«زراعات السمسم».. تواجه أزمات وصراعات المحاصيل التصديرية
الإثنين، 02 سبتمبر 2019 09:00 ص
فى الوقت الذى تُعانى فيه مصر، من أزمةٍ فى توفير زيوت الغذاء، وتضّطر لسد هذه الفجوة الكبيرة مابين الإنتاج والاستهلاك، عن طريق الاستيراد من الخارج، تواجه المحاصيل الزيتية صراعاً وحرباً شعواء، تأتى من شقيقاتها المحاصيل الأخرى، وخاصة زراعات الحاصلات البستانية أو مانسميه المحاصيل التصديرية، مثل الخضروات والفاكهة، وعلى وجه الخصوص بنجر السكر، وقد ترك هذا الصراع الدائر بين المحاصيل، من أجل فوز كلٍ منها بمساحات زراعية، أثره السلبى على المحاصيل الزيتية، ومنها السمسم، الذى تراجعت مساحة زراعته، وبدأ المزارعون فى العزوف عنه.
زراعات السمسم
تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء
كان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، قد أصدر بياناتٍ وتقارير، رصد خلالها مساحات زراعة محصول "دوار" الشمس، وأكدت الأرقام على التراجع الكبير فى المساحة، من 73 ألف فدان فى عام 1993 لحوالى 15.2 ألف فدان فى عام 2015- 2016، كذلك الحال بالنسبة لفول الصويا، الذى تراجع من 100 ألف فدان فى 1992 إلى 32 ألف فدان العام المالى قبل الماضى، كما تراجعت مساحة محصول الكتان من 44 ألف فدان فى 1991 إلى 12 ألف فدان فى العام المالى 2015 – 2016، فى حين تعانى الذرة الصفراء من نقص المساحات على مدار السنوات الماضية، وقد بلغت فى موسم 2015 – 2016 حوالى 723 ألف فدان، كما بلغت المساحات المنزرعة من محصول القطن فى آخر موسم حوالى 220 ألف فدان، مقابل حوالى 2 مليون فدان قبل تسعينيات القرن الماضى، وتراجعت كذلك مساحات محصول السمسم من 70 ألف فدان إلى 64 ألف فدان فى 2014، وكان محصول الفول السودانى هو الوحيد، الذى لم تنخفض مساحة زراعته على مدار آخر 10 سنوات، وفقاً للإحصائيات الرسمية، وبلغ 134 ألف فدان فى المتوسط، طوال العقدين الماضيين، وتتراوح نسبة الزيت فى محصول "دوار" الشمس مابين 35 و55%، والذرة الشامية بين 35% و39%، أما الكتان فبين 40% و45%.
زراعة المحاصيل الزيتية
وتزرع مصر 6 محاصيل زيتية، تستطيع بذورها توفير احتياجات المستهلكين من الزيوت، والتى اقتربت من حاجر 2 مليون طن، بقيمة 16 مليار جنيه سنوياً، لكن أزمة الأسعار والتسويق، وجّهت أنظار الفلاحين والمزارعين نحو محاصيل أخرى، أعلى فى جدواها الاقتصادية، وقد أكد تقرير رسمى، أصدره مجلس المحاصيل الزيتية أن زيوت الطعام تقدر نسبتها بـ 65% من استهلاك الزيوت فى مصر، والتى توزع ما بين 14% من زيوت دوار الشمس، و13% لزيت الذرة و73% منها من زيت بذرة القطن وفول الصويا، وأشار التقرير إلى أن 26% من الزيوت، من منتجات زيوت المسلى النباتى، وهذه الزيوت تعتمد فى إنتاجها على زيت النخيل المستورد بنسبة 100%، والذى تقدر كميته بـ700 ألف طن سنوياً، وهناك نسبة 7.7% من الزيوت لإنتاج البسكويت والشيكولاتة، وقد علّق الدكتور مدحت أحمد على، أستاذ الاقتصاد الزراعى، فى تصريحات له على ذلك بِأن 60% من الزيوت نستخرجها من بذرة القطن، وقد تراجعت المساحات المنزرعة من القطن، من مليون ونصف المليون فدان إلى 200 ألف فدان، وهو الأمر الذى أدى إلى حدوث فجوة فى إنتاج الزيوت النباتية.
