ذكرى البيعة الخامسة.. الأميرة حصة بنت سلمان تكشف جوانب من حياة والدها وشقيقها
السبت، 30 نوفمبر 2019 03:00 م
أفصحت الأميرة حصة بنت سلمان بن عبد العزيز، الابنة الوحيدة للعاهل السعودى الملك سلمان، عن العديد من الأسرار والحكايات، فى حوار مع "مجلة اليمامة" الأسبوعية، وكشفت عن آرائها فى التطورات الأخيرة التى شهدتها المملكة تحت قيادة والدها وشقيقها وطموحاتها فى تولى منصب قيادى.
وكشفت أخت الرياض خلال الحوار، عن ظروف نشأتها وسبب إطلاق عليها لقب "أخت الرياض" وذكرياتها مع أخواتها المتوفين، وتأثير نشأتها وسط أشقائها الذكور.
الأميرة حصة
وجاء نص الحوار كالتالى:
بداية حدثينا عن أخت الرياض أما زال هناك وجه شبه بينكما؟
أذكر عندما كنت طالبة فى المرحلة الثانوية كتبت بيتين وأسميتهما "أخت الرياض"، كتبت هذين البيتين لأن كثيراً من السيدات دائماً يتحدثن عنى أو إلى بأسلوب يحمل شيئاً من الحزن والشفقة لأننى وحيدة وليس لى أخوات، بينما هناك أخريات يؤكدن أننى البنت المدللة بطريقة سلبية وذلك لنفس السبب لأنه ليس لدى أخوات، فالبعض يحكمون على حتى قبل أن يعرفوننى، هذا الأمر كان يزعجنى حقيقة وكنت أعتبره ظلماً كبيراً بحقى فجاءت هذه الأبيات تعبيراً عن إحساسى وإننى لم أشعر يوماً أننى وحيدة، وفى الحقيقةً أن اهتمام الوالد بالوطن يأتى قبلنا وقبل ابنته الوحيدة وأولاده جميعاً، لذلك اعتبرت الرياض هى أختى وكان والدى سعيداً جداً بهذه الابيات وبهذه المشاعر.
هل كنتِ تغارين من اهتمام والدك بالرياض بما إنها تشاطرك الحب والاهتمام؟
فى الحقيقة كان الوالد لى فى فترة من الفترات أباً وأماً فى نفس الوقت وهذا شيء لا يعرفه الكثير من الناس، فوالدتى كانت مريضة منذُ أن كان عمرى 7 سنوات وكانت تسافر بين فترة وأخرى للعلاج ويبقى والدى الى جانبى يهتم بكافة شؤونى ويتابع دراستى، وكان يرفض أن أستعين فى دراستى بمدرسين خصوصيين رغم اننى أحيانا اضطر لذلك بسبب مرض الوالدة واحتياجها لجلسات علاجية طويلة فى غسيل الكلى لمدة سنتين وبعد معاناة مع المرض تمكنت من زراعة الكلى ثم عاودها المرض وأنا فى التاسعة عشر من عمرى ورغم كل تلك المعاناة كان والدى يرفض فكرة ان أدرس "منازل" ويصر على تواجدى فى المدرسة والجامعة وكان يولينى كل اهتمامه رغم مشاغله ومسؤولياته المتعددة،كان يتحمل مسؤولية تربيتى مسؤولية كاملة فى غياب والدتى لذلك لم أشعر بالغيرة حقيقة من الرياض لأنه كان يمنحنى حبه واهتمامه وكان يأخذنى معه فى سن صغيرة الى مكتبه وأرافقه فى بعض اجتماعاته الرسمية مما أعطانى دعما معنويا وثقة كبيرة بالنفس، لكن لابد من القول اننى كنت مدللة كثيرا من قبل أعمامى، خاصة الملك فهد والأمير نايف رحمهما الله، الذين كانوا بمثابة الآباء، كما أن مرض والدتى فى وقت مبكر من حياتى جعلنى أعيش حالة توازن وأبنى شخصيتى والاعتماد على نفسى، كما أنه جعلنى أشعر كم هى الدنيا صغيرة لا تساوى شيئاً فلماذا يغتر الإنسان بنفسه أو يصاب بالكبر والغرور.
خادم الحرمين عرف عنه احترامه لعمله وتفانيه فيه كيف كان يجد وقتاً كافياً لأسرته؟
والدى شخص منظم جدا، كان يخرج إلى عمله فى إمارة الرياض الساعة السابعة إلا ربع حتى لو كان متعبا أو متوعكا، فهو لا يتأخر عن عمله وكان يحرص على أن نتناول طعام الإفطار معه قبل ذهابنا للمدارس ثم نلتقى به مرة أخرى وقت الغداء بحدود الساعة الثانية والنصف ظهرا، وبعد ذلك ينام قليلاً ثم يذهب للقاء من جاء إلى مجلسه حيث يمتلئ بالرجال، وبعد انصرافهم يكون هناك جلسة عائلية بسيطة وقبل أن يذهب للنوم يصلى ويقرأ شيئا من القرآن.
حصة تلك الطفلة الصغيرة.. حدثينا عن أحلامها وطموحاتها وماذا تحقق منها؟
الحمد لله تحقق الكثير، فقد كان لى مشاركات كثيرة فى جمعيات الرياض والمملكة، فأنا مشاركة وداعمة وربما أخذتنى ارتباطاتى مع الوالدة رحمها الله فى أوقات وفاة الأخوان، ثم مرضها فى الأخير فقد استمر مرضها رحمها الله طوال عمرى تقريبا، فكانت تتعافى فى أوقات ويعاودها المرض مرات أخرى وتداهمها الأمراض والأوجاع وهى صابرة محتسبة، خصوصاً بعد فقدان الأخوان فكنت منشغلة معها طيلة الوقت، طموحى كان أن أحصل على درجة ماجستير آخر من جامعة soas لأننى كنت أرغب أن أتخصص فى القانون فتحقق منها "دبل ماسترز" ولله الحمد، أنا الآن فى فترة العطاء لأننا فى السنوات الماضية انشغلنا فى الحرب وحالياً إن شاء الله نعمل على رسم الخطط لتحقيق أهدافنا.
وأضافت: "فى الوقت الحالى نعمل على إنشاء مؤسسة إنسانية خيرية لدعم الجمعيات ونحن الآن بصدد إنشاء هوية الجمعية ودورها"، وتم الحصول على تصريح باسم الجمعية ولله الحمد.
لسموك اهتمامات ثقافية مبكرة وسبق أن نشرت قصائدك.. لماذا توقفت عن النشر؟
أنا لست بشاعرة، أتمنى لو كنت كذلك، أنا محبة للغة العربية والأدب ودرست الأدب الإنجليزى فى البكالوريوس، وبطبيعة الحال فالنظام الجامعى عندنا يستوجب على دارس أدب لغة أخرى أن يدرس الأدب العربى، وأنا عاشقة للغة العربية وأستمتع بالمجالس الأدبية ولدى مجلس ثقافى شهرى تحضره كثير من المهتمات بالأدب والثقافة، أنا أحب الشعر وبالذات الشعر العربى، فمن وقت لوقت قد تجود القريحة ببعض الأبيات وربما يكون ذلك ناتجا عن مجالستى للأديبات لكننى للأسف الشديد لست بشاعرة.
كيف ترين التطورات الحالية فى مجتمعنا؟
ما نراه الآن من دعم للمرأة فقد لمسته من خلال تعامل والدى المبكر معى، فقد أعطانى الثقة وسمح لى أن أسافر وأدرس، فهذا الشيء طبقه على ابنته قبل أن يطبق على الآخرين وكذلك الأمر بالنسبة لقيادة المرأة للسيارة، أنا جدا سعيدة أن أصبح للمرأة حق قيادة حياتها قبل قيادة سيارتها فجاء هذا الأمر مكملاً لإنجازات أخرى، فمنذُ كنت صغيرة وأنا أسمع والدى يقول "المرأة البدوية والحضرية تقلط الرجال وتركب الخيل والجمل"، وكان يستغرب من تأخر هذا القرار لكن أخيراً تحققت واحدة من أمنياته وان شاء الله يكون القادم أجمل وأفضل.
كيف تشكلت علاقتك مع أشقائك؟ ومن أقربهم اليك؟
إخوتى دائماً يسموننى "أخت رجال"، كل واحد منهم الجأ اليه فى الشيء الذى يختص بمجاله وهذه نعمه كبيرة أحمد الله عليها، فى الحقيقة كان إخوانى لى بمثابة النوافذ التى أطل منها على عالم الرجال وما يحدث فيه خصوصا فى الفترات السابقة قبل انخراط المرأة فى مجالات العمل المختلفة وكانوا يشركوننى فى أحاديثهم المختلفة فى السياسة وحتى فى أعمالهم وكأننى واحد منهم، فاتسعت مداركى وتعددت مصادر ثقافتى وهذا الشيء اكتسبوه من الوالد، فوالدى عندما يجلس معنا على الغداء ويكون مثلاً قد قرأ كتاباً ما بحكم أنه محب للقراءة وفى مجال التاريخ تحديداً كان يقول قرأت كتاب كذا ويجب أن تقرؤونه ويسترسل فى الحديث عنه وعن مواضيع أخرى فى عمله أو حتى فى السياسةن و كان يلفت نظرى شيء مهم كان يفعله الوالد، فهو عندما يتحدث إلينا كان ينظر فى عيوننا كلنا بنفس القدر الرجال والنساء ولم يكن يركز على جهة الرجال فقط مما يشعر كل شخص بأنه المعنى بالحديث، حقيقة إخوانى ساندونى حتى أتمكن من إكمال دراستى ووقفوا معى بحيث يأخذون دورهم فى المكوث مع الوالدة فى فترات مرضها ولم يلقوا بالحمل على وحدى كونى أنا البنت الوحيدة بل منحونى وقتا للحياة والدراسة أيضا.
كل إخوانى ساعدونى فعلا، حتى إخوانى غير الأشقاء كانوا حنونين جدا على وعلى الوالدة ولم يغيبوا عنها بل كانوا يأتون لزيارتها فى المستشفى ويتحدثون اليها وكأنها والدتهم، ولكن الأخت الوحيدة أحيانا تشعر بنفسها كأنها أم لإخوانها حتى الأكبر منها فالأخت أم صغرى بطبيعتها.
ما الأثر الذى تركه رحيل شقيقيك الأميرين فهد وأحمد؟
فهد كان بمثابة أبى الثانى وهو من علمنى ركوب الخيل فى سن مبكرة حتى أصبحت عاشقة للخيل، لكن بسبب إصابة لحقت بى لم أعد قادرة على ممارسة تلك الهواية رغم عشقى لها، فهد رحمه الله كان حنونا جدا خصوصا حين يكون الوالد غير متواجد، شهادتى فيه مجروحة بلا شك فقد كان يفيض على بحنان لازلت أشعر به حتى اليوم وكان صاحب نكته ووجه بشوش، كان نور البيت وابتسامته، نعم بكل تأكيد تأثرت برحيله واسأل الله أن يكون فى دار خير من داره.
كذلك الحال بالنسبة لأخى أحمد، الذى كان من أقرب الاخوان إلى وكان يولينى اهتماما كبيراً وقام بتدريبى على العمل الصحفى والإدارى فى المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق وكان كثيراً ما يردد على مسامعى من حين لآخر "أنت مساعدتى وانت سكرتيرتى وكان يصطحبنى معه فى الاجتماعات وأنا فى سن صغيرة وشجعنى على إجراء أول حوار صحفى مع سيدة من آل سعود، وكان الحوار مع عمتى البندرى بنت عبدالعزيز وهى سيدة مثقفة ومؤرخة وقد أعددت محاور الحوار بنفسى وكان البعض غير مقتنعين إلا بعد أن أخذت الأسئلة وذهبت إلى عمتى لإجراء الحوار، ثم أجريت لقاء آخر مع الأميرة موضى بنت خالد، نشرت هذه الحوارات فى عدد من المجلات الكبرى.
ماذا عن مبادرة تحديد سن الزواج وكيف بدأت؟
المبادرة كانت فكرتى، الأميرة موضى بنت خالد، كانت تعرف مدى اهتمامى بهذا الأمر وقد كلفت الجمعية بجمع المواد العلمية اللازمة لإطلاق المبادرة وبدء الحملة المخصصة لها، فى الحقيقة أختى موضى بنت خالد اعتبرها من القدوات بعد أمى وجدتى رحمهما الله، فإذا كان والدى هو قدوتى من الرجال فالأميرة موضى هى رمز لقدوة النساء، وأتساءل كيف يمكنها أن تقوم بكل هذه الأعمال، لكن لا غرابة فى ذلك فهى إنسانة معطاءة بكل ما تعنى الكلمة، واشتركت معها فى أعمال كثيرة من أهمها مبادرة تحديد سن الزواج، فقد منحتنى فرصة عندما كنت عضوة فى هيئة حقوق الإنسان أن أقوم بحملة من خلال جمعية النهضة الخيرية وذلك بدعم من المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، فقد كان القائمون على المجموعة لا يتوانون عن تقديم الدعم للجهات الخيرية وكان ثمرة تلك المبادرة ان تم تحديد سن الزواج فى عهد الملك عبد الله رحمه الله، والحمد لله نجحت المبادرة بفضل الله ثم تضافر الجهود من قبل الكتاب والناشطين الاجتماعيين ولم يكن ذلك جهداً فردياً.
هل تطمحين لتولى مناصب قيادية؟ وأى مجال يشدك للعمل به؟
فى الوقت الحالى أنا مهتمة بالمؤسسة التى نود تدشينها قريباً، وأشعر أن هذا العمل سيمنحنى فرصة أكبر للمشاركة فى تقديم ولو جزء بسيط من واجبنا تجاه هذا الوطن العظيم، كما أن الوالد يشاركنى نفس هذا الشعور، وكذلك الأمير محمد بن سلمان.
لا شك أن الفرصة الآن مواتية أكثر من أى وقت مضى بعد صدور الكثير من القرارات الداعمة لتمكين المرأة، لكن كما أسلفت أنا يشغلنى الآن أمر المؤسسة الخيرية فى المقام الأول، بعد ذلك لو أتيحت لى الفرصة لتولى أى منصب قيادى فلم لا؟ واسأل الله أن يكتب لى الخير فى أى مجال أستطيع أن أخدم من خلاله وطنى بالشكل المرضى الذى أسعى إليه.
كما أتمنى أيضاً الانخراط فى المجال الاكاديمى كونى عضو هيئة تدريس فى جامعة الملك سعود لكلية القانون والعلوم السياسية، لكننى مقلة بسبب انشغالى بتحضير رسالة الدكتوراه، فأنا حاصلة على شهادتى ماجستير فى تخصصين مختلفين وما زلت أعمل لنيل درجة الدكتورة بإذن الله لكن بعض المسؤوليات الأخرى تجعل خطواتى فى هذا الجانب ابطأ نوعاً ما، أميل كثيراً للعمل فى المجال الاكاديمى ولى مشاركات فى جامعة الملك سعود، وسوف أعود إليها قريباً لتقديم محاضرات لمادة أساسيات حقوق الإنسان بعد أن تخففت من بعض الأعباء والمسؤوليات.
ونحن نحتفل بالذكرى الخامسة للبيعة المباركة هل من كلمة بهذه المناسبة؟
اسأل الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين كملك وأب، وأن يوفق الأمير محمد بن سلمان، فيما أنيط به من مهام جسام وأنا فى الحقيقة فخورة به وسعيدة جدا كولى للعهد وكأخ، فقد ضخ روح الشباب فى البلد بكل ما تحمله هذه الكلمة من حيوية ويمتلك طاقات جبارة للإنجاز.