الذميم..
«تميم» يدعم الجماعات الإرهابية في ليبيا بمليارات الدولارات.. ومطالبات بتحقيق دولي
السبت، 19 أكتوبر 2019 09:00 مرضا عوض
- تقارير حقوقية تؤكد تورط الأسرة الحاكمة القطرية فى انتهاكات حقوق الإنسان وتعطيل منظومة العدالة
- منظمة العفو الدولية تحذر قطر من مخاطر عملية استغلال العمال الأجانب وتدعو إلى وضع حد للانتهاك والبؤس اللذين يتعرضان له كل يوم
- تقرير «مايك بومبيو»: قيود تفرضها الإمارة الصغيرة لمنع إنشاء أحزاب واتحادات عمالية
- منظمة العفو الدولية تحذر قطر من مخاطر عملية استغلال العمال الأجانب وتدعو إلى وضع حد للانتهاك والبؤس اللذين يتعرضان له كل يوم
- تقرير «مايك بومبيو»: قيود تفرضها الإمارة الصغيرة لمنع إنشاء أحزاب واتحادات عمالية
لا يستطيع المتابع للأزمة الدائرة فى ليبيا أن ينكر الدور القطرى القذر الذى يلعبه تميم بن حمد فى دعم الإرهابيين والجماعات المسلحة، والذى لم يقتصر على الدعم المالى واللوجيستى فقط، بل امتد لاستضافة عدد من الشخصيات الإرهابية وتقديم العون لها، وهو ما أشعل الأوضاع فى ليبيا وجعلها على صفيح ساخن منذ عام 2011.
الدعم الذى يقدمه تميم جاء من خلال دعم شخصيات من أطياف مختلفة، مثل صديق قطر على الصلابى وعبدالحكيم بلحاج وعبدالباسط غويلة، وعناصر إرهابية أخرى. كما قام تميم بدعم كتيبة «راف الله السحاتى» التابعة لإسماعيل الصلابى، شقيق على الصلابى، فى بنغازى، حيث قامت قطر بتنظيم دورات عسكرية فى الاستطلاع وإدارة العمليات لبعض أفرادها فى أواخر 2011، جنبا إلى جنب مع جماعة أنصار الشريعة فى المدينة، حتى أنها أعلنت مسئوليتها عن العديد من عمليات الاغتيال والسيارات المفخخة.
علاوة على ذلك قدمت قطر دعما لأنصار «الجماعة الليبية المقاتلة» فى درنة، فكانت ترسل الجرافات من ميناء مصراتة إلى مقاتلى مجلس شورى درنة الإرهابى، وهو ما كشف عنه مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج عام 2014، الذى أكد العثور على رسالة كتبتها هيلارى كلينتون لمدير حملتها الرئاسية فى مطلع عام 2014، أى بعد مغادرتها منصب وزيرة الخارجية بقليل، تكشف أن واشنطن كانت على علم بتمويل حكومة قطر لتنظيم داعش الإرهابى فى ليبيا.
أول شحنة سلاح قطرية لإرهابيى ليبيا
وكشف عدد من الوثائق المسربة من مكتب على بن فهد الهاجرى مساعد وزير الخارجية القطرى، دعم الدوحة المباشر لتنظيم الإخوان الإرهابى فى ليبيا، حيث صدرت الوثيقة التى تحمل تاريخ 29 سبتمبر 2013، والصادرة من مكتب مساعد وزير الخارجية القطري، موجهة إلى رئيسه خالد العطية وزير الخارجية القطرى آنذاك (وزير الدفاع القطرى حاليا )، تفيد بإتمام تحويل مبالغ مالية لأعضاء الجماعة الإرهابية فى ليبيا بالصك رقم 9250444 بتاريخ 29 سبتمبر 2013.
وكشفت الوثيقة عن أنه تم سحب المبلغ من جانب محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء التابع للجماعة الإرهابية، والذى قام بتوزيعه على 19 من أعضاء الجماعة الإرهابية الذين كانوا يشغلون مناصب مهمة فى المؤتمر الوطنى العام وقتها، على رأسهم خالد المشرى، الذى يترأس مجلس الدولة الحالى فى ليبيا ونائبه منصور الحصادى والقيادى الإخوانى نزار كعوان وعبد الرحمن الديبانى.
وجاءت الوثيقة المسربة ردا على خطاب سرى وعاجل من العطية موجه لمساعده الهاجرى، ويحمل رقم 21245 بسرعة تخصيص وإرسال مبلغ 250 ألف دولار لصالح قيادات الجماعة الإرهابية.
