إعلانات تبرعات رمضان بين جريمة الإتجار بالبشر واستدامة أعمال الخير

الخميس، 09 مايو 2019 01:00 م
إعلانات تبرعات رمضان بين جريمة الإتجار بالبشر واستدامة أعمال الخير
التبرعات - أرشيفية
علاء رضوان

الواقع والحقيقة يؤكدان أنه مع حلول شهر رمضان المعظم تزداد ظاهرة إعلانات التبرعات، نظراَ لما فى شهر رمضان من روحانيات تساهم بشكل كبير على الإقبال لعمل الخير، بينما الأمر يكون مثير للإنتباه والجدل بعد إعتماد معظم هذه الإعلانات من قبل نجوم الرياضة والفن، ما يؤدى إلى استفزاز العديد من المشاهدين أحياناَ ويطرح معه عدة أسئلة من يراقب هذه الجهات فى مسألة جمع التبرعات والطريقة والأسلوب الذى تعرض به.    

التبرعات أمر إنسانى

محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا والخبير الحقوقي، أكد أن فكرة تقديم المساعدات للمحتاجين سواء من غير القادرين على الكسب بناء على عجز أو إعاقة أو حتى للاجئين وكذا للمحتاجين من المرضي المعوزين والغير قدرين على الوفاء بمقابل التكاليف الخاصة بالجراحات أو العلاج هو آمر إنساني ويتوافق مع المبادئ الأخلاقية أو المعايير الاجتماعية التي تصف نموذجاً للسلوك البشري الذي يفُهم عموما بأنه حقوق أساسية لا يجوز المس بها مستحقة وأصيلة لكل شخص لمجرد كونها أو كونه إنسان وهو ما عبرت عنه بشكل لا يخالجه شك كافة المواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والتي أكدت على مفاهيم التكافل بين البشر جميعاَ.

1504272793972019400

ولكن للأسف الشديد – وفقا لـ«البدوى» فى تصريح لـ«صوت الأمة» - بات هذا الحق مهدد بمواسم السبوبة واستجداء العطف والمتاجرة بألآم بعد المحتاجين أو المرضي أو أصحاب العاهات من جانب بعض الكيانات التي تجيد العزف على وتر حب الإنفاق والصدقات ومواسم الزكاة وفي مقدمتها شهر رمضان المبارك، وهو ما يتم ترجمته في صورة حملات إعلانية ضخمة تتكلف ملايين الجنيهات لحث الناس على اخراج صدقاتهم لتلك الجهة دون غيرها، ولا يمنع الآمر من استقدام نجم مشهور يتكلف ظهوره بتلك الحملة مئات الألاف من الجنيهات أيضاً للمشاركة بالحملة لتشجيع الناس على التبرع. 

غياب المعايير يؤكد الإتجار بالبشر

وهو ما نري معه أنه تحل لتجارة رائجة لها مواسم معلومة سلفاً، فتلك الأموال الطائلة الخاصة بالحملات التلفزيونية وعبر كافة الوسائل المسموعة والمقروءة أيضاً كانت ستكون أفضل لو تم توجيهها إلي دعم المرضي والمحتاجين، بدلاً من إهدارها عمداً في شكل مادة إعلانية تستعطف الناس من ناحية، ومن ناحية أخري تتاجر عمداً بألآم واحزان المرضي وأصحاب الحاجة والمعوزين بل وتتجاوز هذا إلي حد المسائلة القانونية التي تتحقق حال استغلال أطفال مرضي أو أيتام أو محتاجين أو نزلاء دور أيتام في تحقيق هذا الكسب – الكلام لـ«البدوى». 

53686d91-ecc8-4a88-b6bc-c94350270586

وهو الأمر المؤثم بمقتضي نصوص قانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010، وبخاصة المواد 2 و 3 من القانون، والذي غلظ العقوبات وفقاً للمادة 6 فقرة 6 في حالة ما إذا كان المجنى عليه طفلاً أو من عديمي الأهلية أو من ذوى الإعاقة، ليعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه، كما أن نصوص التجريم الخاصة بحالة الاستغلال وفقاً لهذا القانون لا تواجه الافراد فقط بل انها تطال الأشخاص الاعتبارية كالمؤسسات والجمعيات ودور الأيتام وذلك وفقاً لصحيح نص المواد 10 و 11 و 12 من القانون – هكذا يقول «البدوى».  

 غضب أهالى الصعيد

واتفق المحامى ناصر ربيع، عضو الجمعية العمومية بنقابة المحامين بمحافظة الأقصر، مع «البدوى» فى الرأى مؤكداَ أنه تلاحظ فى الآونة الأخيرة وخصوصا مع بداية شهر رمضان المبارك العديد من الإعلانات عبر الفضائيات المصرية التي تدور معظمها حول فحوي واحدة بكل الإعلانات وهي «أتبرع بكرتونة لاخواتك في صعيد مصر» الأمر الذي يثير غضب الكثير من أهالي صعيد مصر كون ذلك يعد إهانة لجميع أبناء الصعيد، وردد قائلاَ:  «أنا واحداً منهم ومعي الكثير الغير راضي علي ما يحدث من إهانة بالغة من هذا الإعلان».

15094516_1081017452019932_7153398717950510371_n

وبحسب «ربيع» فى تصريح خاص - المعلوم أن الصعيد مهمش في كثير من الخدمات وقلة المشروعات الأمر الذي يؤثر بالسلب علي الحالة الاقتصادية لمعظم أبناء الصعيد ولكن لم يصل الأمر للشحاذة علي الصعيد بهذه الطريقة المهينة والمذرية، مطالباَ بضرورة وقف مثل هذه الأمور التى وصفها بـ«المهزلة» لأن أهل الصعيد أغنياء وأهل عفه رغم فقر الكثيرين منهم، وردد قائلاَ: «تحسبهم أغنياء من التعفف».

التصدى للظاهرة بشكل علمى

فيما يرى مراقبون إن مسألة التكافل الاجتماعي تُعد من الناحية الإنسانية مطلباَ مهماَ فى ذاته، وأن قطاع كبير من المصريون ينفردون بشيوع هذه الظاهرة وتحديدا فى شهر رمضان استنادا للطاقة الروحية التي يبثها الشهر الكريم فى نفوس المسلمين، الأمر الذى يؤدى بدوره إلى دفعهم لتقديم المساعدات المالية للمحتاجين سواء للظروف الصحية والفقر والجهل والمرض وهو أمر جيد ولكن يجب أن يكون على مدار العام وليس شهر رمضان فقط، وكذا مع ضورورة وضع معايير مهنية لتلك الإعلانات التى تعرض الناس والمحتاجين أحياناَ للإهانة أو الإحراج أحياناَ أخرى، لأنها تضع المحتاجين كمتسولين، فلابد من الرقابة المستمرة على هذه الإعلانات والجمعيات الأهلية المسئولة عنها. 

images

طريقة احترافية

الإعلانات الخيرية – طبقا لـ«المراقبون» - موجودة في العديد من دول العالم المُتقدمة إلا أنها فى حقيقة الأمر تُقدم بطريقة مهنية فى الخارج وأكثر احترافية، وذلك مع مُراعاة للمعايير المِهنية، وذلك على إعتبار أن العمل الخيري مسألة إنسانية إلا أنه أيضًا صناعة يجب اتقانها، لذلك لا يُمكن استدامة أعمال الخير دون وجود إعلانات لكونها تضمن تدفق الموارد المناسبة لدوام هذا النوع من العمل حيث أن هذه الإعلانات تُظهرُ قدرًا من عجز المجتمع ككل وتراجع قدرته على حل مشكلات اجتماعية وتنموية معينة، فضلاَ عن أن هناك استشعارًا كبيراَ لدى أوساط في المجتمع بأن هذه الإعلانات لا تخدم بالمرة صورة جهود التنمية، بينما تنقل وتقدم شكلا من الأشكال غير الحضارية لمعيشة بعض الطبقات الفقيرة.  

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة