فى حكم نهائي.. النص الكامل لحيثيات رفض أول دعوى «بدل حلاقة الصغير» (مستند)
الخميس، 16 مايو 2019 07:00 م
حصلت «صوت الأمة» على النص الكامل لحيثيات الحكم النهائى من محكمة القاهرة الجديدة الإبتدائية أسرة المطرية الدائرة «9» برفض أول دعوى قضائية من نوعها أمام محاكم الأسرة فى مصر لـ«بدل حلاقة الصغير».
هيئة المحكمة
صدر الحكم فى الدعوى برئاسة المستشار الدكتور شريف عبد الواحد، وعضوية المستشارين أحمد عبد العزيز وعمرو الغايش، وبحضور كل من وكيل النيابة أسماعيل بهاء، وهالة السيد، خبير إجتماعى، وماجدة فؤاد، خبير نفسى، وأمانة سر محمد على.
الوقائع
وتخلص وقائع الدعوى فى أن المدعية اقامتها بموجب صحيفة أودعتها قلم كتاب المحكمة فى 15 سبتمبر 2017، وطلبت فى ختامها القضاء بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى لها شهرياَ بدل حلاقة شعر صغيره «مروان»، وذلك على سند من القول بأن المدعية زوجة المدعى عليه بصحيح العقد الشرعى المؤرخ فى 2007، وقد دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، وقد رزقت منه على فراش الزوجية بأبناء ثلاثة بنتان والصغير «مروان» مواليد 27/9/2008.
إلا أنه دبت بينه وبين الطالبة خلافات زوجية ولم تستمر الحياة الزوجية بين الطرفين فتم طلاق المدعية بتاريخ 18/4/2016، وحيث أن الابن في يد الطالبة وحضانتها الصالحة لها شرعا ولا منفق لهم سوى المعلن إليه، وتتكبد المدعية مصاعب الحياة لأبنائها الثلاث والأب في تجاهل تام بعيد كل البعد عن رعاية أبنائه، متناسيا أنه أنجب أبناء ثلاث وكان لهم نسيا منسيا ومتجاهلا واجبة الشرعي والقانوني بان ينفق على ابنة بما يكفي حاجته.
الأم تلزم الزوج ببدل حلاقة الصغير
وطالبت الأم المدعية بإلزام الأب كونه موسر الحال على النحو الأتي: «يمتلك المعلن إليه محل قطع غيار سيارات وإجمالي دخلة منه قرابة ستة عشر ألاف جنية شهريا، ويمتلك أيضا أكثر من محل تمليك وورشة صيانة إطارات تمليك بذات المسكن بالعقار القاطن فيه ويتراوح دخل المحلات وفقا للتحريات السابقة حوالي عشرون ألف جنية شهريا، إلا أنه يمتنع عن الإنفاق على صغيرة من إعطائه ما يقوم به بحلق رأسه وما يعينه على مستلزمات الحياة ونظافة شعرة، ومن ثم فقد اضطرت المدعية إلى إقامة تلك الدعوى للقضاء لها بفرض بدل حلاقة شعر الصغير «مروان».
حيثيات الحكم
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أنه لما كان ما تقدم وهدياَ به، وحيث أن النفقة تعنى ما يبذل من المال إحياء وصوناَ للمنفق عليه وسداَ لحاجته، وكان الأصل أن نفقة الأولاد تجب لسد حاجتهم، وأنها تقدر بقدر تلك الحاجة، أما إن كان عند الابن ما يكفيه فلا نفقة له على أبيه، وكان المشرع لم يعدد ويصنف صور النفقات أو يحصرها فى قوالب محددة، الأمر الذى أضحى يتعين معه النظر فى الإجتهادات الفقهية، وصولاَ إلى أرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة عملاَ بنص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 سالفة البيان، وذلك عند تناول بحث فرض تلك الصورة المحددة من صور النفقات موضوع الدعوى، وذلك لعدم وجود نص قانونى قطعى الدلالة بشأنها.