قطر تشكل ميليشيات مسلحة فى ليبيا
الدور القطرى لم يقف عند الدعم المالى فقط، حيث كشفت مصادر أمنية وسياسية ليبية، فى تصريحات صحفية أن الدوحة عملت على تشكيل الميليشيات المسلحة داخل الأراضى الليبية لتكون بديلا للجيش والشرطة.
الغريب أن الوجود العسكرى القطرى المباشر فى ليبيا، كان قد كشف عنه رئيس أركان القوات المسلحة القطرية، اللواء الركن حمد بن على العطية، خلال اجتماع «لجنة الأصدقاء لدعم ليبيا»، فى أكتوبر 2011، حيث قال إن مئات الجنود القطريين شاركوا فى الأراضى الليبية فى عمليات إلى جانب «الثوار» وهم الإرهابيون الذين قدمت لهم قطر الدعم الكافى، وهو ما رصده موقع ويكيليكس أيضا فى الوثيقة المسربة بتاريخ 18 مارس 2011، أى بعد نحو شهر من اندلاع الأحداث فى ليبيا، والتى رصدت نية قطر للقيام بعمليات عسكرية فى ليبيا، وهو ما يكشف أن السيناريو الذى أعدته قطر مع أدواتها فى ليبيا قد سبق أحداث فبراير.
وكشفت الوثيقة أن قطر سعت لإنهاء أى وجود لمؤسسة عسكرية فى ليييا، لإفساح المجال للميليشيات المسلحة التى تدعمها حتى تبقى كل خيوط اللعبة فى يدها عبر التمويل والتسليح وتكوين المجموعات المسلحة ، وضمن هذه الأجندة لم يتوقف تمويل دولة قطر للجماعات الإرهابية المسلحة فى ليبيا ودعمها للميليشيات المتطرفة بالمال والسلاح، حتى بلغ حجم التمويل الذى وصل من الدوحة إلى تلك الجماعات الإرهابية فى ليبيا منذ 2011 ما يقرب من 750 مليون يورو.
دعم الدوحة لتلك الجماعات والميليشيات بدأ عبر المجلس العسكرى فى طرابلس، وهو الدعم الذى لم يقتصر على الأسلحة والعتاد فحسب، بل تعداها إلى إرسال جنود كانوا يرافقون زعيم الجماعة الليبية المقاتلة ورئيس المجلس العسكرى بطرابلس عبدالحكيم بلحاج حتى دخل باب العزيزية تحت غطاء طائرات الناتو.
وفى كتابه «نهاية القذافى» كشف المندوب الأسبق لليبيا فى الأمم المتحدة عبدالرحمن شلقم، تفاصيل المؤامرة القطرية على بلاده، وقال: أخبره أحدهم فى العام 2012 أن أمير قطر كان مستعدا لدفع كل ثـروة قطر من أجل إزاحة نظام القذافى، لتنفيذ مشروع استراتيجى بعيد المدى لن يتحقق إلا بتنصيب حكومة إخوانية موالية له فى ليبيا، لأن فوز الإخوان فى تونس ومصر يستدعى أيضا تنصيب حكومة إخوانية فى ليبيا تكون حلقة وصل بين النظامين، وبهذه الطريقة يمكن لأمير قطر تكوين اتحاد إخوانى فى شمال أفريقيا يضم هذه الدول ويكون تحت زعامة «الأمير» حمد بن خليفة آل ثانى.
وفى أحد حواراته السابقة تحدث السياسى الليبى البارز «عبد الرحمن شلقم» حيث قال : إنه فى العام 2011 أخبرنى الأمير تميم وكان وقتها وليا للعهد، إنه بصفته مسئول ملف ليبيا يدرك قدر المدفوعات المالية التى تكبدتها قطر من أجل إسقاط حكم العقيد القذافى، تلك التى تجاوزت العشرين مليار دولار.
كان تميم واضحا كل الوضوح فى شرح الأهداف من وراء الأموال الطائلة المدفوعة هناك، والتى تمثلت فى إطارين، هما أن يبقى ملف النفط والاستثمارات الليبية، والقوات المسلحة الوطنية فى يد الدوحة وقطر لا الليبى، علاوة على أن تقوم قطر بترشيح عبدالكريم بلحاج رئيسا لدولة ليبيا الجديدة، رغم أن التاريخ الإرهابى بلحاج معروف كأحد أهم إرهابيى القاعدة، والسجين السابق من جراء انتماءاته التنظيمية.
قطر الراعى الرئيسى لجماعات التطرف فى المنطقة
من جانبها كشفت صحيفة «صنداى تليجراف» فى تقرير لها الدور القطرى فى ليبيا، وقالت صراحة: إن قطر هى الراعى الرئيسى لجماعات التطرف الإسلامية فى الشرق الأوسط، وكشف اثنان من كبار مراسليها، عن علاقة وطيدة بين الدوحة والجماعات الإسلامية المتطرفة التى تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس، منذ أغسطس الماضى، وأجبروا المسئولين الحكوميين على الفرار، وهذه هى نفسها الجماعة التى أعلنت ولاءها لتنظيم داعش فيما سمته «ولاية طرابلس»، وهم أيضا حلفاء لجماعة أنصار الشريعة، الجهادية الوحشية التى يشتبه فى وقوفها وراء مقتل السفير الأمريكى فى ليبيا كريستوفر ستيفنز، ومحاولة قتل نظيره البريطانى السير دومينيك أسكويث.
كما أن هناك مسئولين غربيين تتبعوا إرسال قطر طائرات محملة بالأسلحة لـ «فجر ليبيا»، مؤكدين أن تلك الدولة الخليجية الصغيرة، أرسلت طائرات شحن محملة بالأسلحة لتحالف الإسلاميين الذى يسيطر حاليا على بنغازى تحت اسم «فجر ليبيا»، مشيرين إلى أن مسئولين غربيين تتبعوا رحلات الأسلحة القطرية التى تهبط على مدينة مصراتة، على بعد 100 ميل من شرق طرابلس، حيث توجد معاقل الميليشيات الإسلامية.
إنفاق مليارات الدولارات على تهريب السلاح
من ناحية أخرى كشف عدد من التقارير الاستخباراتية أن الدوحة دعمت الجماعات الإرهابية فى ليبيا بأكثر من 3 مليارات دولار منذ انطلاق عمليات فجر ليبيا نهاية عام 2014، حيث تم انفاق هذا الرقم على عمليات تهريب الأسلحة للإرهابيين التابعين لها، سواء عبر مطارات طرابلس ومصراتة، أو من خلال البحر، حيث جرى توقيف بعضها وعليها اختام للجيش القطرى، ومدون عليها أرقامها التسلسلية من مصدرها.
المثير فى الأمر أن ما تقوم به قطر من دعم للجماعات الإرهابية فى ليبيا فضحه عدد من التقارير الدولية لعل أهمها تقرير صادر مؤخرا عن «وكالة الأمم المتحدة للاجئين» إلى أن قطر ومنذ سقوط القذافى تركز على دعم جماعات الإسلام السياسى فى طرابلس، ما يعزز من حالة الإرهاب الدولى العابر للدول، وربما القارات.
ناهيك عن ذلك، فقد حصلت الاستخبارات الليبية مؤخرا على تسجيلات لمراسل قناة «الجزيرة»، يقوم خلالها بتنسيق الرحلات الجوية السرية التى تقوم بها الطائرات القطرية إلى ليبيا لدعم الجماعات الإرهابية هناك.
الدور القطرى المخرب فى ليبيا لا يتوقف عند الإمدادات اللوجستية بالأسلحة والذخائر فقط، بل يمتد كذلك الى نشر قوات قطرية على الأراضى الليبية، والسعى إلى بسط نفوذ جماعات وميليشيات مسلحة معروفة بعينها فى عدة مناطق أبرزها معتيقة ومصراتة، لتكون نقاط مواجهة ومجابهة حال تحركت قوات الجيش الليبى بقيادة المشير حفتر.
وكشفت بيانات الجيش الليبى أن الدوحة عقدت صفقات لدعم الإرهابيين فى الغرب الليبى من خلال «سالم على الجربوعي»، العميد بالاستخبارات القطرية، والذى عمل لسنوات فى منصب المحقق العسكرى لقطر فى دول شمال غربى أفريقيا، وعلى يديه تم تحويل 8 مليارات دولار من البنك القطرى، إلى بنك الإسكان بمحافظة تطاوين جنوب تونس، ومن هناك يبدأ فى توزيعها على الداخل الليبى.
لم يعد فى الأمر سر بعد، وباتت الحقيقة واضحة بوجود تحالف إرهابى يقود المعركة فى طرابلس ضد قوات الجيش الوطنى الليبى، تحالف عماده ست كتائب متطرفة دخلت من مصراتة إلى طرابلس، تمثل أذرع للإخوان المسلمين من جهة ولمجموعات ليبية مقاتلة يتصدرها صلاح بادى من ناحية أخرى وتحصل على دعم مالى كبير من الدوحة.
