كورونا vs صلاة رفع البلاء.. أزمة الفيروس القاتل على أبواب المساجد
الثلاثاء، 03 مارس 2020 02:00 م
فى الوقت الذى انتشرت فيه دعوات على جروبات مواقع التواصل الإجتماعى لإقامة صلاة جماعية بالعديد من دول العالم لرفع بلاء فيروس كورونا المستجد فيما مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أنه لا مانع شرعا من التضرع إلى الله تعالى لرفع البلاء والضرر.
يأتى ذلك عقب انتشار دعوات على السوشيال لتنظيم صلاة جماعية،اليوم الثلاثاء، يشارك فيها المسلمين في كل أنحاء المعمورة، للدعاء إلى الله للتخلص من فيروس كورونا، وبدورها أباحت دار الإفتاء تلك الصلاة الجماعية، مؤكّدة عدم وجود مخالفة شرعية في إقامتها.
"فالصلاة ستكون ركعتين لله عز وجل، ندعوه سبحانه يرفع وباء كورونا عن الأرض ونتضرع له يرحمنا برحمته، في توقيت موحد على مستوى العالم الساعة 20 بتوقيت جرينتش أي 10 مساءً في القاهرة والقدس وسوريا، و11 مساءً في مكة والكويت والعراق، و12 مساءً في الإمارات، و1 مساءً في باكستان" وفق دعوات مواقع التواصل الإجتماعي.
خلال السطور التالية نستعرض ثلاث وجهات نظر فيما يتعلق بالدعوة لصلاة عالمية لمواجهة انتشار فيروس كورونا أولها تحذير وزارة الأوقاف الأئمة من فتح المساجد وإقامة أي شعائر غير المسموح بها والانسياق وراء بعض الدعوات التي تنتشر على بعض الصفحات أو مواقع التواصل والتي تدعو إلى صلاة الغائب تارة والحاجة مرة أخرى أو الاستسقاء أو غيره دون الرجوع إلى جهة الولاية الشرعية والقانونية على المساجد وهي وزارة الأوقاف، وذلك في أول تعقيب على الدعوة لصلاة عالمية لرفع بلاء فيروس كورونا المستجد.
وأكدت وزارة الأوقاف، في بيان،أمس الثلاثاء، على ضرورة عدم الانسياق خلف أي من هذه الدعوات أو تمكين أصحابها من المسجد لتحقيق دعواتهم، وعدم القيام بأي عمل خارج المهام المكلف بها الأئمة، وعدم السماح بتمكين أي شخص من استخدام المسجد وفق ما يعن له دون الرجوع إلى جهة الولاية الشرعية والقانونية، مؤكدة أنها ستتعامل بكل حسم مع من يقحم المساجد في أي من هذه الدعوات التي تبثها مواقع التواصل بين حين وآخر، وأن تلتزم جميع المساجد بما يكلف به أئمتها من الصلوات المكتوبة وما يصاحبها من سنن ونوافل في وقتها المشروع والمحدد، دون الانسياق أو الاستجابة لأي دعوات تصدر عن صفحة أو موقع سوى موقع الوزارة الرسمي ومن خلال التعليمات الرسمية الصادرة للمديريات، لما يترتب على اتباع غير جهة الولاية الشرعية القانونية من مخاطر.
وحذرت وزارة الأوقاف بشدة من فتح المساجد لأي شخص أو مجموعة في غير الأوقات المحددة للصلاة، وشددت الوزارة على أنها ستتعامل مع من يخالف تلك التعليمات بمنتهى الحسم حال وقوع المخالفة، كما نبهت وزارة الأوقاف على جميع مديري المديريات والإدارات والمفتشين والأئمة وجميع العاملين بالأوقاف التزام أقصى درجات الحفاظ على المساجد وعدم السماح لأحد بالخروج على تعليمات الوزارة وسرعة موافاة رئيس القطاع الديني بأي مخالفة.
أما مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية فقد قال أنه لا مانع شرعا من التضرع إلى الله تعالى لرفع البلاء والضرر وجاء ذلك في رد المركز على أحد الأسئلة التي وجهت إليه حول موقف الشرع الحنيف ممن يدعون إلى الصلاة تضرعا إلى الله ليحفظ مصر من فيروس «كورونا» ويشفي المرضى منه.
وقال المركز إن الشَّرعُ الشَّريفُ جاء للحفاظ على حياة الإنسان وعمارة الأرض؛ لذا من فضل الله ورحمته أن شرع للمسلمين الصَّلاة والدُّعاء لرفع البلاء والوباء.
