الفوضى في استخدام «الهرمونات النباتية» الزراعة تهدد صحة المواطنين
الخميس، 30 مايو 2019 04:00 ص
على الرغم من اتساع الرقعة الزراعية فى العالم، والاتجاهات المتواصلة والمستمرّة، لدعم وتطوير وتحديث المنظومة الإنتاجية والمحصولية، لإطعام الأفواه المتلهفة للحصول على الغذاء، والتى تجاوزت 7 مليارات و67 مليون نسمة، تحتاج كل طلعت شمس، إلى ملايين الأطنان من كميات الحبوب والخضروات والفاكهة يومياً، إلاّ أن الفجوة الغذائية تتصاعد يومياً فى أنحاء المعمورة.
وهو ما دفع خبراء الزراعة فى العالم، منذ عشرات السنين، للبحث عن أساليب زيادة الإنتاجية الزراعية، بطرق ووسائل علمية زراعية غير تقليدية، تستخدم الهندسة الوراثية الزراعية، إلى جانب استخدام "مُنظّمات النمو" الزراعى، أو مايسمى بالهرمونات النباتية، أو "السيتوكينينات" و"الأوكسينات"، وقد كانت هذه الهرمونات النباتية، فى البداية تُستخدِم بضوابط ومحاذير مُعيّنة، غير أن السنوات الأخيرة، شهدت إفراطاً فى استخدامها، بطريقة تضر بصحة المواطنين والمستهلكين للمنتجات الزراعية.
الدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة الأسبق
دراسات وتحذيرات ضد هرمونات النمو
وفي هذا المجال، صدرت الدراسات والأبحاث، التى ترصد أضرار هذا النوع، من الإنتاج الزراعى، على صحة الإنسان، كما خرجت الكثير من التوصيات، عن المؤتمرات والندوات وورش العمل، تؤكد على ضرورة ووجوب الحذر، من استخدام هذا النوع، من التقدم العلمى الزراعى.
فى زيادة الإنتاجية المحصولية، مع الأخذ بالضوابط المُنظّمة، لهذه التكنولوجيا والهندسة الوراثية الزراعية، حتى لا تكون سبباً، فى إصابة الإنسان بالأمراض، وخاصة الأورام السرطانية، والفشل الكلوى والكبدى، وغيره من الأمراض.
الهرمونات النباتية
وقد تحدّث الكثير من العلماء والخبراء، عن هذه النوعية من التقدم الزراعى، ووصف "الهرمونات النباتية" أو"السيتوكينينات"، بأنها "مُنظّمات النمو" كما تحدثوا عن دورها في الإنتاج النباتي، وصالوا وجالوا فى شرح تطبيقات "مُنظّمات النمو الطبيعية"، فى عمليات الإنتاج النباتي، أو مايسمى بـ"الهرمونات النباتية"، وهى عبارة عن مركبات حيوية، ذات تأثيرات فسيولوجية منظمة للعمليات الحيوية.
وتُستخدم بتركيزات منخفضة جداً، و تُخلّق طبيعياً داخل الخلايا النباتية، وقد يكون تأثيرها فى أماكن إنتاجها أو تنتقل إلى أنسجة أخري، وتؤثر فيها، وهناك توازن هرموني طبيعى فى النبات، يلعب دوراً رئيسيا فى نمو النبات الخضري والثمري، وهو ما يحقق الإنتاجية المثلى للنبات.
وعند حدوث خلل في التوازن الهرموني في النبات، فإن هذا يؤدي إلى انخفاض معدلات النمو، سواء الخضري أو الثمري، ويكون سبباً رئيسياً فى انخفاض الإنتاجية، و لذلك فإنه من الضروري، أن يتعرّف المُنتِج على أنواع منظمات النمو، والهرمونات النباتية، والدور الفسيولوجي للهرمونات النباتية، وكيف يمكن استغلالها في تحسين كمية و جودة إنتاج المحاصيل المختلفة.
تكبير وسرعة نمو ونضج البطيخ
مركبات تم حظر استخدامها
وقد تناول الدكتور صلاح يوسف، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق، هذه القضيّة الهامة والحيوية، كما رصد عدداً من "مُنظّمات النمو"، وقال فى دراسة ومقالة مطوّلة له: "كان هناك قلق وتخوف من استخدام "منظمات النمو" فى الإنتاج الزراعى، نتيجة لآثارها على الصحة العامة، وخلال السنوات الثلاثين الماضية، وجدنا عدداً من "المُركّبات" التى تم حظر استخدام بعضها، مثل 2,4-D، وبعضها تم تقنين استخدامها مثل الأوكسينات والسيتوكينينات كمنشطات للنمو، ومن قبل ذلك، كان هناك عدد من "المُركّبات" تُستخدم فى أمريكا، كمثبِّطات للنمو، مثل كولتار وغيره.
إضافة إلى استخدام الإيثلين، و"المُركّبات" المنتجه له، لإجراء عملية الإنضاج الصناعى، وانتقلنا بعد ذلك من الإيثلين كغاز إلى مركبات، لها تأثيرات جانبية، مثل حمض الأبسيسيك، وقد اتجه العالم للحد من استخدام "منظمات النمو"، سواء بتقنين التركيزات، أو الفترة بين التطبيق والحصاد أو بالحظر الكامل.
وتابع وزير الزراعة الأسبق شارحاً: "وفى مصر كنّا كجهات مسئولة أكثر قلقاً وحذراً من استخدام "مُنظّمات النمو"، وكان هناك القليل من المنتجين، الذين يستخدمون مُركّبات مهرّبة من الخارج، بنسبة محدودة جداً، وكان لها تأثير بالطبع على الإنتاجية والجودة، وربما أيضا على صحة الإنسان.
ووصف الدكتور صلاح يوسف، ما نمر به الآن، فى مجال الزراعة، أنه عبارة عن فوضى فى "استخدام منظمات النمو"، التى تكون أصلاً مهربة، فى كثير من الأحيان، أو مُضافة إلى مركبات مسجلّة دون ذكرها، وأصبح المزارعون محترفين فى استخدامها، لزيادة الإنتاجية أو للتحكم فيها دون أن يعلنوا عنها.
الهرمونات النباتية تعمل على تكبير حجم الطماطم وسرعة النضج
عدم الشفافية فى استخدام الهرمونات النباتية
وتعجب الدكتور صلاح السيد، من أنه حينما تظهر مشكلة، بشأن هذه التكنولوجيا العلمية الزراعية، فإن المنتجين لايعطون أى إفادة على أنهم يستخدمون أياً منها، وبالتالى يصعب على المتخصصين، أن يحددوا سبب مشاكل المزارع، نتيجة عدم الشفافية، وربما تظهر المشاكل فى الإنتاجية، ويمكن توقع استخدام "المركبات" وتفسير أضرارها أو العكس بحكم خبرات الاستشاريين الزراعيين.
أما التأثيرات على الصحة العامة، فلا حديث عنها، ونستطيع فقط أن نتوقعه أو نستنتجه أو نقيسه، إلاّ من خلال مشروع قومى يقوم بهذا الدور، وقبل أن نصل إلى موضوعات السبوبة، أود إبلاغ هذا التوضيح للسادة المسئولين، وهو أن هناك من التشريعات، ما يجب أن تطبّق حماية لعملية الإنتاج الزراعى وحماية لصحة الإنسان.
ويجب أن نستورد فقط ما هو معلوم تركيبه بالكامل وبدقة، ويجب كذلك أن نزيد مساحة البحث العلمى فى كيفية الاستفادة من "منظمات النمو النباتية" أو نحد منها، يجب أن نعلم مقدار وحدود الفائدة والضرر والحدود والتطبيقات، وفى نفس الوقت، تقوم كل أجهزة الدولة بزيادة الإرشاد الزراعى، ومنع تهريب الكيماويات، سواء مبيدات أو "منظمات نمو" من الخارج.
وخاصة الكيانات القريبة من حدودنا، وأيضا منع الغش فى مستلزمات الإنتاج المستوردة أو المحلية وما أكثرها، ثم ختم وزير الزراعة الأسبق كلامه قائلاً:"من فضلكم لا تضعوا رؤوسكم فى الرمال مشكورين، ولا تتشدّقوا بالقول نافين وجود هذه "المُنظّمات".