فى مُحاولة لتصدير صورة مُغايرة عن الواقع الداخلى فى الدوحة، إلى المنظمات الحقوقية الدولية والمعنيين بهذا الملف حول العالم توصل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان فى قطر ادعاءاتها بالقيام بعملها بأكمل وجه.
وانتشرت منذ مساء الثلاثاء الأخبار حول مشاركة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان فى فعاليات اليوم الرياضى لقطر والمقرر فى الثلاثاء من الأسبوع الثانى لشهر فبراير من كل عام، بعد نص القرار الأميرى بذلك فى عام 2011، وبدء الاحتفال بتلك الفعالية للمرة الأولى فى عام 2012. ولعل تاريخ هذا القرار يأتى كاشفًا عن الغرض الأساسى منها، فهو أتى بعد أقل من عام من تاريخ فوز قطر بتنظيم بطولة كأس العالم 2022 فى ديسمبر من عام 2010.
تميم
وفى الوقت الذى تتعالى فيه صرخات المرأة القطرية وأبناء قبيلة الغفران المُهدرة حقوقهم منذ أكثر من 20 عام ومعاناة الأطفال القطريين، إضافة إلى العمالة فى منشآت مونديال 2022؛ يظهر نائب رئيس اللجنة الوطنية، محمد بن سيف الكوارى ليؤكد على أن ممارسة الرياضة حق أساسى من حقوق الإنسان، معربًا عن أسفهم لكون الكثير حول العالم ولاسيما الأطفال محرومين من الآليات التى تُساعدهم على ممارسة الرياضة، محاولًا تلميع صورة منظمته وبلاده من خلال الحديث الإيجابى عن المبادرة القطرية الرياضية واصفًا إياها بـ«الفريدة»، موضحًا أنها تأتى انسجامًا مع اهتمام الأمم المتحدة بأهمية تسخير الرياضة لأغراض التنمية المُستدامة وصنع السلام والتسامح والتفاهم المُتبادل، على حد تعبيره، متناسيًا أن ما يقوله يأتى منافيًا تمامًا للواقع، مؤكدًا بحديثه هذا على عدم قيام اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بقطر بمهامها الأساسية واهتمامها بأمور فرعية تصُب فى صالح سياسات وتوجُهات الدوحة دون النظر لحقوق الإنسان ومعاناته بسبب انتهاكات وممارسات قمعية.
سعود ال ثاني
عائشة القحطانى، ونوف المعاضيد، ونورة المرى، ومعجبة حمد الفوز، آخر الصرخات النسائية التى ظهرت مؤخرًا واضطررن إلى الهروب من قطر والتوجه إلى بريطانيا مع طلب الحماية أو اللجوء من حكومة بلادهم. إضافة إلى ملف قضية قبيلة الغفران وآل مرة، التى امتدت لسنوات طويلة حتى الآن، مع معاناة أفرادها من رجال ونساء وأطفال. هذا وامتد الأمر إلى أطفال داخل قطر من أبناء الشيوخ، ولعل قضية الطفل سعود بن عبدالله آل ثانى لخير شاهد على سياسات تنظيم الحمدين- حكومة قطر- التى لا رحمة ولا عدالة لها، فقد تم انتزاع الطفل من والدته الشيخة هند فيصل القاسمى، وحرمانها من طفلها على الرغم من حالته المرضية واحتياجه الشديد لأمه ورعايتها، قائلة فى تصريحات صحفية أن: «قطر تحرم ابنها من الهوية والعلاج والالتحاق بالمدرسة، ليعيش مثل البدون»، موضحة أنه تم اختطافه من قبل والده من مدرسته فى دبى فى فبراير من عام 2016، فى إشارة إلى أن قطر لا تطبق لا شرع ولا رحمة ولا قانون، فهى محرومة من ابنها ولم تتمكن حتى من مكالمته أو زيارته. هذا وتعانى حرية الرأى والتعبير أيضًا فى قطر، ومن أبرز النماذج على هذا الأمر الكاتبة القطرية الشهيرة، تهانى الهاجرى والتى تم إيقاف عمودها الأسبوعى فى جريدة «الراية» القطرية فى سبتمبر من عام 2018، وذلك على الرغم من وطنيتها الشديدة، ولكن كل ما فى الأمر أنها تقوم بالتعبير عن رأيها مُنتقدة بعض الممارسات فى بلادها وأوضاع المرأة القطرية هادفة إلى تحسينها.
المحامى على المرى
أيضًا تستمر تظاهرات العمالة الوافدة فى قطر وبالأخص ممن يعملون فى منشآت مونديال 2022، والتى كان آخرها فى مطلع فبراير الجارى، بسبب تأخر رواتب العمالة لدى شركة بن عمران بقطر لمدة 4 أشهر.
وفى تصريحات قال المسؤول الأمنى السابق بقطر، راشد العمرة «قطر لازالت تُركز على الأشياء الدعائية فى الوقت الذى تتناسى فيه متطلبات فتياتها ونسائها ونرى فيه تهميش شباب الوطن بشكل عام»، مضيفًا أن «بعض الفعاليات فى قطر التى نشاهدها ويتم تصديرها فى وسائل الإعلام يُراد منها تغيير مفهوم الناس عن الممارسات الحقيقية والضغوط التى يتعرض لها المواطنون مثل التهميش فى الوظائف والمنح الدراسية خارج الدولة والتمييز بين المواطنين القطريين نفسهم، فنرى فئه تستحق كل شىء وفئه يتم حرمانها من كل شىء، مثال ما تعرضنا له نحن الغفران من ضياع شبابنا وبناتنا داخل قطر، حتى الجنسية سُحبت منهم وعاشوا فى بلدهم غرباء فحتى الزواج لم يتمكنوا منه بسبب عدم وجود أوراق ثبوتية مثل الجنسية والبطاقة الشخصية لا يحملون أى هوية، وفيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض، فهم لا يدخلون المستشفيات إلا بالواسطة والمعرفة من قبل الأشخاص الاعتباريين.. جميعهم هذه حياتهم اليومية مما يقرُب من 24 سنةً الله يعين وينتقم من كل ظالم فى حكومة الحمدين وتميم هذا الذى يُعتبر دمية يتصرف بها أعداء قطر».