استقراء الإجتهادات الفقهية
ووفقا لـ«المحكمة» - البين من استقراء الإجتهادات الفقهية فى شأن تحديد صور وأنواع النفقات أو الأجور اختلاف الفقهاء فى ذلك، لعدم وجود نصوص شرعية قطعية فاصلة فى هذا الشأن، إلا أن القدر الثابت المتفق عليه هو وضعهم العرف الإجتماعى السائد وطبيعة الحالة الإجتماعية والإقتصادية للخصوم فى الإعتبار وأن ما تعارف عليه وشاع قبوله بينهم يضحى أمراَ له وزن يمكن معه أن يعتده بعض الفقهاء من دروب الإنفاق الواجبة على الأب تجاه صغيره.
عدم تطرق الفقهاء لموضوع الدعوى
كما أنه وبالنظر لمجمل الإجتهادات الفقهية فإنه يمكن أن يستخلص منها أن الحد الأدنى المجمع عليه عند الفقهاء فى تحديدهم صور وأنواع النفقات، هو إقرارهم النوع الذى يفى بإشباع الحاجة التى يكون فى فواتها ضياع للنفس البشرية سواء فى بدنها أو عقلها أو عرضها، أما ما جاوز ذلك من صور وأنواع فقد كثر فيه الإختلاف، وأن كان لم يتطرق أحد منهم مع ذلك للتعرض لتلك الصورة موضوع الدعوى، ولا يسع المقام بالتالى عند البحث فيها إلا السير على هدى النمط الإجتهادى المتقدم، ومن ثم اللجوء للعرف المستقر فقهاَ وقضاء أخذاَ فى الاعتبار بذاتية ظروف الخصوم فى الدعوى وواقعهم الإقتصادى والإجتماعى وما شاع بين أمثالهم – بحسب «المحكمة».
الدعوى تخالف القضاء والفقه والإجتهاد والعرف
ولما كانت الصورة المطروحة للنفقة المطالب بها فى الدعوى ليست مما يخشى مع فواتها ضياع للنفس البشرية سواء فى بدنها أو عقلها أو عرضها، الأمر الذى يكون معه الفيصل فى شأنها إلى العرف بمفهومه الفقهى والقضائى والإجتماعى أخذاَ فى الإعتبار بذاتية ظروف الخصوم الإجتماعية والإقتصادية حيث أن العرف السائد المستقر فقهاَ و قضاء – واخذاَ فى الإعتبار بمجالات الإهتمام الغالبة على صور الإحتياجات المادية والإقتصادية وفق الظروف الإجتماعية للخصوم وأمثالهم – يدل على أنه جرى العمل على فرض أنواع محددة من النفقات – جرت بها أحكام القضاء على مدار العقود الماضية – طبقا لـ«المحكمة».
وهى التى تناولتها من جهة أخرى اجتهادات الفقهاء، والتى ليس من بينها فرض ما يسمى «ببدل الحلاقة»، الأأمر الذى تكون معه المطالبة به مفتقدة لسندها الشرعى والقانونى، فضلاَ عن أن احتياج الصغير الطبيعى لتهذيب شعره من جهة أخرى إنما هو احتياج طبيعى لا يتغير مع تغير حال المجتمع بالحداثة، ولا يمكن بالتالى الاحتجاج بكونه أمر طرأ على الواقع يتعين معه تجديد النظر فى النصوص والعمل على الاجتهاد واستنباط الأحكام بصورة تتسق وما استحدث فى واقع الحياة مع تقدم الزمن، الأمر الذى تضحى معه المطالبة بالأجر موضوع الدعوى مخالفة للمستقر عليه فقهاَ وقضاءَ واجتهاداَ، فضلاَ عن مخالفتها للعرف السائد فى المجتمع والمشهور بين أمثال الخصوم وفق حالتهم الإجتماعية – هكذا تقول «المحكمة».