قصة فساد قضى على مليارات الدولارات فى العراق.. الأمور تزداد سوءا
الجمعة، 04 أكتوبر 2019 09:00 ص
تحول الفساد فى العراق إلى آفة خبيثة تنخر فى أركانه، تسبب في تركيع البلاد اقتصاديا، فأصبح تقدمها أمرا شبه مستحيل، وقد قدرت الجهات الرقابية سواء العراقية أو الدولية، كمية الأموال التي فقدتها بغداد جراء عمليات الفساد بأكثر من 450 مليار دولار، من أصل 900 مليار دولار حصل عليها العراق من عمليات بيع النفط خلال السنوات الاثني عشر عاما الماضية.
لكن هناك من يؤكد أن الرقم أعلى بكثير بسبب المنح الدولية التي سُلّمت للعراق بعد عام 2003 وتبلغ عشرات المليارات من الدولارات إضافة الى عوائد أخرى حصل عليها العراق غير تلك المتحصلة من النفط.
البنك الدولي ومنظمة الشفافية الدولية بدورهما أعلنا سرقة ما وصفوه فى تقاريرهما بـ«الأرقام الخيالية»، من خزينة الدولة، من بينها اختفاء ما يقدر بحوالي 600 مليار دولار في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ورغم أنه فى عام 2017 أعلنت هيئة النزاهة العامة في العراق إصدار أكثر من ألفي أمر قبض بتهم تتعلق بالفساد بينهم 290 مسؤولا حكوميا، إلا أن الخطوات التنفيذية لذلك لم تتم على أكمل وجه.
واحتل العراق العام الماضي المركز السادس عربيا و13 عالميا في قائمة الدول الأكثر فسادا من إجمالي 168 دولة، بحسب منظمة الشفافية الدولية، وبحسب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي فإن الفساد في البلاد تجاوزت قيمته 300 مليار دولار، لذا شكل عبد المهدى مجلسا لمكافحة الفساد برئاسته، وسط دعوات لمحاسبة المفسدين، خاصة بعدما أشارت تقارير بأن آلة الفساد اجتاحت أكثر من 9 آلاف مشروع في مجالات مختلفة، منها مشاريع وهمية وأخرى متعثرة منذ عام 2004، بحسب تأكيد الحكومة.
الحكومة العراقية، كشفت هذا العام قرابة 40 ملف جديد عن الفساد، بحسب ما صرح المهدي، فإن خارطة الفساد تتمثل في مصدرين رئيسيين: الأول في أموال الدولة، والثاني في المال العام أو في الاقتصاد الوطني، فيما تعهد البرلمان العراقي بإقرار حزمة تشريعات تتعلق بعمل هيئة النزاهة واسترداد أموال الدولة، إضافة إلى إيجاد حلول لمشكلة المشاريع الوهمية والمتعثرة، التي تشمل مدارس ومستشفيات وطرقا وغيرها.
الفساد الذى ينخر فى العراق شكل بيئة طاردة للمستثمرين الأجانب وتوفير فرص العمل، ليقبع المواطن العراقى بين مطرقة الفقر وسندان الفساد، ومؤخرا قرر المجلس الأعلى لمكافحة الفساد في العراق، تنحية ألف موظف من مؤسسات الدولة، بعد صدور أحكام قضائية بحقهم في تهم تتعلق بالفساد وإهدار المال العام.
وعقب المظاهرات الحاشدة التى شهدها العراق المطالبة باستقالة رئيس الوزراء بسبب الفساد الحكومى، قرر المجلس الذى يترأسه المهدي تنحية الألف موظف، فى خطوة هامة جاءت بعد اطلاع المجلس على تقرير دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة بخصوص الموظفين الذي صدرت بحقهم أحكام قضائية متعلقة بالنزاهة، سواء كان هدر المال العام أو تعمد الإضرار بالمال العام أو الاختلاس أو الإثراء على حساب المال العام وغيرها من الجرائم.
والألف موظف الذين تم تنحيتهم من العمل، يشغلون مختلف الدرجات الوظيفية، وبمختلف مؤسسات الدولة عن مواقعهم الوظيفية التي يشغلونها، وجاء القرار أيضا بعدم تسليمهم أي مناصب قيادية عليا أو وسطى مستقبلا، لما لذلك من إضرار بالدولة ومؤسساتها ويعمق الإثراء على حساب المال العام ويعزز الكسب غير المشروع، فيما يرى محللون أن الخطوة جاءت بعد المظاهرات العارمة التى شهدها العراق وأدت إلى مقتل 29 شخصا، حيث خرجوا رفضا للفساد واحتجاجا على الأوضاع الاقتصادية المتردية، فيما انسحبت قوات الأمن أمام الأعداد الكبيرة من المحتجين المتجهين نحو ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد.
ومن ضمن أبواب الفساد الخلفية التى انتقدها نواب البرلمان العراقي، هو قانون" العفو العام"، الذى أقره البرلمان عام 2016، والذى سمح للكثير من الفاسدين بالهروب خارج العراق، والتنصل عن جرائمهم التي ارتكبوها بحق المال العام، وما ألحقوا من ضرر بالدولة نتيجة ذلك، دون محاسبتهم، بحسب النائب عن تحالف البناء، حسن شاكر، الذى أكد أن الكثير من فقرات هذا القانون تتطلب تعديلاً خاصة ما يتعلق بسارقي المال العام والفاسدين، كما أن لجنة النزاهة البرلمانية تعمل على إيجاد صيغة لتعديل القانون بالتعاون مع اللجنة القانونية بالبرلمان العراقى.