ارحموا النيل من التلوث.. حملة أممية لإزالة المخلفات في الدقي والزمالك
الثلاثاء، 15 أكتوبر 2019 08:00 م
نهر النيل، هو شريان الحياة في مصر، والماء هو أصل المخلوقات، على ظهر البسيطة، مِصداقاً لقول الله تعالى فى القرآن الكريم: «وجعلنا من الماء كل شيء حىّ»، ونظراً لهذه الأهمية، التي ترتبط بالبقاء أو الفناء للمخلوقات، نتيجة وجود أو عدم الماء، فقد أحاطته الشريعة والقانون، والدساتير المتعاقبة بسياجٍ عالٍ من الحماية، وتجريم التعدى على الماء عموماً، وعلى وجه الخصوص نهر النيل ومياهه، غير أن عمليات التعدى على نهر الخير والنماء لا تزال مستمرة، رغم الجهود التي تبذلها الحكومة، مُتمثّلة في الوزارات، مثل الموارد المائية و الرى والبيئة والزراعة والتنمية المحلية والمحافظات، إضافة لجهود ومشاركة منظمات المجتمع المدنى والمنظمات الدولية، المعنية بحماية الزراعة والبيئة والمياه، ودورها في الحفاظ على النيل وحمايته من التلوث البيئي، بمختلف أنواعه ومواصفاته.
حماية النيل ومصارفه
ويُمثّل حماية النيل، والحفاظ عليه من التعديات، سواء على مجراه مباشرة، بالردم أو البناء المُخالِف على حرمه، أو بإلقاء المُخلّفات والصرف الزراعى والصحى عليه، تحدياً كبيراً، نظراً لطول النهر ومصارفه، إذ يبلغ طول النيل فى مصر، من أسوان وحتى قناطر الدلتا، حوالى 946 كيلو متراً، ويتفرع منها فرعى دمياط ورشيد، ويبلغ طول الفرع حتى مصبه فى البحر المتوسط، حوالى 230 كيلو متراً، ويتصل بالنيل شبكة رى ضخمة من الترع والريّاحات، يبلغ طولها حوالى 31 ألف كيلو متراً لرى الأراضى والزراعات.
تنقية النيل من التلوث واجب شرعى ووطنى وأخلاقى
كما يوجد حول النيل شبكة من المصارف العمومية، تم إنشاؤها بهدف التخلص من المياه الزائدة عن حاجة الرى، والتخلص من الأملاح الضارة بالتربة الزراعية، ونقلها خارج نظام الرى، وتصب مصارف الوجه القبلى جميعها بنهر النيل، أما مصارف الوجه البحرى، فتنتهى معظمها إلى البحيرات الشمالية أو البحر، وبعضها يصب فى الترع والريّاحات وفرعى دمياط ورشيد.
مواجهة التلوث
وكنتيجة طبيعية، للأعباء والمسؤوليات التي يتحملها النيل، خلال رحلته في مصر، بتوفير مياه الشرب لأكثر من 100 مليون نسمة، علاوة على رى حوالى 10,5 مليون فدان، يتلقى النهر ومصارفه كميات كبيرة جداً من التلوث بشتّى أنواعه، وهو ما رصده تقرير رسمي، صدر عن وزارة البيئة، بالتعاون مع عدد من الوزارات والجهات ذات الشأن، وأكد التقرير، أن إجمالى كمية الصرف المباشر على مياه نهر النيل يبلغ 18.922 مليار متر مكعب تقريباً فى العام، على جسم مياه النهر، بخلاف الترع والرياحات.
وأوضح التقرير، أن مصادر هذا التلوث، هو الصرف الزراعى والصحى والصناعى، وجاء الصرف الصحى والزراعى العشوائى على رأس قائمة الصرف على النيل، بنسبة 72% من كمية الصرف، حسب تقرير حالة البيئة فى مصر عام 2016، والذى صدر أواخر ديسمبر عام 2017، وفى المرتبة الثانية وبنسبة 22%، كانت مياه صرف التبريد، ثم 5% صرف صحى، و1% صرف صناعى، كما رصد التقرير، عدد المصارف الزراعية الرئيسية، التى تصب على النيل، وتبلغ حوالى 72 مصرفاً من أسوان إلى القاهرة، وفرعى النيل بـ دمياط»، ورشيد، والتى تحتوى على مياه الصرف الزراعى المحمّلة بالمبيدات والكيماويات، بالإضافة إلى الصرف المباشر العشوائى من القرى المحرومة من خدمة الصرف الصحي.
التلوث الصناعى يتسبب فى كوارث للنيل
وتابع التقرير: أنه يوجد بالوجه القبلى من أسوان وحتى القاهرة 9 محافظات، يسكنها حوالى 30 مليون نسمة، وتشمل 66 مصرفاً، تخدم زماماً قدره 2.5 مليون فدان، وجميع تلك المصارف تعود مرة أخرى لتصب فى مجرى نهر النيل، ويختلط بها صرف صناعى فى كل من البربا، ومحيط إطسا بالفيوم، وتعانى بعض هذه المصارف، من زيادة عالية فى الأحمال العضوية، الناتجة عن الصرف المباشر، لمياه الصرف الصحى غير المعالج للقرى، والتى لا تتمتع بخدمات صرف صحى أو نتيجة صرف مياه محطات المعالجة الابتدائية.
