مهن نسائية هربت منها المرأة: الشعر الغنائي والتلحين مهنتان هجرتهما نصف المجتمع
الأحد، 28 يوليو 2019 03:00 ص
ظلت المرأة على مدى تاريخها هى محور الإبداع الفكرى لدى الرجل ومحط اهتمامه الإنسانى فى مختلف مراحل حياتها ومصدر إلهام للكثير من الشعراء، ولعبت أدوارا تايخية فى تشكيل حركة النهضة الإنسانية وتطور المجتمع منذ آدم عليه السلام، وبوصفها الشريكة للرجل فى حياته، وامتهنت العديد من المهن منذ عصور فائتة، بل وتفوقت عليه فى الكثير من الأحيان، فكانت المحاربة، والقائدة، والحاكمة، والمخترعة، والطاهية، وسيدة المنزل.
وظلت المرأة بعيدة عن بعض المهن التى برع فيها الرجل، كمهن تصميم الأزياء وتصفيف شعر السيدات، بالرغم من أنها مهن تتناول خصوصياتها والتى من المفترض أن تكون هى الأولى فى التربع على تلك المهن، والتى ترتكن إلى ما تملكه من أحاسيس مرهفة ومن أنوثة مفرطة فى قدرتها على إظهار ابداعاتها، إلا أنه ومع تطور الحياة سقطت تلك المهن من ضمن اهتماماتها، ليتربع الرجال ويبدعوا فى تلك المهن فى إظهار المرأة فى أحسن وأجمل صورها سواء فى مهنة مصصفى شعر السيدات والمسجلة حصريا باسمهم برغم الفتاوى الشاذة ضدهم، أو فى مجال تصميم الأزياء النسائية، والتى أصبحت حكرا عليهم برغم محاولات بعض النساء الدءوبة لخرق هذا الحظر غير المعلن إلا قليلا.
لعبت المرأة العديد من الأدوار فى النهضة الإنسانية وتطور المجتمع منذ آدم عليه السلام، والذى خلق له الله سبحانة وتعالى حواء لتكون شريكته فيما سيمر به من تطور فى حياته سواء فى الجنة أو عقب انتقالهم للعيش على الأرض، لتمتهن المرأة منذ عصور سحيقة ذات مهن الرجل بل، وتتفوق عليه فى الكثير من الأحيان فهى المحاربة، والقائدة، والحاكمة، والمخترعة، والطاهية، وسيدة المنزل، إلا أنها ظلت بعيدة عن مهن بعينها برع فيها الرجل، وفاق فيها السيدات مع أن هذه المهن فى الأصل كان من المفترض أن تبدع فيها المرأة من قبيل الشعر الغنائى، والتلحين فلم يعرف عن السيدات اقترابهن من هذه المهن، إلا فيما ندر مع أنها مهن تستلزم إحساس مرهف، وحس عالى، وقدرة على الإبداع، وهى كلها صفات من المفترض توفرها فى الأنثى أكثر من الرجل، إلا أن الرجل فى الواقع هو من تفوق على السيدات فى هذه المهن التى كلما طافت بخاطرنا تذكرنا على الفور موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب ورياض السنباطى وبليغ حمدى، وغيرهم من الملحنين العظام ،وكذلك لا نستطيع أن ننسى فى كتابة الأغاني الشاعر الكبير الراحل أحمد رامي و عبد الوهاب محمد و مأمون الشناوي، و مرسى جميل عزيز، وغيرهم العشرات فى الوقت الحالى.
بروز اسم الرجل فى التلحين وكتابة الشعر الغنائى لم يمنع بعض النساء وإن كن قلة فى كتابة الشعر التقليدى، وكانت على رأسهم قديما "ولاّدة بنت المستكفي" وهى أميرة أندلسية وشاعرة عربية من بيت الخلافة الأموية في الأندلس، ابنة الخليفة المستكفي بالله.
اشتهرت " ولادة" بالفصاحة والشعر فهى القائلة " أغار عليك من نفسي ومني ومنك ومن زمانك والمكان ولو أني خبأتك في عيوني إلى يوم القيامة ما كفاني"، وقد كان لها مع معشوقها الشاعر الأندلسى " إبن زيدون" صولات وجولات فى العشق والحب وتذكر كتب التراث أنه كانت لولادة جارية سوداء بديعة الجمال فظهر لولادة أن ابن زيدون مال إليها فكتبت إليه تقول: "لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا.. لم تهـو جاريتي ولم تتخير.. وتركت غصنا مثمرا بجماله وجنحت للغصن الذي لم يثمر.. ولقد علمت بأنني بدر السما لكن ولعت لشوقي بالمشتري".
كما أن هناك "ليلى العامرية " التى تغنى العرب بأشعارها فقد كانت من شاعرات العرب فى الجاهلية وقالت شعرا فى معشوقها " قيس بن الملوح" من قبيل :"لم يكن المجنون في حالةٍ .. إلا وقد كنت كما كانا ..لكنه باح بسر الهوى وأنني قد ذُبت كتمانا»، ما يؤكد إنه لم يكن مجنونا بل كان قد وصفه البعض بإنه من أجمل فتيان قومه وأظرفهم وأرواهم لأشعار العرب،لذلك زوجها أهلها من "ورد بن محمد العُقيلي" نكاية فى حبيبها قيس بن الملوح وفق دراسة أدبية وقالت أيضا فى مجنونها:" باح مجنون عامر بهواه ..وكتمت الهوى فمت بوجدي ..فإذا كان في القيامة نودي من قتيل الهوى تقدمت وحدي".
ويدلل البعض على أن "ليلى العامرية" حبيبة "قيس" كانت سمراء حبشية وذلك بقول بن الملوح نفسه فى احد قصائده " يقولون ليلى في العراق مريضة ... ألا ليتني كنت الطبيب المداويا .. و قالوا عنك سوداء حبشية .. ولولا سواد المسك ما انباع غاليا.. وفي السمر معنى لو علمت بيانه .. لما نظرت عيناك بيضاً ولا حمرا".
فى العصر الحديث لم تلفت شاعرة عربية الأنظار إليها إلا عبر فترات متباعدة نسبيا،من قبيل الشاعرة "جميلة العلايلي"، والتى ولدت في20 مارس عام 1907 في محافظة المنصورة، وتأثرت بمدرسة أبوللو وصدر لها دوواوين "نبضات شاعرة، وصدى إيماني، وهمسات عابدة، وآخر المطاف، إلى جانب صدى أحلامي" ليطلق عليها الشاعر الكبير فاروق شوشة بلقب "شاعرة الوجدان النسائي".
ربما لا يعرف كثيرون أن أشهر عازفة بالإذاعة قديما هى الفنانة "نبوية سعيد والتي قامت بتلحين نشيد "أنا انتهيت"،وغنته المطربة "فاطمة سرى" في الذكرى الأربعين لوفاة الزعيم الراحل "سعد زغلول".
"نبوية سعيد" اكتشفها المخرج الراحل "صلاح أبوسيف"،وهى صاحبة العبارة الشهيرة "جاموستى ياعمدة" فى فيلم الزوجة الثانية، كما لعبت دور زوجة "محمد أبو سويلم" الذى جسد شخصيته الفنان الراحل "محمود المليجي" فى فيلم "الأرض" ، وكان آخر أعمالها الفنية فيلم "كلام في الممنوع" للفنان الراحل نور الشريف قبل أن ترحل عن عمر 83 عامًا.
ربما هناك بعض الشاعرات الغنائيات فى الوقت الحالى لكنهن غير منتشرات فى الوسط الفنى ،بسبب ندرة كتابة المرأة للشعر الغنائي، ومن بينهن الشاعرة الغنائية "عبير الرزاز"، والتى كتبت العديد من الأغانى للمطرب تامر حسنى منها "بكلمة نتصالح ، قرب كمان ، ريح بالك - كل اللى فات".
أما الملحنة "شاهيناز فاضل" وشهرتها الفنانة "سهير"،فقد كانت ملحنة شهيرة تخرجت فى كلية التربية الموسيقية بالزمالك، وعملت ملحنة بالإذاعة بدأت رحلتى وقدمت العديد من الألحان و الأعمال الموسيقية الكاملة لفيلم "أبو خطوة" لينتهى بها الحال وهى تغنى على المقاهى لتتكسب قوت يومها بعد أن تجاوزت الثمانين من عمرها وفق تقرير لقناة العربية.
اللافت أن ظاهرة وجود مهنة" الشاعرة الغنائية" تنتشر أكثر فى الغرب من قبيل الأمريكية "بيفرلي ماكليلان" والتى رحلت ، بعد صراع طويل مع مرض السرطان، عن عمر يناهز الـ49 عاما وكانت قد شاركت فريق "كريستينا أجليلير" في تقديم العديد من العروض الغنائية والفنية لموسم فني واحد، ليحتلوا المركز الرابع في مسابقة "إن بي سي" الغنائية،وكذلك الشاعرة الغنائية الأمريكية "ليندا كريد" المولودة فى 6 ديسمبر 1948 بولاية فلاديفيا الأمريكية، والتى رحلت عن عالمنا فى 10 أبريل في 1986بسبب سرطان الثدي.