بعد تكرار «مذابح الأشجار».. ازرع شجرة تنقذ الملايين من الموت
الإثنين، 22 يوليو 2019 06:00 ص
البداية بجهاز شئون البيئة
كان من حُسن تدبير المقادير، أن الحكومة، قد فطنت للاهتمام بالبيئة المصرية مُبكّراً، فتم تكليف أول وزير متفرغ لشئون البيئة، بمجلس الوزراء، بموجب قرار رئيس الجمهورية، رقم 275 لسنة 1997م، ومنذ ذلك الحين، ركّزت الوزارة بالتعاون مع كافة شركاء التنمية، علي تحديد الرؤية البيئية، والخطوط العريضة للسياسات البيئية، وكذلك برامج العمل ذات الأولوية، في ضوء ما تشهده مصر، من تغيرات اقتصادية واجتماعية، وتحديات مرحلة جديدة، في طريق التنمية المتواصلة، وقبل الوزارة بـ 3 سنوات.
تم إنشاء جهاز شئون البيئة، برئاسة مجلس الوزراء، بموجب القانون رقم 4 لسنة 1994، في شأن حماية البيئة، ليحل محل جهاز شئون البيئة السابق إنشاؤه، بموجب القرار الجمهوري، رقم 631 لسنة 1982م، ويعتبر جهاز شئون البيئة حالياً، هو الجهاز التنفيذى للوزارة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل تم إنشاء صندوق لحماية البيئة، تؤول إليه المبالغ، التى تخصصها الدولة فى موازنتها، لدعم الصندوق والإعانات والهبات، المقدمة من الهيئات الوطنية والأجنبية، لأغراض حماية البيئة، والغرامات التى تُقرر، والتعويضات التى يُحكم بها، أو يُتفق عليها عن الأضرار، التى تصيب البيئة، وكذلك موارد صندوق المحميات، وأصبح للصندوق شخصية اعتبارية، ويتبع الوزير المختص بشئون البيئة، وتُخصص موارد الصندوق، للصرف منها فى تحقيق أغراضه،كما يُقدّم الجهاز، حوافز للجهات والأفراد، الذين يقومون بأعمال أو مشروعات لحماية البيئة.
فوائد التشجير
وقد رصدت دراسات وبحوث وتقارير عديدة، محليّة وعربية وعالمية، فوائد التشجير على الأفراد والمجتمعات، والتى تتلخّص فى تلطيف الجو، عن طريق النتح، وتلطيف المناخ عموماً، إلى جانب حماية المُدن والقرى، والمناطق الزراعية، من الرياح الشديدة، وكسر حدتها، وكذلك إيقاف زحف الرمال، ومنع تعرية التُربة وانجرافها، وتقليل التلوث.
وتعمل الأشجار على زيادة نسبة الأكسُجين في الجو، وأيضاً استغلال أخشابها في وقت الأزمات، إلى جانب إقامة بعض الصناعات المحلية الخفيفة عليها، وتوفير بعض الأعلاف للحيوانات، مع توفير مناطق ترويح لأفراد المجتمع، والاستمتاع بجمال الطبيعة، وتنوع نباتاتها، وانتفاع الإنسان و الحيوان بثمارها وظلّها، وحفظ التوازن البيئي وامتصاص الضوضاء، ومقاومة الآثار الظاهرة للتصنيع، على البيئة أوالتخفيف منها على الأقل.
دراسات بيئية عالمية
عالميّاً أكدت إحدى الدراسات، التى أعدتها منظمة الحفاظ على الطبيعة، والمعروفة اختصاراً باسم (TNC)، ومقرها الولايات المتحدة الأمريكية، أن معدل تخفيض جسيمات التلوث، بالقرب من شجرة يتراوح مابين 7 ــ 24 %، وانخفاض درجة الحرارة يصل إلى درجتين مئويتين، وجسيمات التلوث المعروفة بـ (PM)، هي جسيمات ميكروسكوبية، تعلق في رئات الأشخاص، الذين يتنفسون الهواء الملوث.
ويمكن أن يتسبب التلوث، الناتج عن تلك الجسيمات، في وفاة حوالى 6.2 مليون شخص سنويا حول العالم، بحلول عام 2050، حسب ما أشارت إليه الدراسة، وقال روب مكدونالد، المشرف على الدراسة، إن أشجار المدن، تجلب بالفعل العديد من الفوائد، للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية.
وقال مكدونالد: إن دراسة فوائد الأشجار في 245 مدينة حول العالم، أظهرت انخفاض تكلفة الأشجار، مقارنة بالوسائل الأخرى في تبريد وتنظيف الهواء، وأضاف أن الأشجار تتمتع بميزة كبيرة، من ناحية التكلفة، مقارنة بالوسائل الأخرى، غير أن المُحزن، والذى أشارت إليه الدراسة، أن معظم المدن، التي شملتها الدراسة، أصبحت تفقد الأشجار، ولا تكتسب المزيد منها، بالزراعة أو غرس الجديد، ووفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية، فإن حوالى 90 % من سكان المدن حول العالم، عام 2014 تعرضوا لجسيمات عالقة في الرئتين، تزيد عن معدلات المنظمة لجودة الهواء.
وتقول المنظمة: إن تلوث الهواء في المناطق المفتوحة، تسبب فى وفاة 3 ملايين حالة مبكرة عام 2012، ومعظم هذه الحالات، حدثت في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وتؤكد إحصاءات منظمة الصحة العالمية لعام 2016، أن تلوث الهواء سببه الأساليب غير الصحيحة لإنتاج الطاقة وتوزيعها واستخدامها، وأن أنظمة النقل، المعتمدة بالأساس على وسائل النقل الفردية، قد تؤدى إلى مزيد من التدهور فى جودة الهواء، وقد شهد تشجير المدن تراجعاً، في النصف الثاني من القرن العشرين، مقابل تشييد المزيد من المباني السكنية، وعلى الرغم من أن الأشجار، كانت لوقت طويل جزءاً من الحياة الحضرية، إلاّ أنه تم تهميشها خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
مبادرات التشجير فى مصر
وقد تعددت، مبادرات غرس وزراعة الأشجار فى مصر، مابين الأفراد والوزارات والمصالح الحكومية والجمعيات، ومنظمات المجتمع المدنى، وكانت كلها تهدف إلى تعويض، ماتم اغتياله من أشجار ونخيل على الطرق، وحول المدن، وعلى حواف الترع والمصارف والمجارى المائية، ومنها مبادرة الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين، «ازرع شجرة مثمرة».
وقبله مبادرة المهندس جمعه طوغان، صاحب فكرة مشروع زراعة الـ 20 مليون نخلة، وكذلك مبادرة «ازرع شجرة لدول حوض النيل»، لتوثيق الترابط بين مصر ودول حوض النيل، وغرس أول 200 شجرة «بامبو» على جسر ترعة المريوطية بالجيزة، وقال «طوغان»: إن الهدف من كل ذلك، هو الحد من التلوث، ونشر الخضرة، عن طريق غرس الأشجار والنخيل، إلى جانب الفوائد الأخرى، وهى كثيرة وعديدة.