بعد عقود «المسكنات».. كيف تتعامل الدولة بجدية لمواجهة «الفقر» والقضاء عليه؟

السبت، 03 أغسطس 2019 12:15 م
بعد عقود «المسكنات».. كيف تتعامل الدولة بجدية لمواجهة «الفقر» والقضاء عليه؟
مبادرة الرئيس «حياة كريمة»
محمد أسعد

مبادرة الرئيس «حياة كريمة» وإجراءات الحماية الاجتماعية والتوسع فى برنامج «تكافل وكرامة» والمشروعات التنموية ورفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات تسهم فى مواجهة «الفقر»

مؤشرات دعم الغذاء تغطى 88 % من الأسر.. وتراجع وتيرة زيادة معدلات الفقر.. وانخفاضه فى «وجه قبلى» لأول مرة

لغة الأرقام لا تعرف إلا الحقائق، فلا يمكن لى ذراعها لتحريف المعنى، ولا يجوز التعامل معها إلا بالمنطق المجرد، والقارئ الجيد للوضع الاقتصادى يدرك تمامًا أن النظام الحالى ورث تركة ثقيلة من الاقتصاد المتداعى نتيجة السياسيات الاقتصادية على مدار 3 عقود ماضية، وأخذ على عاتقه قرار الإصلاح والخروج بها إلى بر الأمان. يبدأ الحل الحقيقى والجذرى للمشكلات بمواجهتها، والاعتراف بها ورصد أسبابها على مدار الأعوام السابقة، وعانت مصر على مدار عقود سابقة من ارتفاع نسبة ومعدلات الفقر، بوتيرة سريعة وذلك قبل ثورة يناير 2011، ورغم ما واجهته مصر من أزمات اقتصادية طاحنة، ومواجهات أمنية مع جماعات الإرهاب التى سعت بشتى الطرق لاستهداف الاقتصاد المصرى، فإن الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فيما يتعلق بمؤشرات الدخل والإنفاق ومؤشرات الفقر فى مصر، تكشف انخفاض وتيرة زيادة الفقر، وانخفاض نسبة الفقر فى ريف الوجه القبلى لأول مرة.

انخفاض نسبة الفقر فى وجه قبلى لأول مرة، يعكس تركيز جهود الدولة لإتاحة دعم نقدى وتنفيذ مشروعات تنموية على مدار الفترة الماضية بتلك المحافظات، كما أن 86 % من الدعم الاجتماعى موجه لأفقر 3 محافظات، وهى قنا وسوهاج وأسيوط، كما أن نحو 70 % من مخصصات برنامج «تكافل وكرامة»، تذهب لما يقرب من 40 % من السكان فى مصر، مشددًا على أهمية التعليم للخروج من دوائر الفقر.
 
نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2017/2018، كشفت ارتفاع متوسط الدخل السنوى للأسرة المصرية إلى 58.9 ألف جنيه، مقارنة بـ44.2 ألف جنيه فى بحث عام 2015، كما ارتفع المتوسط السنوى لإنفاق المصريين من 36.7 ألف جنيه فى بحث 2015 إلى 51.4 ألف جنيه فى نتائج البحث الأخير.
وتأتى هذه النتائج فى توقيت مهم، ونحن على طريق الإصلاح الاقتصادى وتحقيق رؤية مصر 2030 وأجندة أفريقيا 2063، علاوة على أهداف التنمية المستدامة الأممية.
 
قيام الدولة بهذه الخطوة، يعكس النية الجادة والحقيقية للتنمية والقضاء على الفقر، وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين، ومواجهة المشكلة بشفافية لوضع حلول جذرية لها، تماشيًا مع الإصلاحات الاقتصادية بعكس تلك العقود السابقة التى كانت تنتهج فيها سياسة الحكم السابقة «المكسنات» دون وضع حلول حقيقية.
بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك، يُعد من المسوح الأسرية التى تجريها الأجهزة الإحصائية فى مختلف دول العالم، والذى يستهدف توفير قاعدة بيانات تعكس واقع متوسطات دخل وإنفاق واستهلاك أفراد الأسر فى المجتمع المصرى، بالإضافة إلى مستويات وأنماط الإنفاق، وفقًا للمعايير الاقتصادية والاجتماعية والديموجرافية، وأيضًا حجم الطلب سواء الحالى أو المستقبلى للسكان من السلع والخدمات، كما يوفر البحث بيانات لتحديد سلة السلع والأوزان النسبية الخاصة ببناء الأرقام القياسية لقياس معدلات التضخم، وكذلك بيانات الحسابات القومية، كما توفر بيانات المستفيدين من شبكات وبرامج الحماية الاجتماعية، والبيانات الخاصة بقياس مستويات المعيشة، ومستويات الفقر.
كما أن ذلك البحث يوفر حجمًا ضخمًا من البيانات التى يتم الاعتماد عليها فى قياس مستوى معيشة الأسرة والأفراد، وكذا ارساء قواعد معلومات لقياس الفقر واستخدامها فى تحديد الفئات المستهدفة للبرامج الاجتماعية المختلفة لإرساء قواعد العدالة الاجتماعية، وأيضًا الاعتماد على هذه البيانات ليستفيد منها الباحثون والمخططون وصانعو القرارات فى رسم السياسات واتخاذ القرارات فى كل المجالات.
 
بمراجعة الأرقام والإحصائيات ومقارنتها بأعوام ما قبل ثورتى يناير و30 يونيو، نجد أن معدلات الفقر زادت 10 % مابين أعوام 2000-2010، حيث كانت 16.7، وأصبحت 26.3 %، حيث زيادة وتيرة الفقر بنسبة 1 % سنويًا، فى حين أنه زاد فى الفترة ما بعد 2011 وحتى 2015 ليصل إلى 27.8 % أى بنسبة زيادة 1.5 % فقط خلال 5 سنوات.
 
وفقًا للإحصائيات الحديثة بلغت نسبة الفقر فى مصر 32.5 %، وفقًا لنتائج بحث 2017/2018، مقابل 27.8 % نسبة الفقر فى البحث السابق عام 2014/2015، بزيادة 4.7 %، وذلك رغم عمليات الإصلاح الاقتصادى، والقرارات الاقتصادية الصعبة التى اتخذتها الدولة، والتى كان أبرزها تعويم الجنيه.
ويكشف اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى ارتفاع متوسط الدعم الغذائى السنوى للأسر المصرية إلى 2000 جنيه مقارنة بـ860 جنيهًا فى نتائج البحث السابق لعام 2015، مؤكدًا أنه لا تزال تغطى الدولة نسبة 88.5 % من الأسر المصرية بالدعم التموينى، وذلك حتى أكتوبر 2018، عند انتهاء العمل الميدانى لتنفيذ هذا البحث.
 
تلك الدراسات والإحصائيات، جاءت فى العام ذاته الذى أطلق فيه الرئيس السيسى مبادرة «حياة كريمة»، من خلال تغريدة على حسابه الشخصى بموقع تويتر، قال فيها «فى مستهل عام ميلادى جديد.. تأملت العام الماضى باحثًا عن البطل الحقيقى لأمتنا، فوجدت أن المواطن المصرى هو البطل الحقيقى.. فهو الذى خاض معركتى البقاء والبناء ببسالة، وقدم التضحيات متجردًا، وتحمل كُلفة الإصلاحات الاقتصادية من أجل تحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.. ولذلك فإننى أوجه الدعوة لمؤسسات وأجهزة الدولة بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى لتوحيد الجهود بينهما، والتنسيق المُشترك لاستنهاض عزيمة أمتنا العريقة شبابًا وشيوخًا.. رجالًا ونساءً.. وبرعايتى المباشرة.. لإطلاق مبادرة وطنية على مستوى الدولة لتوفير #حياة كريمة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا خلال العام 2019 #تحيا_مصر».
 
وبعد دعوة الرئيس وإطلاقه للمبادرة، دارت عجلة الأداء الحكومى مستهدفة تنفيذ ما دعا إليه الرئيس، وهى مبادرة متعددة فى أركانها ومتكاملة فى ملامحها، تنبع من مسئولية حضارية وبعد إنسانى قبل أى شىء آخر، فهى أبعد من كونها مبادرة تهدف إلى تحسين ظروف المعيشة والحياة اليومية للمواطن المصرى، لكنها تهدف أيضًا إلى التدخل الآنى والعاجل لتكريم الإنسان المصرى، وحفظ كرامته وحقه فى العيش الكريم، ذلك المواطن الذى تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادى، والذى كان خير مساند للدولة المصرية فى معركتها نحو البناء والتنمية، فلقد كان المواطن المصرى هو البطل الحقيق الذى تحمل كل الظروف والمراحل الصعبة بكل تجرد وإخلاص وحب للوطن.
 
وتستهدف المبادرة إحداث التكامل، وتوحيد الجهود بين مؤسسات الدولة الوطنية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدنى وشركاء التنمية فى مصر، لأن ما تسعى المبادرة إلى تقديمه من حزمة متكاملة من الخدمات، التى تشمل جوانب مختلفة صحية واجتماعية ومعيشية، هى بمثابة مسئولية ضخمة، ستتشارك هذه الجهات المختلفة فى شرف والتزام تقديمها إلى المواطن المصرى، لاسيما من الفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا للمساعدة ولمد يد العون لها، حتى تستطيع أن تحيا الحياة الأفضل التى تستحقها، التى تضمن لها الحياة الكريمة.
 
وكشفت الدكتورة هبة الليثى، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، والخبير بجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء وأبرز المشاركين فى إعداد نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2017/2018، عن خروج 420 قرية على مستوى الجمهورية من خريطة الفقر، منها 21 قرية فى أسيوط، و85 بقنا، لافتة إلى أنه فى المقابل اندرجت لأول مرة 387 قرية ضمن خريطة الفقر، وفقًا لنتائج هذا البحث الأخير.
 
وأضافت هبة الليثى، أن خريطة الفقر لهذا العام المشار إليه تضم 1000قرية على مستوى الجمهورية، يتركز العدد الأكبر منها بمحافظة سوهاج بعدد 236 قرية، تمثل 87 % من قرى المحافظة، تليها محافظة أسيوط بعدد 207 قرى.
 
وأشارت الدكتورة هبة، إلى أن هناك 46 قرية على مستوى الجمهورية، ترتفع نسب الفقر بين سكانها لما بين 80 و100 %، بينما لا تتعدى نسب الفقر فى الـ900 قرية الأخرى 20 %.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق