تهدف لإشاعة التوتر.. لماذا تعد اتفاقية «السراج وأردوغان» المشبوهة غير ملزمة لليبيا؟
الإثنين، 23 ديسمبر 2019 11:00 م
أطماع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى الأراضى العربية ودول الجوار لم تقتصر على سوريا، فتركيا ومعها إسرائيل هما الدولتان الوحيدتان اللتان لم تضعا حدودهما البحرية لدى الأمم المتحدة، وهو ما يؤكد النوايا التوسعية لحكومة أردوغان التى اعتبرت «الربيع العربى» فرصة لخلخلة أمنية وسياسية فى المنطقة، تسمح لتركيا بتحقيق أطماعها، فاستحوذت على كل الشمال السورى، ومنعت الأسماء العربية وفتحت فروعا للجامعات والمدارس التركية، وتحدث أردوغان صراحة عما أسماه «إرث أجداده» فى ليبيا، الأمر الذى دفع البرلمان الليبى لإصدار بيان أكد فيه أن التخلف والفقر والجهل والدماء هى إرث أجداده فقط.
وجد أردوغان فى الخلاف الليبى الفرصة المناسبة للسيطرة على الغاز والنفط، فقام بتوقيع اتفاقية «مشبوهة» مع ما يعرف بحكومة الوفاق التى يترأسها فايز السراج «وغير المعترف بها من قبل مجلس النواب فى نوفمبر»، رغم عدم وجود حدود بحرية بين البلدين، واتجهت تركيا لتوجيه الدعم للجماعات والميليشيات الإرهابية التابعة «للوفاق» من أجل عيون هذه الاتفاقية والهدف واضح ليس التعاون والتنسيق فى عدة مجالات كما أشارت الصحف، بل سرقة ثروات الليبيين ونهب نفطهم وإنشاء قواعد عسكرية فى بلادهم برعاية تركية.
تجاهلت حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج غضب المجتمع الليبى ورفضه للاتفاقية التى تقضى على المساعى الأممية والإقليمية، لإيجاد سلام عادل فى ليبيا، لتصر على موقفها الذى يهدف إلى تسليم ليبيا لتكون تحت أمرة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ليتصرف فى مقدراتها كما يشاء.
حيث تضمنت مذكرة التفاهم، التى وقعتها تركيا مع حكومة فايز السراج، بعض بنود الاتفاق الأمنى والعسكري، التى توضح الأطماع التركية فى ليبيا وركزت الوثيقة على التعاون فى الجانب العسكرى والأمنى عن طريق التدريب ونقل المعدات والخدمات العسكرية والمناورات.
كما تمكن الاتفاقية الحكومة التركية من عقد اتصالات بين المؤسسات الأمنية والعسكرية الليبية، إلى جانب المشاركة فى التدريبات العسكرية، بما فيها مناورات الذخيرة الحية.
ونصت المذكرة على أن أى خلافات يتم حلها وديا بين الطرفين عن طريق التشاور والتفاوض، وألا يتم إحالتها إلى أى محكمة وطنية أو دولية وستبقى المذكرة سارية المفعول لمدة 3 سنوات من تاريخ دخولها حيز التنفيذ، على أن يتم تمديدها تلقائيا لمدة سنة واحدة، ما لم يقم أحد الطرفين بالتعبير عن رغبته فى إنهائها.
المذكرة «المشبوهة» فضحت تحركات تركيا فى المنطقة لتلعب أدوارا مكشوفة من أجل تحقيق أطماعها السياسية والاقتصادية ورغبتها فى الهيمنة لإحياء «العثمانية» فى صورتها الجديدة، حيث جرى توقيع هذا الاتفاق بعد شهرين من العدوان على سوريا، ليكشف تصميم أردوغان على دعم الميليشيات المسلحة المسيطرة على العاصمة الليبية عسكريا تحت غطاء مذكرة تفاهم عسكرية تخالف قرارات مجلس الأمن، فضلا عن توقيع اتفاق بحرى على الرغم من عدم وجود سواحل متقابلة بين تركيا وليبيا، فى اعتداء على المناطق الاقتصادية اليونانية الخالصة، وهو ما يثير التساؤلات حول نوايا الرئيس التركى، وأطماعه المباشرة فى ليبيا، ورغبته فى استهداف مصر من خلال جوارها المشتعل بالفوضى، فضلا عن ابتزاز الاتحاد الأوروبى من بوابته الجنوبية.
ومن المؤكد أن أردوغان لن ينجح فى كل هذه المؤامرات، لأن قضية الغاز فى شرق المتوسط قضية أوروبية عربية بامتياز، فالاتحاد الأوروبى ينظر إلى الغاز بشرق المتوسط باعتباره أهم مصادر الغاز لدول الاتحاد فى المدى المتوسط والبعيد عن المشاكل التى يعانى منها خط الغاز الروسى العابر من أوكرانيا، ورفض الرئيس الأمريكى دونالد ترامب استكمال خط الغاز الروسى - الألمانى «نورد ستريم 2» وتراجع صادرات الغاز الجزائرى لأوروبا، وهو ما يجعل الاتحاد الأوروبى يقف بصرامة ضد المخطط التركى فى ليبيا.
ولذلك أكد رئيس الوزراء اليونانى (كيرياكوس ميتسوتاكيس) أن أثينا ستطلب الدعم من حلف شمال الأطلسى خلال قمته المقررة هذا الأسبوع فى لندن، بعد توقيع أنقرة اتفاقا عسكريا وبحريا مع حكومة الوفاق الليبية، وقال «ميتسوتاكيس» إن «الحلف لا يمكنه أن يبقى غير مبال عندما ينتهك أحد أعضائه القانون الدولى، وفى هذا الإطار اتفقت مصر واليونان على تسريع المناقشات بين الفرق الفنية حول ترسيم وتحديد المناطق الاقتصادية الخالصة بين البلدين، وقال نيكوس ديندياس، وزير الخارجية اليونانى فى ختام زيارته للقاهرة، إن البلدين ستسرعان المحادثات حول المناطق الاقتصادية الخالصة.
أكد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الاتفاقية التي أبرمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، غير نافذة وليست شرعية لعدة أسباب.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فى تصريح لـ"اليوم السابع"، إنه من الناحية السياسية تتطلب تلك الاتفاقية موافقة البرلمان الليبي على الاتفاقات والمعاهدات التى تعقد مع الدول الأخرى وهو ما يعرف بالمصطلحات السياسية بالتصديق على المعاهدة أو الاتفاقية.
وتابع الدكتور إكرام بدر الدين، أنه بدون هذا التصديق تكون المعاهدة أو الاتفاقية غير مستكملة لجوانبها القانونية وتصبح غير ملزمة للجانب الليبي طالما لم يصدق عليها البرلمان.
ومن جانبه أعرب مسؤول أمريكي يعمل بوزارة الخارجية الأمريكية، عن قلق واشنطن من مذكرة التفاهم الموقعة بين تركيا وليبيا ، ووصفها بالإستفزازيه ، ونقل عن البيت الأبيض أن هناك بقلق بالغ إزاء اشتداد حدة الصراع في ليبيا ، وأشار إلى أن واشنطن تجتمع مع كل الأطراف الليبية التي قد تكون مؤثرة في محاولة صياغة اتفاق يحل الصراع الذي يزداد دموية