فعن أمِّ المؤمنين السَّيِّدة عائشة- رضي الله عنها- قالت: خَسَفَتِ الشمسُ في عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فصلَّى بالناسِ، ثم خطَب الناسَ، فحمِد الله وأثنَى عليه، ثم قال: «إن الشمس والقمر آيتانِ مِن آيات الله، لا ينخسِفانِ لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتُم ذلك فادعُوا الله، وكبِّرُوا، وصَلُّوا، وتصدَّقُوا» (متفق عليه).
فمن هَديه وسُنَّته- صلى الله عليه وسلم- القنوت في الصلاة عند النوازل العارضة التي تحلُّ بعموم المسلمين، وذلك كانتشار الأوبئة والأمراض، وحدوث المجاعات.
وقال الإمام النووي ـ رحمه الله -: «الصَّحيح المشهور أنَّه إن نزلت نازلة كعَدُوٍّ وقحطٍ ووباء وعطش وضرر ظاهر في المسلمين ونحو ذلك، قَنَتُوا في جميع الصَّلوات المكتوبة»، (شرح النووي على مسلم (5/176)، وقال ـ رحمه الله- أيضًا: (قوله- صلى الله عليه وسلم -: «فإذا رأيتموها فافزَعوا للصلاة»، وفي رواية: «فصلُّوا حتى يُفرِّج اللهُ عنكم»، ومعناه: بادِرُوا بالصلاة وأسرِعوا إليها؛ حتى يزولَ عنكم هذا العارضُ الذي يُخافُ كونُه مُقدِّمةَ عذابٍ«(شرح النووي(6/203).
ويقول الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله -: (قال الطيبيُّ: أُمِروا باستدفاعِ البلاء بالذِّكر والدُّعاء والصَّلاة والصَّدقة) [فتح الباري(2/531)، فالفزع إلى الصَّلاة عند وقوع البلاء من سُنَّة الأنبياء والأولياء الأصفياء.
وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله -: ( وفيه ـ أي الحديث ـ أن مَن نابه أمرٌ مُهِمٌّ مِن الكرب ينبغي له أن يفزَع إلى الصَّلاة)، فتح الباري(6/394).
واختتم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بقوله «بناءً على ما سبق، فلا مانع من الاجتماع للصَّلاة والدُّعاء فيها؛ والتَّضَرُّع واللجوء إلى الله، عز وجل، لرفع البلاء والوباء، كَوَبَاء كورونا، وأن ينجِّي النّاس منه ومن كل بلاء وشر؛ فلا ملجأ لنا إلا هو سبحانه، ولا كاشف للضر إلا هو جل شانه، وقال، سبحانه وتعالى ،» قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّٰكِرِينَ، قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنۡهَا وَمِن كُلِّ كَرۡبٖ ...«(الأنعام 63-64).
والله ـ تعالى- أعلى وأعلم، وأعزُّ وأحكم، وصلَّى اللهُ وسلَّم على سيدنا محمد، والحمد لله ربِّ العالمين.
فيما قال الشيخ أحمد وسام أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنَّ "التضرع إلى الله تعالى أمر محمود ومأمور به في كل الشرائع والعقائد، وكان النبي (صل الله عليه وسلم) إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة"، مؤكدا أنه لا مانع شرعا من التنفل بالصلاة في جماعة.
وعن كيفية الصلاة والدعاء، استشهد "وسام" في تصريحه لـ"الوطن" بما رواه عتبان بن مالك رضي الله عنه، أن "النبي (صل الله عليه وسلم) جاءه في بيته بعدما اشتد النهار ومعه أبو بكر (رضي الله عنه)، فقال النبي: "أين تحب أن أصلي من بيتك؟) فأشرت إلى المكان الذي أحب أن يصلي فيه، فقام وصفنا خلفه، ثم سلم وسلمنا حين سلم" رواه البخاري ومسلم.
كما ثبتت الجماعة في النافلة مع النبي (صل الله عليه وآله وسلم) من رواية ابن عباس وأنس وابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهم، وأحاديثهم في الصحيحين.
وذكر الإمام ابن قدامة في "المغني"، أنه يجوز التطوع جماعة وفرادى؛ لأن النبي (صل الله عليه وآله وسلم) فعل الأمرين كليهما.
كما يشرع الدعاء بعد الصلاة عموما؛ فإن ذلك أرجى للقبول، ولا بأس في أن يدعو المسلم لنفسه ولغيره من المسلمين وغيرهم؛ فقد قال تعالى في محكم التنزيل: "ادعوا ربكم تضرعا وخفية"، أي بقلوب ضارعة خاشعة، وقال تعالى: "وادعوه خوفا وطمعا"، وقال عز من قائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان".