الوحدة القاتلة
الإثنين، 20 يناير 2020 03:47 م
خرجت أنفاس الزوج لتقطع معها كل صلة بالحياة.. كان هذ هو مصير الزوجة فتحية التي توفي زوجها بشكل مفاجئ وهو نائم علي سريره، لتشعر بعدها بوحدة قاتلة بعد أن هجرها أبنائها الذين تزوجوا وتركوا الأم وحيدة داخل شقة مكونة من 5 غرف تطاردها الذكريات والألآم بعد أن وجدت نفسها بين يوم وليلة وحيدة شريدة لا تجد من يسأل عنها حتي أبنائها، فقررت اللحاق بزوجها علي طريقتها الخاصة، تاركة رسالة لأبنائها تعاتبهم فيها بعد فوات الأوان.
عاشت الأم حياة صعبة عقب وفاة زوجها، حتي أنها عجزت عن شراء احتياجاتها الشخصية من المأكل والمشرب بعد أن نسيها أبنها الذي يقيم معها في نفس العمارة، حتي أنها عندما حاولت الدخول لشقته في احدي الأيام اعتذر لها وتعلل بأنه خارج لتوه مع زوجته لزيارة أهلها - رغم أنه لم يري أمه التي تقيم معه في نفس العقار -، ولعل ذلك ما أدخل الحزن في قلبها لتقرر العودة لشقتها.
جلست الأم شريدة لا تعرف ماذا تفعل، بعد أن تنكر لها أبنائها، أسرعت إلي غرفتها لتخرج ألبوم الصور، وظلت تقبل صفحاته وهي تشاهد صور أبنائها وزوجها الذي كان يملأ عليها البيت فرحا وبهجة.
بدأت الزوجة المتألمة تتذكر زوجها، وكيف أنه توفي دون ألم، كما تذكرت جحود أبنائها، حتي أنها عندما قررت زيارة احد أبنائها ورنت جرس الباب سمعت زوجته تقول " ماتفتحش دي أمك " لتعود إلي بيتها وتختفي عن الأنظار لأكثر من 3 أيام، ولعل ذلك هو ما دفع أحدي الجارات الي ابلاغ الابن الذي اسرع لإبلاغ الشرطة باختفاء والدته منذ 3 أيام وانه يخشي تعرضها لمكروه.
وبالفعل أسرعت قوة من الشرطة وقامت بكسر الباب لتجد الام وهي تلبس ملابس سوداء وعلي وجهها حزن ظاهر وفي عينيها نظرة جامدة، وقد تدلت من حبل يلتف حول رقبتها، حيث دلت الظواهر علي أن الأم قررت الانتحار تخلصا من حياتها وخوفا من الوحدة التي عاشتها عقب وفاة الزوج.
وعثر رجال الشرطة علي ورقة صغيرة بها خطاب موجه لأبنائها قالت فيه " ابنائي سمير وصفي وحسام. كنت عبئا عليكم ، بعد وفاة زوجي الحبيب افتقدتكم كما افتقدت زوجي تماما، واحسست انني ثقيلة عليكم ووقتكم لا يسمح بالسؤال علي أمكم العجوز، انني كبرت وتعبت، لا أحد معي، وأخاف الموت وحدي، أولادي شكرا لك، لقد اخترت أن أترك الحياة مع السلامة "