عملية جمع وضم السمسم
دراسة اقتصادية عن زراعة السمسم
وحسب دراسة اقتصادية، یعتبر محصول السمسم من المحاصیل الھامة، والتى تُزرع أساساً للحصول على بذوره، الغنیة بالزیت والبروتین والكالسیوم والفوسفور، حیث تتراوح نسبة الزیت فى الأصناف المصریة، ما بین 55 – 60 %، والبروتین من15- 25%، ویُزرع السمسم فى مصر أساساً لصناعة الحلاوة الطحینیة والطحینة، وتبلغ مساحة الرقعة الزراعية من المحصول فى مصر، حوالى 73٫36 ألف فدان والإنتاج الكلى منه يُقدّر بحوالى 362٫398 ألف أردب بأرقام عام 2006 م، وتتمثّل مشكلة البحث أو الدراسة، فى عزوف مُزارعى محافظة قنا، عن زراعة محصول السمسم، وتحولھم إلى زراعة محاصیل أخرى أكثر ربحیة، نظرا لعدم حصولھم على السعر العادل من إنتاجه، وهو الأمر الذى يؤكد على وجود بعض المشكلات الإنتاجیة والتسویقیة، التى تواجه زراعته بالمحافظة، وهذا جانب مما جاء بالدراسة الاقتصادیة لإنتاج وتسویق محصول السمسم فـى محافظـة قنــا، والتى أجراها الأساتذة والخبراء، الدكتور حسام الدین سلیمان شلبى، والدكتور على أبو ضیف محمد مطاوع، والدكتور أبو الحجاج مرغنى أحمد خلیفة، من قسم الاقتصاد الزراعى كلیة الزراعة جامعتى القاھرة و الأزھر.
نقيب الفلاحين يصف حالة وأزمة زراعة السمسم
نقيب عام الفلاحين يُلخّص أزمة السمسم
من ناحيته، قال الحاج حسين عبد الرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إنه على الرغم من أن مصر في أشد الحاجه لزراعة المحاصيل الزيتية، حيث تستورد أكثر من 90% من الزيوت، وأن السمسم من المحاصيل ذات العائد الاقتصادي العالي نسبيّاً، وفوائده الصحية كبيرة، ودخوله في عدد كبير من الصناعات كالحلويات والمخبوزات والحلاوة الطيحينية، بالإضافة لإنتاج زيت السمسم، وعلى الرغم من كل هذه المزايا إلاّ أن المساحة المزروعة بالسمسم، ما زالت قليلة جداً لأسباب كثيرة، أهما اتجاه المزارعين لزراعة الخصروات، من طماطم وبطاطس، يجعلهم يعزفون عن زراعة السمسم، لأن حصاد السمسم يستمر لشهر أكتوبر من كل عام، وهو ما يحول دون زراعة الخضروات.
وتابع أبوصدام ،أن السبب الثانى فى تراجع زراعة السمسم، فهو إصابة المحصول بأمراض الذبول، وعدم وجود أصناف مقاومة للأمراض، أمّا السبب الثالث فهو قلّة الإنتاجية، لأن الأصناف الموجودة حالياً، تُنتج من 3 إلي 4 أرادب، والأردب بـ 3 آلاف جنيه، وهو مايعنى أن أرباح إنتاج الفدان 12 ألف جنيه، بينما يتكلف الفدان خلال فترة زراعته، حوالي 8 آلاف جنيه، والسبب الرابع فهو عدم اهتمام الحكومة بهذه المحاصيل، علي حساب المحاصيل الأساسيه كمحاصيل الحبوب.
جدول لتكاليف زراعة وبيع السمسم
وأشار عبد الرحمن أبو صدام، إلى أن الاهتمام بالمحاصيل الزيتية، في الفترة الاخيرة، أصبح أمراً ضرورياً لتوفير الزيوت، التي تُحمّل ميزانية الدولة أعباء إضافية كبيرة، كما أن المحاصيل الزيتية مناسبة لهذا الوقت، لأنها قليلة استهلاك المياه، وتتحمل الملوحة، وتصلح للزراعة في معظم الاراضى المصرية.