زرع النخاع أمل يهزم الألم
الخميس، 03 أكتوبر 2019 03:57 م
بعيدا عن ضوضاء العاصمة والأحداث السياسية والإعلامية ومعارك التواصل الاجتماعي ومناخ اليأس والإحباط الذي يحاول البعض نشره في المجتمع، هناك رجالا يعملون بإخلاص وإتقان ولا يشغلون أنفسهم بهذه المهاترات، ولا يفكرون إلا في الانجاز لأنهم يعشقون بلدهم بالعمل والإنتاج وليس بالأقوال والشعارات.
يوم السبت الماضي وفي هدوء تام شهدت جامعة المنصورة انجازا طبيا كبيرا وهو افتتاح وحدة زراعة النخاع في مركز الأورام، هذا الحلم الذي طال انتظاره منذ سنوات طويلة وهو الأمل الذي سوف يهزم الآم نسبة كبيرة من مرضى السرطان في منطقة الدلتا تحديدا، حيث كان معظمهم يلقون ربهم بسبب العجز الشديد في هذه الخدمة وعدم توافرها إلا في عدد محدود جدا من المستشفيات بالقاهرة لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
الدكتور محمد حجازي المدير النشيط لمركز الأورام الذي يفكر خارج الصندوق هو وفريق العمل بالمركز من أجل إنقاذ المرضى من الموت، وأيضا البحث عن كل ما هو جديد ومتطور يقول إن وحدة زرع النخاع بالطابق الحادي عشر بمركز الأورام على مساحه ألف متر مربع، بتكلفة 45 مليون جنيه وسعه 8 كبسولات لزرع النخاع تحتوى كل كبسولة على منطقة خارجية وداخلية ومجهزة بوحدات تكييف منفصلة لضمان عدم انتقال العدوى، الجزء الخارجي مخصص لخدمة المريض من طاقم التمريض والأطباء، والجزء الداخلي لإقامة المريض معزولا طوال عملية الزرع ويضم سرير عناية مركزة وكرسي وكافة مستلزمات الإقامة، بالإضافة إلى شاشة تليفزيون ودورة مياه ملحقة كما يوجد بكل كبسولة دائرة مراقبة لمتابعة المريض عن طريق الطاقم الطبى كما يتم استخدامها فى التواصل مع أهل المريض عن طريق الصوت والصورة، كما تضم الوحدة معمل الخلايا الجذعية والذى يتم به تخزين الخلايا حتى نقلها للمريض بالإضافة إلى كافه التجهيزات الطبية المطلوبة لإتمام عملية الزرع.
مركز الأورام بالمنصورة نقطة مضيئة في منطقة الدلتا يقدم خدمات جليلة للمرضى الفقراء وبالمجان من الفحوص والأشعة والعمليات وجلسات الكيماوي، وغيرها من الخدمات بآلاف الجنيهات ولا يدفع المريض منها شيئا، ويعتبر أكبر مستشفى جامعى متخصص فى علاج الأورام فى مصر بعد المعهد الأم بالقاهرة، ويخدم كتلة سكانية فى محافظات الدلتا تعدادها يزيد على 10 مليون نسمة، ويتردد عليه أكثر من 200 ألف مريض سنويا على الأقل، 50 إلف منهم يتم حجزهم فى المستشفى لإجراء جراحات صغرى وكبرى وتلقى جلسات إشعاع وكيماوي، كما يعالج كل أمراض الأورام لكل الفئات العمرية، ولم ولن يغلق أبوابه أمام أى مواطن أو ينتقى مرضاه ويقدم لهم الخدمات فى حدود موارده المالية المتاحة من ميزانية الدولة وبعض تبرعات أهل الخير.
وهو مثل مئات المستشفيات الحكومية يتحمل عبء علاج ملايين المواطنين بدون أى بروباجندا أو صخب إعلامى، ولا يستطيع عمل اى دعاية إعلانية مدفوعة الأجر وليس لديه الأموال لذلك، كما أنه تأثر مثل غيره من قلة التبرعات التى استحوذت عليها بعض المؤسسات الخيرية التى تعالج العشرات ولكنها سحبت التبرعات بسبب دعايتها الإعلانية الفجة.
مركز الأورام بالمنصورة يتكون من 13 طابقا على مساحة 2500 متر ويشمل 500 سريرا ويهدف إلى توفير الرعاية الصحية لمرضى السرطان بالدقهلية والمحافظات المجاورة وفقا لأعلى معايير الجودة وبأحدث التقنيات وتدريب وتعليم الأطباء والكوادر الطبية المختلفة فى مجال تشخيص وعلاج السرطان وطرق الوقاية وأساليب الكشف المبكر. كما يهدف إلى تخريج أطباء متخصصين فى علوم السرطان المختلفة ومنح شهادات معترف بها عالميا فى ذات المجال والمساهمة الفعالة فى الأبحاث العلمية فى مجال السرطان لتطوير وسائل التشخيص وأساليب العلاج فى منافسة مع كثير من المراكز البحثية.
مركز الأورام بالمنصورة الذى يعالج الفقراء بالمجان يعانى من نقص الموارد ويحتاج إلى تبرعات لشراء كبسولات وبعض أجهزة التدخل الجراحى والأشعة ومازال يضطر لإرسال بعض مرضاه للقاهرة لعمل أنواع معينة من الأشعة وفى هذا عناء شديد على المرضى الذين ينهش السرطان فى أجسادهم.
ونظرا لثقة المواطنين فيه فإنه أصبح يستقبل أضعاف طاقته وقدرته الاستيعابية ومع قلة الموارد فإن مستوى الخدمة يتأثر ويؤدى إلى قوائم انتظار طويلة وهذا خطر على مريض السرطان لذلك فإن د حجازى مدير المركز يسعى إلى إقامة مستشفى آخر ملحق به وذلك من خلال مشاركة المجتمع المدنى نظرا لظروف الموازنة العامة.
كل التحية والتقدير إلى مؤسسي هذا الصرح الطبى العظيم والى رؤساء جامعات المنصورة وعمداء كلية الطب الداعمين للمركز منذ إنشائه وأيضا إداراته المتعاقبة والمتبرعين من اهل الخير وإلى كل العاملين فيه الذين يبذلون جهود متميزة لتخفيف معاناة فقراء المرضى ويعملون فى صمت وتحيا مصر