كمية مياه الصرف المعالج
وأضاف التقرير، أنه من أشد هذه المصارف تلوثاً، مصارف خور السيل، والبربا، وكوم أمبو، والريمون بمحافظة أسوان، ومصرف أتليدم بمحافظة المنيا، أما الصرف الصحى، فأوضح التقرير، أن كمية مياه الصرف المعالج، التى يتم صرفها على النيل وفرعيه حوالى 1.06 مليار متر مكعب فى العام، وتقدّر بنسبة 5%، من إجمالى الصرف المباشر على النهر، عبر محطات معالجة صرف بالوجه القبلى، بالإضافة إلى 4 مصارف.
ويشير التقرير إلى أن مياه الصرف الصناعى للمنشآت الصناعية، تأتى فى المرتبة الأخيرة من حيث كمية المخلفات السائلة، حيث تبلغ 1% من إجمالى الصرف المباشر على نهر النيل من 9 منشآت، وقد تم وقف كمية صرف صناعى تقدّر بحوالى547 مليون متر مكعب في العام، عبر تحويل صرف المنشآت الصناعية من نهر النيل والمجارى المائية العذبة إلى المصارف الزراعية أو الشبكة العمومية للصرف الصحى.
وأوضح التقرير أن هناك 687 مليون متر مكعب فى العام صرف صناعى على النيل، منها 145.5 مليون متر مكعب فى العام صرف مخالف، ويجرى اتخاذ الإجراءات القانونية والفنية لتوفيق أوضاعها البيئية، وعن عدد محطات الكهرباء التى تلقى بمياه التبريد على نهر النيل مباشرة، أوضح التقرير أنها 14 محطة، تلقى بحوالى 4.2 مليار متر مكعب فى العام، بما يُقدّر بـ22% من إجمالى الصرف على النيل.
من ناحيته، يُنظم مكتب الأمم المتحدة في مصر، بالتعاون مع «فيري نايل» Very Nile ، حملة لتنظيف أجزاء من نهر النيل، وتشمل الحملة 3 مواقع، في الزمالك والدقي يوم 19 أكتوبر الحالي، بمناسبة إحياء يوم الأمم المتحدة، ويُعد هذا النشاط جزءا من إحياء منظومة الأمم المتحدة للذكرى الـ 74 لإنشاء منظمة الأمم المتحدة، ويهدف إلى تسليط الضوء على الأهمية الحاسمة لحماية كوكبنا، بما في ذلك عبر ضمان استدامة نهر النيل، من أجل شعوب 11 بلداً أفريقيا، وخاصة مصر، والذين يعتمدون في سبل عيشهم على الموارد التي يوفرها النهر ونظمه الإيكولوجية، وترتبط هذه الفعالية بعديد من أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك الهدف 3 (الصحة الجيدة والرفاهيه)، والهدف 6 (المياه النظيفة والنظافة الصحية)، و الهدف 11 (المدن والمجتمعات المستدامة) ، والهدف 12 (الاستهلاك والإنتاج المسؤولان) والهدف 14 (الحياة تحت الماء) والهدف 15 (الحياة في البر)، كما ترتبط بالبعد البيئى لرؤية مصر 2030
التلوث الصناعى يقضى على الأحياء المائية بالنيل
وأضاف التقرير إن سوء إدارة نفايات البلاستيك، بما في ذلك في مصر، يشكل تحديا خطيرا لأنه يسهم في تدهور البيئة، ويسبب تداعيات سلبية على الصحة العامة ويظل الطمر أو الدفن والحرق الطريقة الرئيسية للتخلص من النفايات في مصر، وأوضح التقرير: وهنا تكمن المشكلة، إذ أنه بعد عملية التحلل الحيوي، التي تأخذ سنوات عديدة، يطلق البلاستيك موادا كيميائية سامة، تجد طريقها إلى المحيطات، حيث تصل إلى طعامنا ثم إلى مجرى دمنا، وتتسبب فى تعطيل نظام الغدد الصماء، وهو ما قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان والعقم والعيوب الخلقية، وضعف المناعة وغيرها من الأمراض الكثيرة.
وأشار التقرير، إلى إنه علاوة على ذلك، يتم جمع ما بين 30 إلى 60% فقط من النفايات، وهو ما يترك أطناناً من النفايات البلاستيكية منتشرة في جميع أنحاء المدن والشوارع، وتجد في النهاية طريقها إلى الأنهار والبحار والمحيطات، وهو ما يلحق الضرر بالأحياء على الأرض أيضا، مشيراً إلي الدور المحوري الذي يلعبه الإعلام، والذي كان ولا يزال رائدا في رفع سقف الوعي العام بأهمية صون مصلحة الوطن والمواطن، بما في ذلك من خلال الحفاظ على البيئة بشكل يحقق أمن الموارد الطبيعية، وبما يضمن حقوق الأجيال القادمة فيها وتوفير بيئة نظيفة وصحية وآمنة للمواطن المصري.