حكم مهم للنقض بشأن التعويض عن إساءة استعمال الحق في التقاضي (مستند)
السبت، 04 مايو 2019 10:00 ص
أصدرت محكمة النقض، حكماَ مهماَ بشأن التعويض عن اساءة استعمال الحق كصورة من صور المسئولية التقصيرية: قالت فيه: « المسئولية عن إساءة استعمال الحق، مناطها هو وقوع الخطأ فى استعمال صاحب الحق لحقه فى جلب المنفعة التى يتيحها له هذا الحق وخروج الاستعمال عن دائرة المشروعية حيث ورودت حالاته على سبيل الحصر المادتان 4، 5 مدنى، ضابطها هو نية الإضرار سواء على نحو إيجابى أو على نحو سلبى».
صدر الحكم فى الطعن المُقيد برقم 1065 لسنة 83، برئاسة المستشار على عبد الرحمن بدوى، وعضوية المستشارين سعيد سعد عبد الرحمن، وبدوى إبراهيم عبد الوهاب، ومصطفى حسين مصطفى.
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أن معيار الموازنة بين مصلحة صاحب الحق التى يرمى إلى تحقيقها من استعماله وبين الضرر الواقع على الغير جراء ذلك الاستعمال يعتبر معيار مادى دون النظر للظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور هو علة ذلك، وتكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه خضوعه لرقابة محكمة النقض.
ووفقا لـ «المحكمة» - حق المحافظة على النظام والأمن العام والآداب المقرر لهيئة الشرطة هو حق أصيل، هدفه هو منع الجرائم وضبطها وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين فى كافة المجالات طبقا للمادة 3 ق 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة، يكون مؤداه عدم قيام المسئولية المدنية على تلك الهيئة بمجرد استعمالها هذا الحق مع وجوب أن يقيم المطعون ضده الدليل على انحرافها فى استعماله.
وبحسب «المحكمة»- استناد الحكم المطعون فيه فى قضائه بإلزام الطاعن بصفته وزيرا للداخلية بتعويض المطعون ضده عن إصابته أثناء اشتراكه فى إحدى المظاهرات داخل الحرم الجامعى إلى أقوال شاهدى الأخير وأن الجهات الأمنية لم تقدم الأدلة القاطعة ضد أى شخص يقوم بارتكاب أعمال الشغب أو التخريب مع عدم بحثه مدى توافر إحدى صور التعسف فى استعمال تابعى الطاعن بصفته لحقهم القانونى فى المحافظة على النظام والأمن العام والآداب وحماية الأرواح والأعراض والأموال وتنفيذ ما تفرضه القوانين واللوائح من واجبات يكون قصور وخطأ.
المقرر فى قضاء محكمة النقض أن الأصل حسبما تقضى به المادة 4 من القانون المدنى أن «من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر» باعتبار أن مناط المسئولية عن تعويض الضرر هو وقوع الخطأ فى استعمال صاحب الحق لحقه فى جلب المنفعة المشروعة التى يتيحها له هذا الحق، وكان خروج هذا الاستعمال عن دائرة المشروعية إنما هو استثناء من ذلك الأصل.
وحددت المادة 5 من ذلك القانون حالاته على سبيل الحصر بقولها « يكون استعمال الحق غير مشروع فى الأحوال الأتية:
أ- إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير.
ب- إذا كانت المصالح التى يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية، بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
ج-إذا كانت المصالح التى يرمى إلى تحقيقها غير مشروعة، وذلك درءاً لاتخاذ ظاهر القواعد القانونية شعاراً غير أخلاقى لإلحاق الضرر بالغير.
وكان البين من استقراء تلك الصور أنه يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء على نحو إيجابى بتعمد السير إلى مضارة الغير دون نفع يجنيه صاحب الحق من ذلك أو على نحو سلبى بالاستهانة المقصودة بما يصيب الغير من ضرر من استعمال صاحب الحق لحقه استعمالاً هو إلى الترف أقرب مما سواه مما يكاد يبلغ قصد الإضرار العمدى.
المقرر فى قضاء محكمة النقض أن معيار الموازنة بين المصلحة المبتغاة فى هذه الصورة الأخيرة «إذا كانت المصالح التى يرمى صاحب الحق إلى تحقيقها غير مشروعة»، وبين الضرر الواقع هو معيار مادى قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور يسراً أو عسراً إذ لا تنبع فكرة إساءة استعمال الحق من دواعى الشفقة وإنما من اعتبارات العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب.
المقرر - فى قضاء محكمة النقض – أن تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التى يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، مفاد النص فى المادة الثالثة من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة يدل على أن حق المحافظة على النظام والأمن العام والآداب المقرر لهيئة الشرطة هو حق أصيل يهدف إلى منع الجرائم وضبطها وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين فى كافة المجالات، ومن ثم فلا تقوم المسئولية المدنية على تلك الهيئة بمجرد استعمالها هذا الحق بل يتعين أن يقيم المطعون ضده الدليل على انحرافها فى استعماله.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد استند فى قضائه بالتعويض «بإلزام الطاعن بصفته وزيراً للداخلية بتعويض المطعون ضده عن إصابته أثناء اشتراكه فى إحدى المظاهرات داخل الحرم الجامعى»، إلى «أقوال المطعون ضده وأقوال شاهديه، وأن الجهات الأمنية لم تقدم الأدلة القاطعة ضد أى شخص يقوم بارتكاب أعمال الشغب أو التخريب»، دون أن يعن ببحث مدى توافر إحدى صور التعسف فى استعمال تابعى الطاعن بصفته لحقهم القانونى فى المحافظة على النظام والأمن العام والآداب وحماية الأرواح والأعراض والأموال وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين فى كافة المجالات، وبتنفيذ ما تفرضه عليهم القوانين واللوائح من واجبات فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون.