دعوى أصحاب مصانع الدرفلة تفضح نواياهم ورغبتهم فى الإضرار بالصناعة الوطنية لصالح المستورد

السبت، 01 يونيو 2019 10:00 م
دعوى أصحاب مصانع الدرفلة تفضح نواياهم ورغبتهم فى الإضرار بالصناعة الوطنية لصالح المستورد
حديد صلب

من ينظر إلى صحيفة الدعوى التى أقامها عدد من أصحاب مصانع حديد الدرفلة، سيتأكد أن نواياهم ليست حسنة، وأن هدفهم هو الضغط على الحكومة لفتح باب الاستيراد من الخارج، حتى وأن كان هذا الباب له آثار كارثية على الصناعة الوطنية.
 
 
الدعوى التى أقيمت أمام محكمة القضاء الإدارى، والتى يطالبون خلالها بوقف تنفيذ قرار وزير التجارة والصناعة رقم 346 والخاص بفرض رسوم وتدابير وقائية على استيراد البيليت بنسبة 15%، والذى دخل حيز النفاذ بدءا من 15 أبريل 2019 ولمدة 6 أشهر، حملت الكثير من الإدعاءات التى حاول أصاحب مصانع الدرفلة، الاستناد إليها، لكنها فى الحقيقة إدعاءات لا تمت للواقع بصلبة، منها على سبيل المثال قولهم أن مصانعهم تتعرض لخسائر كبيرة نتيجة هذا القرار، وكذلك أن اللجنة التى أجرت التحقيق غير مكتملة التشكيل، إضافة إلى أن الواردات لم تسبب ضرر للسوق.
 
 
وأشارت الدعوى إلى أنه تم إحالة موضوع اللجنة غير مكتملة التشكيل ودون النصاب المتعين للبدء فى التحقيقات، وأصدرت اللجنة توصيتها بالمخالفة للقانون، سواء من حيث صحة الشكوى أو من حيث سلامة إجراءات فحصها، متضمنة وجوب فرض إجراءات وقتية لمكافحة تلك الزيادة.
 
 
هذه كانت مبررات أصحاب مصانع الدرفلة، التى وضعناها أمام المسئولين بوزارة التجارة والصناعة ليردوا عليها ردوداً قانونية وتتوافق أيضاً مع الواقع، فجاء الرد على لسان مصدر داخل الوزارة، وسبق أن شارك فى تحقيقات قضية فرض رسوم على واردات الحديد (حديد التسليح) بنسبة 25% و 15 على البيليت، وقال " إن كافة الإجراءات التى اتخذها قطاع المعالجات التجارية صحيحة 100 % وتتوافق مع القانون، والذى يتيح التحرك والتحقيق فى قضايا الإغراق فى حالة تقدم المصانع المحلية بشكوى مؤيدة مستنديًا بتضررهم من زيادة الواردات، وما قمنا به هو حق تكفله لوائح منظمة التجارة العالمية بشأن حماية الصناعة المحلية من أية ضرر ينجم عن زيادة الواردات، خاصة إذا كانت المنتجات المستوردة تحصل على دعم من دولها".
 
 
وفى محاولة لتسويف الأمر، أدعى مقيمى الدعوى أن الشكوى المقدمة لوزارة التجارة والصناعة بشأن الإغراق كيدية، رغم أن الشكوى تضمنت بيانات وأرقام تفصيلية عن الزيادة غير المبررة فى واردات حديد التسليح من صنف ( أسياخ ولفائف وقضبان وعيدان ومسطحات) وحديد بيليت، أخذاً فى الاعتبار أن البيانات الرسمية الواردة من الجمارك، تؤكد هذه الزيادة التى تسجل ارتفاعًا بنسبة 31% خلال النصف الثانى من 2018 لتسجل 908733 طن مقارنة بالنصف الأول من 2017، والتى سجلت 696176، وزيادة حجم الواردات بالنسبة للإنتاج المحلى خلال النصف الثانى من عام 2018 مقارنة بالنصف الأول من عام 2017 بنسبة 17%.
 
 
وتشير مذكرة مصانع الدرفلة، إلى أن انضمام مصر لمنظمة التجارة العالمية يحظر اتخاذ أية إجراءات أو ضوابط بشأن مكافحة الزيادة غير المبررة فى الواردات، إلا بعد إجراء تحقيق رسمى من جهة مختصة، يبين مدى وجود زيادة فى الوارد لمنتج محدد من عدمه، وما إذا كانت الزيادة طبيعية من عدمه، ويبدو أن أصحاب مصانع الدرفلة كانوا فى غيبة من أمرهم حينما قرر وزير التجارة والصناعة، تشكيل لجنة لإجراء تحقيق فى قضية زيادة الواردات بصورة أضرت الصناعة المحلية، وتوصلت هذه اللجنة إلى حدوث زيادات كبيرة فى الواردات، وكذلك أثبتت اللجنة تعرض الصناعة المحلية لضرر كبير ناتج عن زيادة الواردات، وليس ناتج عن مشكلات أخرى.
 
 
كما كشف لجنة التحقيق، أن الصناعة المحلية حققت خسائر كبيرة خلال النصف الثانى من 2018 بنسبة 119% مقارنة بالنصف الأول من 2017  بعد أن حققت أرباح خلال النصف الثاني من 2017 والنصف الأول من 2018، وزاد المخزون بكمية كبيرة سجلت 402% خلال النصف الثانى من 2018 مقارنة بالنصف الأول من 2017، فضلاً عن زيادة الواردات بصورة مطلقة بالنسبة للإنتاج المحلي خلال النصف الثاني من 2018 مقارنة بالنصف الأول من 2017، علماً بأن هذه الزيادة الكبيرة أدت إلى انخفاض المبيعات والحصة السوقية للصناعة المحلية، في الوقت الذي زادت فيه الحصة السوقية للواردات وتراكم المخزون وتحولت أرباح الصناعة إلى خسائر فى النصف الثانى من 2018.
 
وتوصلت سلطات التحقيق إلي أنه لا يوجد أسباب أخرى للضرر الجسيم الواقع على الصناعة المحلية، بخلاف الزيادة فى الواردات، ولهذه الأسباب فإن هناك علاقة سببية مباشرة بين الزيادة فى حجم الواردات والضرر الجسيم الواقع على الصناعة المحلية، كما توصلت سلطات التحقيق بوزارة التجارة إلى أنه لابد اتخاذ تدابير وقائية مؤقتة نظرا لأن هناك ضرر جسيم واقع على الصناعة المحلية يصعب إصلاحه، لذا تقرر فرض تدابير وقائية مؤقتة على واردات من العيدان والقضبان من حديد أو صلب غير الخلائط مشكلة بالاسطوانات مدرفلة بالحرارة في شكل لفائف أو قضبان ( حديد التسليح لأغراض البناء) والتي تندرج تحت بندي( 7214-7213) من التعريفة الجمركية المنسقة لرسم تدابير وقائية قدرة 25% من القيمة cif.
 
 
وفى رده على كل ما جاء فى الدعوى، قال المصدر إن الإجراءات التى تم اتخاذها فى قضية إغراق السوق المصرى بالحديد المستورد تم مراجعتها من منظمة التجارة العالمية، مضيفا" الرقابة هنا والمتابعة من المنظمة العالمية يهدف للمحافظة على قواعد التجارة، وتم إخطار المنظمة رسميا بكافة بيانات القضية التى توصل إليها فريق التحقيق بما فيها تعرض الصناعة المحلية للضرر، نتيجة الواردات المغرقة، والتأكيد على أن إثبات الضرر كان نتيجة الواردات المغرقة وليس عامل آخر"، موضحاً أنه تم إتاحة الفرص لكافة أطراف القضية لتقديم البيانات فيما يتعلق بحجم الواردات، لافتا إلى أن كافة التساؤلات تم الرد عليها فى هذا الشأن وهناك وفدا من وزارة التجارة زار جنيف واستعرض كافة تفاصيل القضية ورد على جميع التساؤلات، وسيتم عمل جلسة استماع فى مصر لكافة أطراف القضية وبحضور وسائل الإعلام.
 
 
وتعد مصر من أكبر 10 دول مستوردة للبيليت فى العالم، وبما أن مصر تفرض رسوم إغراق على واردات حديد التسليح من الدول الرئيسية المصدرة مثل تركيا وأوكرانيا والصين، فقد اتجهت تلك الدول إلى تصدير البيليت وهو منتج شبه نهائى يمثل 85% من عمليات إنتاج حديد التسليح، وذلك لأن البيليت يدخل السوق المصرى بدون رسوم جمركية، ليس هذا فقط بل قامت الدول ببيع البيليت بأسعار مغرقة ما نتج عنه زيادة واردات البيليت العام الماضى، وهو الوضع الذى استفادت منه مصانع الدرفلة بزيادة أرباحها إلى أكثر من 1000 جنيه للطن، مع تمدد تواجدها فى الأسواق على حساب حصة المصانع المتكاملة، والتى حققت خسائر هائلة.
 
 
ومصر من أقل الدول فرضًا للرسوم الجمركية على واردات الصلب فى العالم، فطبقًا للإحصاءات المتاحة من منظمة التجارة العالمية، فإن متوسط الرسوم الجمركية على البيليت فى أهم الدول المنتجة 20.6% وحديد التسليح 44.3% بينما فى مصر صفر% على البيليت و17.4% رسوم إغراق على واردات حديد التسليح من 3 دول وهى الصين وتركيا وأوكرانيا، وصفر% على باقى دول العالم، وكذلك الحال بالنسبة لمسطحات الصلب المدرفلة على الساخن، حيث الرسوم الجمركية فى مصر 5% بينما المتوسط العالمى 38.1%، وذلك فى الوقت الذى تقترب فيه الحصة السوقية للواردات من 40%، علمًا بأنه لا يوجد دولة فى العالم طاقتها الإنتاجية أكثر من مرتين ونصف من حجم السوق المحلى، وتستحوذ الواردات فيها على مثل هذه الحصة الضخمة.
 
 
ومع زيادة القدرات الإنتاجية لمصانع الحديد فى مصر تقدر بقرابة 12.5 مليون طن سنويا، وفق تقديرات غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، فى حين أن احتياجات السوق المصرى مقدرة بـ 7.5 مليون طن سنويا، إذن هناك فائض إنتاجى يصل إلى 5 ملايين طن حديد سنويا، وإذا ما أضفنا لذلك حجم الاستيراد، سنجد أن الصناعة المحلية فى طريقها للانهيار، حيث بدأت المصانع ذات دورة الإنتاج الكاملة التراجع بحجم إنتاجها ووقف خطوط إنتاج كاملة، لمواجهة أزمة تخمة المعروض التى حققت فائض بنسبة 400 %.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة