صديق العرب يودع الحياة.. كواليس في علاقات «جاك شيراك» بالمنطقة
الجمعة، 27 سبتمبر 2019 12:00 م
يوصف بـ«صديق العرب» إنه الرئيس الفرنسى الراحل «جاك شيراك»، الذى توفى عن عمر يناهز86 عاما كان نصيب السياسة منه 40 عاما أمضاها الرئيس الفرنسى الراحل جاك شيراك منذ ستينات القرن العشرين، وكان آخر محطات مشواره السياسى فى 2007 أمضى من تاريخه السياسى 12 عاما فى قصر الإليزيه.
كان شيراك طوال حياته ملتزما بمبادئ الجمهورية الخامسة التى أسسها زعيمه الروحى شارل ديجول.
وتمتع شيراك بصورة إيجابية فى العالم العربى نظرا لمواقفه الشجاعة حيال قضايا الشرق الأوسط، أبرزها رفضه مشاركة بلاده فى التحالف الدولى بقيادة واشنطن خلال غزو العراق فى 2003.
مساندة عرفات
عدة مواقف تلخص لنا آراء الرئيس الفرنسى الراحل جاك شيراك بشأن القضايا المهمة فى العالم العربى، ومن أبرز تلك المواقف موقف فرنسا المساند والمتمسك بشرعية رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، وعزز هذه الشرعية على الساحة الدولية فى حين أن الضغط الإسرائيلى الأمريكى حاول أن يلغيها ويعزله.
تطبيع العلاقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق آرييل شارون الذى قال عنه جاك شيراك، إن فرنسا لم تكن قادرة على التدخل مباشرة لإيجاد حل للصراع الاسرائيلى- الفلسطينى، لأنها لا تملك وحدها الإمكانات لذلك، ولأن العلاقات الفرنسية - الاسرائيلية شديدة التعقيد.
وقال، إن هذا التطبيع أتاح قيام علاقات أفضل مع رئيس الحكومة الإسرائيلى الحالى ايهود اولمرت، وهذا ما ساعد لاحقاً فرنسا على صعيد الدول العربية التى كانت تعتبر أن الدور الفرنسى غير فعال، بسبب سوء العلاقة مع اسرائيل، وأن لا حاجة للحديث مع بلد لا يملك أى قدرة على التدخل أو التأثير على اسرائيل.
وتابع ، إن تأييد فرنسا لشرعية عرفات فى وجه كل الذين اعتبروه إرهابياً، فى وقت كانت اسرائيل تشترط وقف الإرهاب قبل بدء أى مسار تفاوضى كان مهماً.
وحاولت فرنسا الدعوة إلى مؤتمر دولى لحل الصراع فى المنطقة مع تحديد أسلوب جديد، منذ حوالى سنة تقريباً، فقالت إنه ينبغى عدم الخوض فى تفاصيل المفاوضات وترك أمر تحديد محاور هذه المفاوضات لأطراف النزاع على أن تعمل الدول الراعية للمؤتمر على تحديد الضمانات اللازمة لأى اتفاق.
علاقاته بقادة العرب
رغم أن سياسة شيراك فى الشرق الأوسط كان بها بعض التحولات، فبعد أن قدم الدعم للرئيس السورى بشار الأسد، تراجع عن موقفه وانتهج موقفا مختلفا حيال دمشق إلا أن كانت تربطه علاقات شخصية حميمة بالكثير من قادة المنطقة، وظهر فى شريط فيديو مؤرخ فى 1975 عندما كان رئيس وزراء فاليرى جيسكار ديستان وهو يصافح نائب الرئيس العراقى آنذاك صدام حسين فى باريس، كما ارتبط بعلاقات قوية مع رئيس الوزراء اللبنانى السابق رفيق الحريرى.
غزو العراق
رفض شيراك مشاركة بلاده فى التحالف الدولى بقيادة واشنطن خلال غزو العراق فى 2003، وتمسك بمساندة ياسر عرفات، كان من أكبر الداعمين لتأسيس دولة فلسطينية بعد أن كان معارضا لها، والتقى بالزعيم ياسر عرفات نحو 30 مرة.
ويعتبر شيراك أحد أبرز وجوه الحياة السياسية فى بلاده، وانطلق نضاله السياسى فى 1965 عندما كسب معركته الأولى، وأصبح مستشارا فى بلدية سانت فيريول بمنطقة كوريز، وبعد استقالته من الحكومة أسس جاك شيراك فى 1976 حزبا جديدا سماه "التجمع من أجل الجمهورية".
واحتج شيراك على مضايقات قوات الأمن الإسرائيلية خلال زيارته القدس الشرقية فى 22 أكتوبر 1996.
موقف فرنسا من قضية صحراء المغرب
وعن موقف فرنسا من قضية الصحراء الغربية والمغرب، قد حددت فرنسا موقفاً يستند إلى التحرك الأوروبى وأن موضوع الصحراء معطل منذ سنوات وحان الوقت لخلق ديناميكية جديدة.
وأضاف أن المغاربة عملوا كثيراً على تأمين ظروف تشكل أساساً للمفاوضات، وأن فرنسا اعتبرت التحرك المغربى ضرورياً، وأنه لا بد من حل هذا الصراع باسم الاندماج المغاربي، وإن إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر أمر غير طبيعى، ولا بد من إيجاد حل لهذا الصراع لأنه خطير وقد يسبب حرباً، المنطقة فى غنى عنها.
وكان المغرب الوجهة المفضلة للرئيس الفرنسى الأسبق، وكان يستمتع بطبيعته قبل أن تلم به الوعكة الصحية، وتجبره على مغادرة تارودانت التى عشقها لتلقى العلاج، شغل موضوعه الشارع المغربى الذى يكن الكثير من الود لصديق المملكة الأول فى فرنسا.
فعلاقة شيراك مع المغرب والأسرة الملكية بصفة خاصة تبقى من بين العلاقات الناجحة فى تاريخ المملكة التى استمرت بعد وفاة العاهل الراحل الملك الحسن الثاني، وظلت مكانة شيراك محاطة بالتقدير والعناية اللازمة التى يكرم بها الملك محمد السادس ضيف المملكة وحليفها التاريخى فى فرنسا.
وتعلق قلب الرئيس الفرنسى وزوجته برناديت فى مدينة أكادير الساحلية( جنوب)، التى صار يفضل تمضية أوقاته فيها، بدل سواحل الجنوب الفرنسي، نظرا لجوها الدافئ المناسب لظروف الرئيس الصحية، بالإضافة إلى كرم الضيافة التى يحيطه بها الملك محمد السادس والتى بلغت حد منحه القصر الملكى في
علاقته بالجزائر
وحول العلاقات مع الجزائر، فرنسا لم تصل على هذا الصعيد إلى البعد الذى كانت تتمناه، علماً أن زيارة شيراك إلى الجزائر كانت مهمة جداً وأن العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين تعززت بشكل ملحوظ.
وقال ان الجزائر أدركت أنها تغيرت وأن لها مصلحة، كونها بلداً من بلدان الجنوب، في الدخول في نادي الدول المتقدمة، ورغم كل شيء فإن العلاقة الفرنسية - الجزائرية في 2007 أفضل بكثير مما كانت عليه في 2002، وعلاقة شيراك بالرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لعبت دوراً في ذلك.