الجاسوس إيلي كوهين: اتنولد في مصر.. اتجند في إسرائيل.. واتعدم في سوريا

الإثنين، 16 سبتمبر 2019 07:00 ص
الجاسوس إيلي كوهين: اتنولد في مصر.. اتجند في إسرائيل.. واتعدم في سوريا
الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين

على مدار 6 حلقات يحكي مسلسل (The Spy) الذي تذيعه شبكة «نتفليكس» حكاية الجاسوس الإسرائيلي إيلى كوهين، الذي زرعته تل أبيب في سوريا في فترة الستينيات باسم «كامل أمين ثابت»، واستطاع أن يخدع سوريا حتي تم كشفه، وإعدامه عام 1965 على يد السلطات السورية.

وبينما يراه العرب جاسوسا خائنا يستحق الإعدم، تعتبره إسرائيل بطلا قوميا يستحق التكريم، وفي الفترة الأخيرة تحولت قصة حياته إلى عمل درامي، علاوة على وجود كثير من الكتب التي تناولت سيرته وعمليته التجسسية، ومن بين تلك الكتب، كتاب «عندما يغيب القمر عن برلين» لـ رولا عبيد، الصادر عن دار بدائل للنشر.

مولده ونشأته
 
ولد  إلياهو أو إيلي كوهين، في الحي اليهودي في الإسكندرية في 16 ديسمبر 1924 بعد أن هاجر أبوه شاؤول وأمه صوفي كوهين من حلب إلى مصر. كان والده يملك في الإسكندرية محلا لبيع رباطات العنق، وكان أبا لثمانية أطفال أنشأهم تنشئة دينية تلمودية، وفقا لما ذكره الكتاب.
 
درس «إيلي» في مدرسة الليسيه، وكان يتحدث اللغة العبرية والفرنسية والعربية، وأظهر اهتماما بالديانة اليهودية في سن مبكرة فألحق بمدرسة الميمونيين بالقاهرة، ثم عاد إلى الدراسات التلمودية في الإسكندرية تحت رعاية الحاخام «موشة فينتورا»، حاخام الإسكندرية.
 
لفت إيلى نظر الجمعيات اليهودية وكانت كثيرة في ذلك الوقت قبل الثورة في مصر وعن طريق الجمعيات الدينية اقترب إيلي من مجالات النشاط الصهيوني السياسي في مصر، لكن لم يظهر له نشاط مؤثر.
 
رحلة بلا عودة
 
وفي ديسمبر سنة 1956، في أعقاب حرب السويس مباشرة كان على إيلي كوهين، أن يغادر مصر نهائيا، وختم جواز سفره بتأشيرة بلا عودة. وسافر إيلي كوهين بالباخرة من الإسكندرية إلى نابولي ومنها استقل باخرة ثانية إلى ميناء حيفا، وهناك التقطته المخابرات الإسرائيلية وجندته في البداية في إطار الأمن الداخلي ضد التجسس العربي.
 
وفي بداية سنة 1960 رشحه أحد كبار المسئولين في الموساد للعمل في الخارج. وفي تلك الفترة كان إيلي كوهين يريد العودة إلى مصر والعمل فيها لحساب الموساد على أساس أنه من مواليدها وهو أخبر بها من غيره بين زملائه فى الموساد. 
 
ولكن مدير الموساد في ذلك الوقت كان له رأى آخر. فقد اقترح إرسال إيلي كوهين إلى سوريا بعد تأهيله لكي يذهب إليها مليونيرا من أصل عربي عائدا إلى وطنه بعد أن كون ثروة طائلة في الأرجنتين.
 
 
تم تجهيزه وتدريبه على كيفية استخدام أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري. كما راح يدرس فى الوقت نفسه كل أخبار سوريا ويحفظ أسماء رجالها السياسيين والبارزين في عالم الاقتصاد والتجارة مع دراسة القرآن وتعاليم الدين الإسلامي.
 
وقبل أن يصل إلى دمشق كان يعرف كل شبر من حي أبو رمانة عن طريق المواقع الافتراضية. وكان قد حدد مكان إقامته قبل أن يصل. فوجوده في أبو رمانة، حيث تتواجد أغلب السفارات، سيمكنه من بث رسائله دون لفت الأنظار. كانت شقته تطل على وزارة الدفاع والمكتب الثاني بشكل خاص حيث تجتمع القيادات. فما أن يرى إضاءة الطابق ليلا مضاءة حتى يتنبه إلى وجود حالة طارئة من الجيش مثل الإعداد لعملية عسكرية ضد أهداف في إسرائيل أو انقلاب عسكري داخل البلاد.
 
