«التجريف والزراعة الكثيفة».. يغتالان الأراضي الزراعية
الجمعة، 17 مايو 2019 09:00 ص
تعتبر مشكلة تجريف التربة، من أهم المخاطر، التى تهدد الأراضي الزراعية المصرية، كما أنها من أكبر أسباب وعوامل تدهور قوّة وكفاءة هذه الأراضى، وخاصة إذا أضفنا إلى ذلك، عمليات تكثيف الزراعة، أو ما يُسمى بالزراعة الكثيفة، وقد فطن المُشرّع المصرى، منذ سنوات طِوال، إلى هذا الغول الذى يغتال المساحات الزراعية، ويحرم الملايين من المصريين، من غذائهم وإنتاجية وخيرات هذه الأراضى، ولذلك وضعت مصر من التشريعات والقوانين ما يُجرّم هذه الممارسات والسلوكيات، حفاظاً على الأراضى الزراعية، واستمرار إنتاج المحاصيل.
التجريف والمواجهة التشريعية
وكانت بداية عمليات التجريف، تتم من أجل الحصول على الطمى أو«الطمية» لاستخدامها فى صناعة الطون الأحمر، ثم تعددت أسباب التجريف بعد ذلك، ووصلت إلى نقل جزء أو أجزاء من هذه التربة، إلى الأراضى الصحراوية والمستصلحة حديثا، للتغلب على زيادة الملوحة والمعادن، أو وضع طبقة ترابية أو طينية، على سطح الأراضى، لمحاولة تثبيت النباتات فى التربة، وحتى يتم وقف التعدى عموماً، على الأراضى الزراعية، وانتزاع خصوبتها، بالبناء أو التجريف، سنّت الدولة، من خلال البرلمان، عدة قوانين، للحد من هذه الظاهرة، ومن ضمنها، القانون رقم 53 لسنة 1966، والذى يُنظّم استغلال الأراضى الزراعية، وتعديل هذا القانون أيضا برقم 116 لسنة 1983، والقانون رقم 2 لسنة 1985، لضمان اتخاذ الإجراءات اللازمة، ضد الممارسات الضارة والخطيرة، مثل التجريف والتبوير والتعدى على التربة الزراعية، والقانون رقم 59 لسنة 1979، و الخاص بالتخطيط العمرانى وتحديد كردونات المدن، والحفاظ على التربة الزراعية الخِصبة.
الحكومة تقف بالمرصاد لظاهرة تجريف الأراضى من أجل صناعة الطوب
أحدث تقارير رصد التعديات
كان أحدث تقرير رسمى، صادر عن الإدارة المركزية لحماية الأراضى، بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، قد كشف عن أن إجمالى عدد حالات التعديات، بالبناء على الأراضى الزراعية، خلال الفترة من 25 يناير، وحتى 2 من يوليو 2018، بلغت مليوناً و878 ألفاً و630 حالة تعدى، بإجمالى مساحات وصلت إلى 83 ألفاً و779 فداناً من الأراضى الزراعية الخِصبة، وجار عمل اللجان لرصد وحصر أى مخالفات جديدة، وحسب التقرير، قد نجحت الحملات، التى تشنها الدولة، لمواجهة هذا الأمر، فى إزالة التعديات على مساحة 487 ألفاً 803 حالة، على مساحة 27 ألفاً و267 فداناً و10 قراريط.
فى حين وصل عدد الحالات، التى لم يتم إزالتها، ومُحرر بها «محاضر بناء»، بالقانون 119 لسنة 2008، وقد بلغت مليوناً و390 ألفاً و827 حالة، بإجمالى مساحة تصل إلى 56 ألفاً و512 فدان، وقد جاءت محافظة البحيرة، على رأس المحافظات، الأكثر تعدياً على الأراضى الزراعية، بإجمالى 8 آلاف و 319 فدان، وتلتها فى المركز الثانى محافظة الغربية، بإجمالى مساحة تصل إلى 7 آلاف و 762 فدان، وجاءت محافظة المنيا فى المركز الثالث بالتعدى على 7 آلاف و 213 فدان، ثم القليوبية بإجمالى مساحة 6 آلاف و 526 فدان، تلتها محافظة الشرقية فى المركز الخامس، بمساحة 6 آلاف و 149 فدان، كما احتلت كفر الشيخ المركز السادس، بإجمالى مساحة تعديات بلغت 5724 فدان، فى حين احتلت محافظة المنوفية المركز السابع بإجمالى مساحة بلغت 5175 فدان.
تجريف الأراضي الزراعية
دراسات عن التعديات وأنواعها
وقد تعددت وتنوعت الدراسات، التى تصف التجريف وأنواعه وأثره على التربة، والذى تزخر به أقسام الأراضى والمياه، فى كُليّات الزراعة ومراكز البحوث والمعاهد الزراعية، وأهمها التجريف الهوائي، والذى يحدث عند حدوث العواصف الشديدة، التى تقوم بإقتلاع النباتات الخضراء والأشجار من الأرض الزراعية، حيث تتطاير محاصيل التربة مع هذه العواصف، ويعتبر هذا من أشد أنواع التجريف، بينما النوع الثانى، هو التجريف المائي، وتحدث نتيجة تساقط الأمطار بشدة على التربة، فيتم غمرها بالمياه الزائدة، وتجريف الأراضى الزراعية وهو ما يعرض صلاحيتها للضرر.
ويحدث هذا النوع من التجريف، في الأرضي الغير مأهولة أو غير المعمورة، كما تتعدد أسباب تجريف التربة، مابين العوامل الطبيعية، التي تتمثل في كلٍ من العواصف وسقوط الأمطار، وهما من أهم العوامل المسئولة عن عملية التجريف، حيث يشكل خطر هذا النوع من التجريف خطراً كبيراً على الأراضي الزراعية، ويعمل على إزالة العناصر اللازمة، التي تحتاجها التربة من الكالسيوم والنيتروجين والبوتاسيوم والفوسفور، والكثير من العناصر التي يحتاج إليها النبات، وهناك أيضا العامل البشري، وهو دور هام، في حدوث مشكلة تجريف الأرض، نتيجة كثرة إنشاء المباني الغير قانونية، والتي تقام على الأراضي الزراعية، إضافة إلى قيام بعض الأشخاص، بتعويض الأراضي الزراعية، بالأسمدة والمبيدات الكيمياوية، لاعتقادهم أن ذلك يفيد التربة.
التكثيف الزراعي
«الفاو» تحذر من التجريف والتكثيف
وفى أحدث تقرير رسمي، أصدرته منظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، عن هذه الظاهرة، سواء كانت تجريفاً أو تكثيفاً، أكد التقرير، أن تآكل التربة بالتجريف أو الانهيار أو الزراعة المكثفة والرعي الجائر، فكل ذلك أحد أهم الأخطار، التي تهدد التربة الزراعية، وهو ما يؤثر على إنتاج ما يصل إلى 95% من الأغذية التي نتناولها، ويؤدي تآكل التربة إلى زيادة الكوارث الطبيعية، مثل الانهيارات الأرضية والفيضانات، وأوضح التقرير أن التربة مليئة بالمياه والمواد الغذائية والكائنات الحية الدقيقة، التي تُعد حيوية لزراعة أغذيتنا، لكن فى نفس الوقت فالتربة موردٌ محدودٌ، واستعادة ولو بضعة سنتيمترات من التربة، قد يستغرق ما يصل إلى ألف سنة، لذلك إذا أردنا ضمان الأمن الغذائي، وتحسين التغذية في المستقبل، فنحن بحاجة إلى العناية بالترابة.