تهانى الهاجرى
وقال الناشط الغفرانى، صالح المرى: «بالنسبة لحقوق المرأة والطفل فالحكومة القطرية تدعى وتتغنى بها، علمًا أن هناك كثيرا من النساء لا يستطيعون الزواج بسبب قراراتها التعسفيية والعنصرية ضدهم، كما أن كثيرا من الأطفال لا توجد لديه أوراق رسمية تثبت هويتهم للذهاب إلى المدارس أو حتى المستشفيات».
ولتقييم الموقف من الناحية القانونية، قال محامى قبيلة الغفران، على المرى: «إذا قطر تدعى الديمقراطية فإنه من حق الغفران فى الداخل القطرى الذهاب للمحاكم القطرية لتقييد دعواهم والترافع أمامها، كما يكفل حق الدستور القطرى والمواثيق والعهود الدولية التى وُقعت عليها الدوحة».
وأضاف، فى تصريحاته: «لو دققنا النظر فى الإجراءات الاستثنائية التى قامت بها قطر من منظور دستورها نفسه، فنجد أنه نص على عدة مبادئ هامة للأسف خالفتها بدم بارد دون أدنى احترام للدستور الذى شاءته لنفسها، فلم تحترم المواثيق والمعاهدات الدولية ولا دستورها وقامت بالإسقاط التعسفى للجنسية وانتهاك حقوق الأطفال وحقوق المرأة، كما أسقطت الحق فى الصحة والتعليم والعمل وغيرها من الحقوق التى أفردت لها موادًا فى الدستور».
راشد العمرة
وأضاف «المرى» أن «هذا العنف السياسى المُتعمد والقهر والنزع والطرد الذى مارسته ولازالت تُمارسه دولة قطر ضد الأطفال والنساء والرجال والمُسنين، يرقى إلى مرتبة الجرائم الدولية، فقد استحل النظام القطرى كل الوسائل غير المشروعة واتهم دون مسوغ شرعى، وعاقب دون محاكمة، وقرر نزع أغلى ما يملكه الإنسان، وهى جنسيته وهويته دون أدنى مراعاة لكافة المواثيق والقرارات والأعراف الدولية، مخالفًا بذلك حتى الدستور والقوانين القطرية ذاتها».
وشارك «المرى» بعضا من مواد الدستور القطرى، التى انتهكها نظام الحمدين، ومنها:
المادة (6): تحترم الدولة المواثيق والعهود الدولية، وتعمل على تنفيذ كافة الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية التى تكون طرفاً فيها.
المادة (34): المواطنون متساوون فى الحقوق والواجبات العامة.
المادة (35): الناس متساوون أمام القانون.. لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين.
المادة (36): الحرية الشخصية مكفولة، ولا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته فى الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون. ولا يُعرض أى إنسان للتعذيب أو للمعاملة ضد الكرامة، ويعتبر التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون.
المادة (37): خصوصية الإنسان لها حرمتها، فلا يجوز تعرض أى شخص، لأى تدخل فى خصوصياته أو شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو أية تدخلات تمس شرفه أو سمعته، إلا وفقا لأحكام القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه.
المادة (38): لا يجوز إبعاد أى مواطن عن البلاد، أو منعه من العودة إليها.
المادة (39): المتهم برىء حتى تثبت إدانته أمام القضاء فى محاكمة تتوفر له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع عن نفسه.
المادة (40): لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون.. ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل به، والعقوبة شخصية. ولا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، ومع ذلك يجوز فى غير المواد الجنائية وبأغلبية ثلثى أعضاء مجلس الشورى النص على خلاف ذلك.
المادة (41): الجنسية القطرية وأحكامها يحددها القانون، وتكون لتلك الأحكام صفة دستورية.
المادة (49): التعليم حق لكل مواطن وتسعى الدولة لتحقيق إلزامية ومجانية التعليم العام، وفقًا للنظم والقوانين المعمول بها فى الدولة.
مادة (36): الحرية الشخصية مكفولة، ولا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته فى الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون. ويعتبر التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون.
المادة (68): يبرم الأمير المعاهدات والاتفاقيات بمرسوم، ويبلغها لمجلس الشورى مشفوعة بما يناسب من البيان. وتكون للمعاهدة أو الاتفاقية قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها فى الجريدة الرسمية، على أن معاهدات الصلح والمعاهدات المتعلقة بإقليم الدولة أو بحقوق السيادة أو حقوق المواطنين العامة أو الخاصة أو التى تتضمن تعديلًا لقوانين الدولة، يجب لنفاذها أن تصدر بقانون، ولا يجوز فى أى حال أن تتضمن المعاهدة شروطًا سرية تناقض شروطها العلنية.
المادة (143): يبقى صحيحًا ونافذًا ما قررته القوانين واللوائح الصادرة قبل العمل بهذا الدستور ما لم يجر تعديلها وفقًا لأحكامه. ولا يترتب على العمل بالدستور الإخلال بأحكام المعاهدات والاتفاقيات الدولية التى تكون الدولة طرفًا فيها.