أصبح الجاسوس الإسرائيلى ضيفا مدللا على الدوام لدى أعلى مستويات القيادة السياسية والعسكرية في سوريا. وبدأت رسائله إلى قيادة الموساد. وكان إيلي يدعى إلى كل حفلات النخبة الحاكمة في دمشق ونواديها، ويشترك فى كثير من المناقشات السياسية والاقتصادية.  
 
فى عام 1965، وبعد 4 سنوات من العمل فى دمشق، تم الكشف عن كوهين، وفى 18 مايو 1965 أعدم كوهين في ساحة المرجة وسط دمشق.
 
3 روايات عن إيلي 
 
ويدور حول كشف الجاسوس الإسرائيلى العديد من الروايات من الجانبين السورى والإسرائيلى، إضافة إلى الرواية المصرية، التى أكدت أن أجهزة الأمن المصرية لها دور كبير فى ذلك.. فكيف لعبت هذا الدور فى كشف هذا الجاسوس وهل كان لرأفت الهجان دور فى ذلك؟
 
بحسب كتاب «دماء على أبواب الموساد: اغتيالات علماء العرب» للدكتور يوسف حسن يوسف، فإن القبض على إيلي كوهين جاء بالصدفة البحتة، وحدث هذا من خلال العميل المصري في إسرائيل رفعت الجمال/ رأفت الهجان، الذي شاهده ذات مرة فى سهرة عائلية حضرها مسئولون في الموساد عرفوه به، وأنه رجل أعمال إسرائيلي في أمريكا، يغدق على إسرائيل بالتبرعات المالية.
 
وعندما كان «الجمال» في زيارة لطبيبة شابة صديقته من أصل مغربى اسمها ليلى، بمنزلها شاهد صورة لإيلى مع امرأة جميلة وطفلين، فسألها عنه فأجابت بأنه إيلى كوهين زوج شقيقتها ناديا، وهو باحث في وزارة الدفاع وموفد للعمل في بعض السفارات الإسرائيلية في الخارج.
 
ظل الشك يساور «الجمال» حول ذلك الرجل إلى أن شاهد صورته في أكتوبر 1965، حيث كان في رحلة عمل للاتفاق على أفواج سياحية في روما وفق تعليمات المخابرات المصرية، وفي الشركة السياحية وجد بعض المجلات والجرائد ووقعت عيناه على صورة إيلى كوهين، فقرأ المكتوب أسفلها وكانت عبارة عن «الفريق أول على عامر والوفد المرافق له بصحبة القادة العسكريين في سوريا، والعضو القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي كامل أمين ثابت».
 
 
وبالطبع كان كامل هو إيلى كوهين الذى التقاه من قبل في إسرائيل، وتجمعت الخيوط في عقل «الجمال» فحصل على نسخة من الجريدة اللبنانية من محل بيع الصحف بالفندق وفى المساء التقى مع محمد نسيم رجل المهام الصعبة فى المخابرات وأبلغه بما حدث، وما كان من ضابط المخابرات إلا أن أبلغ القادة وتم تبليغ المعلومات للرئيس جمال عبد الناصر الذي تأكد من المعلومات، وعليه سافر ضابط المخابرات حسين تمراز إلى سوريا لعرض المعلومات على الفريق أمين الحافظ، وبعدها تم القبض على «كوهين» وسط دهشة المجتمع السوري، الذي لم يكن يتصور أن يكون ذلك الرجل الذى يدعى الوطنية هو عميل لصالح الكيان الصهيوني.
 
 بينما تذهب القصة السورية إلى أنه عندما كانت تمر سيارة رصد الاتصالات الخارجية التابعة للأمن السوري أمام بيت إيلى كوهين، ضبطت أن رسالة مورس وجهت من المبنى الذي يسكن فيه، وتمت محاصرة المبنى على الفور، وقام رجال الأمن بالتحقيق مع السكان ولم يجدوا أحداً مشتبها فيه، ولم يجدوا من يشكّون فيه في المبنى. إلا أنهم عادوا واعتقلوا كوهين بعد مراقبة البث الصادر من الشقة.
 
عبر سنوات طويلة ظلت أسرة الجاسوس الإسرائيلى تحيى ذكراه في شمال الجولان المحتل، حيث اختارت موقعاً قرب مبنى قديم كان يستخدمه الجيش السورى، لقناعتها أن هذا المكان هو الأقرب لمنطقة دفنه. وقد ومارست إسرائيل ضغوطاً كبيرة في محاولة للحصول على رفاته، وحاولت عائلته طرح إمكانية تبادل مع الأسرى السوريين في إسرائيل، لكن جهودها باءت بالفشل، ويقال بأن  ذلك حدث مؤخرا، لكنه ليس مؤكدا.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق