25 يناير.. ملحمة الإسماعيلية وإرهاصات ثورة 23 يوليو
الثلاثاء، 21 يناير 2020 01:30 م
فى ذاكرة المصريين الكثير من الأحداث التاريخية الملهمة لحاضرهم، ومستقبلهم، والكاشفة عن معدنهم، وصلابتهم، وتلاحمهم، كشعب عصى يقف أمام المحتل ويبذل كل غالى، ونفيس، ويضحى بروحه فى سبيل رفعة، وعزة الوطن.
من الأيام الخالدة فى تاريخ مصر، والتى كانت مقدمة لأحداث جسام شهدها الوطن يوم 25 يناير 1952،والذى خلد بطولة واستبسال رجال الشرطة المصرية في معركة الإسماعيلية ،وهو اليوم الذى اتخذته الشرطة عيدا لها فيما بعد هذه المعركة الحاسمة، الرافضة لتسلط ،وجور قيادات الجيش الإنجليزي، الذى كان يحتل مصر وقتها.
صمود رجال الشرطة ضد الانجليز فى ملحمة الإسماعيلية كان مقدمة لأحداث جسام وقعت بعد ذلك، وغيرت تاريخ مصر، ففى هذا اليوم الذى لا ينسى صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952،وبصلف وغرور غير مبرر، استدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة "إكسهام" ضابط الاتصال المصري، طالبا منه أن تسلم قوات البوليس "الشرطة" المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتترك المحافظة.
رفض الضابط المصري الشجاع أمر القائد البريطاني، ووصل الأمر إلى "فؤاد سراح الدين باشا" وزير الداخلية آنذاك، والذى جاء موقفه مشرفا كأى مصري فى موقفه، وموقعه، حيث طلب عدم الاستسلام، ومقاومة قوات المحتل الغاشم.
صعد القائد الإنجليزي من غضبه، وحاصرت قواته الضخمة، والتى بلغت سبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة مقارنة بأعداد ضباط وأفراد الشرطة المصرية قسم بوليس "شرطة" الإسماعيلية ،وكان عددهم ثمانمائة فقط في الثكنات، وثمانين في المحافظة، لا يملكون غير البنادق ،وكرر القائد الإنجليزى طلبه لمأمور قسم الشرطة بتسليم أسلحة جنوده إلا أن القوة الشرطية المصرية رفضت الاستسلام.
اتخذ القائد البريطاني قراره ،وأمر جنوده بقصف مبنى قسم البوليس، ومبنى المحافظة في الأسماعيلية، وظهرت شجاعة واقدام ضباط وجنود وأفراد الشرطة المصرية فقد واجهوا دبابات السنتوريون الثقيلة ،وعربات الجيش الإنجليزى المصفحة، ومدافع الميدان بصدورهم ،وبنادقهم ليسقط منهم 50 شهيدا و80 جريحا.
عندما وصل نبأ جريمة قوات الإحتلال الإنجليزى ضد رجال الشرطة إلى المصريين، اندلعت تظاهرات غاضبة قادها طلاب الجامعة يوم السبت 26 يناير 1952، كما رفض عمال الطيران في مطار ألماظة تقديم الخدمات لطائرات تابعة للخطوط الجوية الإنجليزية، وامتدت شرارة الغضب إلى بلوكات النظام "البوليس" في ثكنات العباسية.
عمت التظاهرات المطالبة باعلان الحرب على بريطانيا وقطع العلاقات معها أرجاء القاهرة، وتجمع المتطاهرون أمام مبني رئيس الوزراء، وكانت إجابة عبد الفتاح حسن وزير الشئون الإجتماعية "بأن الوفد يرغب في ذلك و لكن الملك يرفض" شرارة جديدة دفعت المتظاهرين إلى الزحف نحو قصر عابدين.
وفى منتصف هذا اليوم الموعود من تاريخ مصر اندلعت النيران فى مئات المنشآت والفنادق والمحال التجارية لتحترق العاصمة فيما عرف بـ"حريق القاهرة" ،وبعدها بشهور اندلعت ثورة 23 يوليو 1952 لتطيح بالملك فاروق، وتبدأ حقبة جديدة من تاريخ مصر ليتولى الحكم ولأول مرة أحد أبناء الشعب المصري الباسل.