بعد عامين من المماطلة.. سر رضوخ قطر لفتح تحقيق في مقتل عامل بريطاني بالدوحة
الجمعة، 19 يوليو 2019 06:00 م
رضخت قطر لفتح تحقيقات موسعة برئاسة قاضٍ بريطاني في مقتل عامل من لندن خلال أعمال إنشاءات مونديال 2022.
جاء ذلك بعد مماطلة لنحو عامين ونصف العام،حيث إن اللجنة القطرية المنظمة لأعمال مونديال كأس العالم 2022 وافقت على فتح تحقيق في مقتل البريطاني زاك كوكس الذي قضى خلال عمله في الإنشاءات في يناير 2017 وفق صحيفة "الجارديان" البريطانية.
ونقلت الصحيفة عن نشطاء حقوقيين أن هذا أول تحقيق معروف بشأن حادث وفاة بعينها وقعت خلال أعمال بناء ملاعب كأس العالم، في إشارة إلى حالات كثيرة لم تظهر للعلن.
وأوضحت أن التحقيق سيُجرى برئاسة روبرت أكينهيد، وهو قاضٍ سابق بالمحكمة العليا البريطانية يتمتع بخبرة كبيرة في قوانين البناء وحوادث مواقع التشييد.
وطلب من أكينهيد "دراسة الأسباب وراء مقتل زاك، والقرارات التي أدت لمقتله، وعملية التحقيق منذ الوفاة ودروس السلامة المستفادة والمطبقة منذ الحادث".
وقالت عائلة كوكس، في بيان، إن الفترة منذ وفاته كانت "صعبة للغاية على العائلة"، مرحبين بقرار فتح التحقيق والملابسات التي أدت لمقتله، ومحاولة ضمان تعلم الدرس الذي يمكن أن يمنع وقوع حوادث مشابهة في المستقبل.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الفجوة الكبيرة بين مقتل كوكس وفتح التحقيق تؤكد حساسية المسألة في قطر وزيادة إصرار العائلة على البحث عن إجابات واضحة عن كيفية وفاة نجلهم.
ولقي كوكس مصرعه في استاد خليفة الدولي بعد سقوطه من ارتفاع 40 مترا من منصة معلقة؛ إذ كان يعمل مع شركة مقاولات تعمل لحساب شركة ألمانية.
ووقع الحادث بعد تعطل معدات الرفع، ما تسبب في سقوط جزء من المنصة التي كان يعمل كوكس عليها مع زميل آخر.
وآنذاك، قالت فيرونيكا هاميلتون دييلي، محققة بريطانية، إن التغييرات في سرعة تنصيب المنصات كانت "فوضوية وغير مهنية وغير عقلانية وخطيرة بشكل مطلق".
وأوضحت أن مجموعة من الأحداث أدت إلى مقتل كوكس، من بينها قرار المقاولين تسريع أعمال إنشاء سقف الملعب الذي تطلب استخدام رافعات إضافية اعتبرها أحد زملاء كوكس "غير صالحة".
وحصلت أسرة كوكس على تقرير داخلي أعده المقاولون من خلال قنوات غير رسمية يشير إلى أن الرافعات التي استخدمها المقاولون لم تكن لها شهادات سلامة حديثة وأنه لم يتم اتباع نظام الصحة والسلام.
وأشارت الصحيفة إلى ظلم تعرض له أحد زملاء القتيل وقت الواقعة، يدعى جراهام فانس، من جنوب أفريقيا، حيث ألقي القبض عليه في اليوم نفسه وكان غير قادر على مغادرة قطر لمدة 11 شهرا .
وقالت أسرة كوكس: "في بداية الأمر كنا مترددين بشأن التواصل مع فانس لأننا لم نكن نرغب مطلقا في ممارسة أي ضغوط إضافية عليه، ونحن كنا على يقين منذ أول لحظة بأنه كان ضحية".
وأضافت الأسرة: "شعرنا بحزن شديد جراء اعتقال غراهام بصورة غير مشروعة، لا سيما أنه كان قد شهد للتو وفاة زميله على مقربة منه".
وفي فبراير 2018، انتقدت قاضية بريطانية إجراءات السلامة في موقع تشييد الملعب، وقالت إن المعدات التي تم تسليمها لكوكس لم تكن مناسبة لهذا الغرض.
ومنذ بدء الدوحة إنشاءات الاستادات، يدفع مئات العمال من مختلف أنحاء العالم أرواحهم في سبيل تحقيق حلم "تنظيم الحمدين" في استضافة مونديال 2022 مهما كان الثمن، دون مراعاة للظروف والقيم الإنسانية التي يجب أن يعمل فيها العمال حفاظا على أرواحهم.
وفي شهر فبراير، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا بعنوان "الواقع عن كثب: أوضاع حقوق العمال الأجانب في قطر"، فنّد أكاذيب الدوحة بشأن إنهائها الانتهاكات العمالية، ليضاف ذلك إلى سجلها الأسود في حقوق الإنسان.
وحذرت المنظمة الدولية من أن قطر "تخاطر بمخالفة الوعود التي قطعتها على نفسها من أجل التصدي لعملية الاستغلال العمالي واسع النطاق لآلاف العمال الأجانب".
ووصف التقرير ظروف العمال الأجانب العاملين في قطر بأنها لا تزال "صعبة وقاسية"، داعية إلى "وضع حد للانتهاك والبؤس اللذين يلحقان بعدد كبير من العمال الأجانب كل يوم".