والفقهاء».
وتابع عبد السميع: «في هذه الحالة تحت نقدم ما يسمى بحفظ النفس على حفظ الدين، فالشرع أمر بالصلاة في المسجد وهى فرض كفاية على رأى بعض الفقهاء، وهو والمستقر عليه والمفتى به وهو رأى الجمهور، ولكن إذا حدث ما يعرض الإنسان للهلاك من والعدوى المرض ونحو ذلك ففي هذه الحالة نقول لا تذهب إلى المسجد حتى ينتهى هذا الوباء ونطيع المشرع لأنه لم يأمر بالمعصية وإنما أراد بذلك الحفاظ على الروح والنفس».
واختتم أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية: «إذا ماذا نفعل.. نصلى جماعة في المنزل كل منا يصلى بزوجته وأولاده». من جانبه أكد الشيخ أحمد البهى، الداعية الأزهرى، أن فتوى هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بشأن المصابين بفيروس كورونا، وتحريمهم على المصاب بهذا الفيروس المستجد شهود صلاة الجمعة بالمسجد، أو الصلاه فى المساجد فتوى مناسبة للظرف الذي نمر به وتحمل مقاصد الشريعة من ضرورة حفظ أرواح الناس، قائلا: «إن المصاب بفيروس كورونا ينبغى له تجنب مخالطة الآخرين حتى لا يكون سبباً في نقل العدوى، وبالتالي يجوز له عدم أداء الصلاة في المسجد لتجنب نقل المرض للمصليين الآخرين».
فيما أكد الدكتور عـلى مُحمد الأزهـرى، عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف، أن منع المصاب بكورونا من أداء صلاة الجمعة فى المسجد واجب شرعى فى الإسلام، حيث إن المصاب بمرض فيه عدوى فلا يقترب من المساجد أو من الأماكن التى فيها مخالطة للناس حتى لا يصبح سببًا لإصابتهم بهذا المرض المعدى ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
وقال عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة والفلسفة: روى الإمام البخاري والإمام مسلم عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا ، أَوْ قَالَ : فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا ، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ) ، وروى الإمام مسلم أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فكان مما قال : (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لَا أَرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ : هَذَا الْبَصَلَ وَالثُّومَ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنْ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ ، فَمَنْ أَكَلَهُمَا فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا).
وتابع: علق الإمام قال ابن عبد البر رحمه الله في «التمهيد» على هذا الحديث فقال: «وفي الحديث المذكور أيضًا من الفقه: أن آكل الثوم يبعد من المسجد ويخرج عنه، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقرب مسجدنا أو مساجدنا لأنه يؤذينا بريح الثوم) وإذا كانت العلة في إخراجه من المسجد أنه يُتأذى به، ففي القياس: أن كل ما يتأذى به جيرانه في المسجد بأن يكون ذرب (سليط) اللسان، سفيهاً عليهم فى المسجد، مستطيلاً، أو كان ذا ريحة قبيحة لسوء صناعته، أو عاهة مؤذية كالجذام وشبهه وكل ما يتأذى به الناس إذا وجد في أحد جيران المسجد وأرادوا إخراجه عن المسجد وإبعاده عنه كان ذلك لهم، ما كانت العلة موجودة فيه حتى تزول، فإذا زالت كان له مراجعة المسجد».
واستطرد عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة والفلسفة: «بناءً عليه فإذا كان هذا هو حال آكل الثوم والبصل فما بالنا بمن به هذا المرض المعدى، فالإسلام لا يدعو لهلاك الناس، بل يدعو لحمايتهم وجاءت القاعدة لا ضرر ولا ضرار، فإذا كان هذا هو حال آكل الثوم والبصل فما بالنا بمن به هذا المرض المعدى، فالإسلام لا يدعو لهلاك الناس، بل يدعو لحمايتهم وجاءت القاعدة لا ضرر ولا ضرار لكن يمكن له أن يحضر الجمعة ويقف خارج المسجد كما ذكر صاحب حاشية أسنى المطالب» فقال: «لو كان به ريح كريه وأمكنه الوقوف خارج المسجد بحيث لا يؤذي فينبغى أن يلزمه حضور الجمعة».