أهم من النجاح استثمار النجاح
الأحد، 23 يونيو 2019 03:25 م
مصر تمرض لكن لا تموت وقد أكدت مصر صحة هذه المقولة وبرهنت على أنها قادرة على تخطي الصعاب وتذليل العقبات إن أرادت، فما تم تحقيقه على أرض الواقع في الفترة الماضية من الحفاظ على الأرض والعرض، واستعادة ثقة العالم فيها وفي قيادتها، ومن تنفيذ مشروعات عملاقة وطرق على مستوى عالمي في وقت قياسي يؤكد على أنها قادرة وعازمة على المضي قدما واستكمال المسيرة .
تصور البعض أنه سيستطيع تنفيذ مخططات شريرة على أرض مصر كما حدث مع غيرها، إلا أنه اصطدم بأرض صلبة وجيش باسل وشعب منتم لأرضه، وبرغم محاولات بعض الحاقدين كتابة سيناريو للدولة المصرية فحواه دمار وخراب وحروب أهليه، إلا أن إرادة الله كانت هي الفيصل وجاءت بسالة الجيش المصري لتقف كحائط سد أمام جميع المحاولات، وبدأت مصر في الوقوف مجددا وهي مصرة على البناء والإعمار وتعويض مافاتها من سنوات عجاف مضت .
جاءت بطولة كأس الأمم الأفريقية لتبدد أي شكوك في قدرتنا على تحقيق الأهداف على أكمل وجه، فما حدث تم إنجازه في أشهر قليلة ومع ذلك كان الناتج قويا، وشعرنا جميعا بالفخر والاعتزاز أمام ماحدث من تنظيم رائع وصورة مشرفة جعلت العالم يشير إلى مصر بالبنان، وكم أسعدت الشعب المصري تغريدات وتعليقات الأخوة الأفارقة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي أعرب أغلبها عن فخرهم بكونهم ينتمون لإفريقيا التي تضم مصر العظيمة، كما أن المواقع العالمية حتى التي تتعمد دائما الإساءة لمصر وتشويه صورتها لم يسعها إلا أن تظهر الحقيقة وتنقل الصورة كما هي أمام شعوبها والعالم أجمع .
من هنا يجب أن تكون الانطلاقة الجديدة، وعلينا محاولة استثمار هذا النجاح بشكل أكبر لتحقيق استفادة مستدامة، وفي اعتقادي أن الخطط الأولية تقع على عاتق وزارتي السياحة والطيران المدني، فما حدث يعد إعلانا عالميا يوضح صورة مصر الحقيقية ويجذب أنظار شعوب العالم إليها من جديد، وأود هنا أن أروي موقفا حدث منذ عام تقريبا أحزنني بعض الشئ وتمنيت لو أنني أستطيع أن أوصله لوزير الطيران المدني ووزيرة السياحة، لأنه بالتأكيد تكرر كثيرا مع آخرين لعلهما يجدا حلولا مستقبلية تساعد على عدم تكراره .
أحد الأصدقاء من جنوب إفريقيا كان ينوي زيارة مصر بل يتمناها ويعتبرها أحد أكبر أحلامه هو وأسرته، وبالحديث معه عن مصر وأسعار فنادقها ومستوى المعيشة المنافس مع دول كثيرة تشجع وقرر تحقيق حلمه، وأبدى رغبته في زيارة القاهرة وشرم الشيخ وربما مدينة أخرى باعتبار عطلته ستستغرق ثلاثة أسابيع، وبعد أن ألقى نظرة على الفنادق واستقر على ما يناسبه بدأ في حجز تذاكر الطيران فهو يخشى من التنقل بالسيارة أو الأوتوبيس في بلد لا يعرفها، كما أن طول المسافات قد يرهقه ويتسبب في ضياع وقته، وبما أن مصر ليس لديها قطارات جيدة لربط المدن السياحية بعضها ببعض فلا سبيل آخر مناسب سوى الطيران الداخلي، وهنا كانت المفاجأة بالنسبة له وهي الأسعار الباهظة للطيران الداخلي والتي ستكلفه الكثير بما أن الأسرة مكونة من أربعة أفراد، واضطر الصديق لإلغاء الرحلة أو إرجائها لوقت آخر مع الأسف وتوجه لدولة أخرى !
قمت بسرد الموقف لتوضيح أننا نحتاج بشدة أن يكون هناك تنسيق بين الوزارات في مصر للعمل معا من أجل إنجاح الخطط، فما تخطط له وزارة السياحة وما تقدمه من تسهيلات وأسعار فنادق تنافسية للسائح يجب أن تدعمه وزارة الطيران كي يصبح لدينا خطة جذب مكتملة تنهض بالسياحة بشكل جدي، وبالفعل قد لمست بنفسي بدء السياحة في التعافي فقد عُدت لتوي من إجازة وزيارة لمدينة الغردقة سعدت فيها كثيرا لإمتلاء غرف الفندق كاملة بسياح أغلبهم من ألمانيا، وكم وددت لو أن هناك حلا يساعدهم في زيارة مدن أكثر فهؤلاء هم من يأتون بالمزيد من السائحين وهم في حد ذاتهم إعلان مجاني لمصر .
أتصور لو أن وزارة الطيران قدمت عروضا خاصة للسياح أثناء زيارتهم لمصر حال حجزهم عن طريق مصر للطيران رحلاتهم الخارجية والداخلية سيكون هذا بمثابة عامل مشجع، فمثلا إذا حجز السائح على مصر للطيران من بلده لمصر يُمنح تخفيض تصاعدي على رحلات الطيران الداخلي أثناء زيارته بحسب عدد الوجهات الداخلية التي ينوي عليها ، وأيضا قد يكون من المجدي في المواسم السياحية الهادئة والتي عادة ما تكون رحلات الطيران الداخلي عليها ضغط منخفض أن تقدم مصر للطيران رحلات مخفضة للسياح فمن الأفضل أن نستفيد بإغراء السياح وجذبهم بدلا من أن تقلع طائرة ونصف مقاعدها فارغة ، وبقرارات صغيرة نستطيع أن نجني الكثير .
كلي ثقة أن وزراءنا لديهم الرغبة والقدرة على استثمار النجاح وتحقيق نجاحات جديدة أكبر والوصول بمصرنا الحبيبة إلى مكانها الصحيح على القمة ، وكلي أمل في غد أفضل لوطني الحبيب .