وأنا عاملة نفسي نايمة
الأربعاء، 29 مايو 2019 05:33 م
من يسير في شوارع المحروسة في هذه الأيام يستطيع التأكد أن الحكومة ووزارة التضامن الإجتماعي تغضان بصرهما عن ظاهرة أسوأ ما تكون، وهي ظاهرة التسول خاصة بإصطحاب رضع وأطفال قد يكونوا من المخطوفين الذين انفطرت قلوب أهاليهم على فراقهم، فكم المتسولين المصطحبين للأطفال الذين يملأون الشوارع بشكل مفجع وقميئ يثير التساؤل عن سبب الصمت والسكوت عليهم !
جميعنا يعلم والحكومة تعلم جيدا أن أغلب هؤلاء هم من يخطفون الأطفال كي يستعينوا بهم في التسول، وحتى إن كانوا آباءهم وأمهاتهم فهذا ليس مبررا ولا يحق لهم أبدا أن يعذبوهم في الشوارع بهذا الشكل، فكيف لرضيع أو طفل صغير تحمل الجلوس في حرارة الشمس هذه المدة الطويلة ، ولا أظن أن هناك مجتمعا متحضرا يسمح لأم أو أب بتعذيب أبنائهم بهذا الشكل .
لا أعلم من هذا الذي لايزال يساعد أمثال هؤلاء بالمال حتى ولو كان جنيها واحدا وهو يعلم أنه يشجعهم على اكمال مسيرتهم في التسول مادام هناك عائد ، ألم يهده عقله بأنه شريك لهم فيما يفعلون بالأطفال سواء كانوا أبناءهم أو مخطوفين ؟ خاصة اننا جميعا متأكدين أن هؤلاء ليسوا فقراء بل أن كثيرا منهم يمتلكون الملايين ، وعلى من يرغب في فعل الخيرات أن يبحث عن المتعففين وأن يغدق العطاء للعاملين في محطات البنزين ومن يقومون بتوصيل الطلبات أو المكوى للمنازل وأيضا عساكر المرور وغيرهم ممن يعملون أعمال شريفة .
أعتقد أن شهر رمضان هو فرصة سانحة للدولة كي تقوم بإيقاف هؤلاء وأن تتحفظ على الأطفال المساكين الذين يصطحبونهم وتودعهم دورا للرعاية الاجتماعية حتى ولو ثبت أنهم أبناؤهم فوزارة التضامن الاجتماعي التي تبنت حملة لتحديد أو تنظيم النسل بسكوتها على هؤلاء لن تصل لتحقيق هدفها فإنجاب المزيد من الأطفال بالنسبة للمتسولين هو باب رزقهم الأول وما تدعو إليه الحملة من ضرورة الاكتفاء بطفلين كي يستطيع الوالدان تعليمهما وإطعامهما واكسائهما لا يعنيهم في شيء ، فهؤلاء يعتبرون الطفل مجرد وسيلة للتسول وجني الأموال بسهولة وأعتقد أن حملات توقيف لهؤلاء أهم من حملات التوعية ، كما أن دور الوزارة الأساسي حماية الأطفال من أي نوع من أنواع الانتهاك .
بالإضافة لكل تلك الأسباب التي تدعو لضرورة القضاء على هذه الظاهرة فهناك سببا هاما أيضا وهو أن هذه الظاهرة غير حضارية بالمرة وتعد سبب من أسباب طرد السياحة ، حيث إن المتسولين منتشرون في كل مكان ويتسببون في إزعاج ونفور السياح خاصة العرب الذين يعانون الأمرين من السير في الشوارع بسبب هجوم المتسولين عليهم في كل مكان ويشكو عدد من سياح دول الخليج من هذه الظاهرة التي جعلتهم يفكرون ألف مرة قبل اتخاذ قرار قضاء أيام من شهر رمضان والعيد في مصر بعد أن كانت في السابق وجهتهم المفضلة .
في نهاية الأمر فإن هذه القضية هي قضية متشعبة ومشاكلها مؤثرة على نواح مختلفة وتحتاج لتضافر جهود الشعب الذي يجب أن يتوقف عن مساعدة هؤلاء ، ووزارة التضامن الاجتماعي التي عليها حماية الأطفال من التعذيب والانتهاك ، ووزارة الداخلية كي تساعد في القضاء على ظاهرة خطف الأطفال بغرض التسول ، ووزارة السياحة للمساعدة في تحقيق أهدافها كاملة ، ومجلس الشعب لوضع قوانين مغلظة ، ورئيس الحكومة للأمر بتنفيذ القوانين بشكل صارم والقضاء على هذه الظاهرة المؤسفة بشكل نهائي وقاطع.
لا أظن أن هناك فرصة أفضل من شهر رمضان حيث إن جميع المتسولين منتشرون ويعلنون عن أنفسهم جهارا نهارا في الشوارع ، فهل يعقل أن قطاع من الشعب فقط هو من يرى هذه الظاهرة ويستاء منها ويعلم ضررها على الدولة ككل ، في الوقت الذي يبدو فيه أن الجهات المسؤولة ترفع شعار ( وأنا عاملة نفسي نايمة )