العلاقة بين قطر والإخوان لا تحتاج إلى تأكيد أو إعادة شرح، ولهذا لم يكن من المفاجئ أو المثير أن يمضى القرضاوى، ومن وراءه مجلس علماء مسلمين تميم، لإدانة حركة تطهير البلاد من الإرهاب المتفشى.
فى هذا السياق تم رصد تكليفات قطرية مباشرة لاقتحام طرابلس، والسيطرة عليها مرة أخرى، للإرهابى صلاح بادى زعيم ما يعرف بميليشيات «لواء الصمود»، وهى ذراع الإسلاميين فى ليبيا، وعهد إليه بجمع شتات الميليشيات المسلحة الليبية والجماعات الإرهابية، لعرقلة تطهير طرابلس من الإرهاب.
وفى منتصف يونيو 2018، عثر الجيش الليبى على أسلحة تحمل شعار الجيش القطرى، داخل منزل زعيم تنظيم القاعدة فى مدينة درنة، بعد تحريرها من الجماعات الإرهابية المسلحة. وأفادت مصادر عسكرية ليبية حينها أن الأسلحة التى تم العثور عليها مشابهة تماما لأخرى عثر عليها الجيش الوطنى الليبى، فى مدينة بنغازى بعد القضاء على تنظيم داعش المتشدد هناك.
منظمات دولية توثق انتهاكات قطر فى ليبيا
وثقت مذكرة حقوقية فى مدينة لاهاى بهولندا جانبا من انتهاكات قطر فى ليبيا بدعمها، حيث ذكر الفريق الدولى لتقصى الحقائق فى انتهاكات قطر بالمذكرة التى أصدرها، أنه تم رصد وتوثيق انتهاكات قطرية تخالف قرار مجلس الأمن رقم 1373، ولجنة مكافحة الإرهاب الدولية المنبثقة عنه، والذى يلزم جميع الدول بمنع وقمع تمويل الأعمال الإرهابية، والامتناع عن تقديم أى شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمنى للكيانات أو الأشخاص الضالعين فى أعمال إرهابية.
وحسب المذكرة، فإن قطر مستمرة فى انتهاك القرار منفردة، إضافة إلى تعاونها الثنائى مع تركيا فى نقل فى أموال وأسلحة عبر السفن والطائرات، وتسليمها إلى الميليشيات الإرهابية التى تقوّض القانون والأمن فى البلاد، وبحسب الفريق الدولى لتقصى الحقائق، فإنه يجرى تجهيز عمل توثيقى شامل، يرصد مجمل الانتهاكات القطرية للقانون الدولى فى ليبيا منذ عام 2011 وحتى عام 2019.
فى السياق ذاته، أكد اللواء أحمد المسمارى المتحدث باسم الجيش الليبي، فى تصريحات سابقة، أن قطر بدأت انتهاك السيادة الليبية منذ فبراير 2011، ومدت الميليشيات والتنظيمات الإرهابية بالأموال والسلاح، وما زالت تدعم هذه التنظيمات الإرهابية التى تهدد المنطقة بالكامل، مشيرا إلى أن الجيش الليبى لديه كل الوثائق التى تدل على ذلك.
مطالبات بمحاكمة دولية لقطر
من ناحيته طالب نائب رئيس المجلس الانتقالى الليبى السابق والخبير القانوني، عبدالحفيظ غوقة، بتقديم العديد من المسئولين فى قطر لمحكمة الجنايات الدولية بتهمة دعم الإرهاب فى ليبيا منذ بداية أحداث ثورة 17 فبراير وحتى الآن.
وأضاف غوقة: أن «التدخل القطرى فى ليبيا كان واضحا منذ أول يوم لثورة فبراير بتقديمها الدعم المالى والسلاح لأمراء الجماعات المتطرفة فى ليبيا، وأن رئيس الأركان القطرى تجاوز رئيس الأركان الليبى وقتها عبدالفتاح يونس بل أكاد أجزم أن قطر هى من حرض على قتله لأنها كانت لا تريد قيام مؤسسة عسكرية فى ليبيا عقب انتهاء الثورة».
وتابع غوقة أن «التدخل القطرى فى الشأن الليبى وعلاقة الدوحة بزعماء الجماعات المتطرفة واضح وسافر ولا بد من اتخاذ إجراءات قانونية ضد سياساتها وردعها عن خراب المنطقة».