ظهور «البغدادي».. لماذا يفضل الإرهابيون التليجرام؟
الأربعاء، 01 مايو 2019 10:02 ص
في أول ظهور لأبى بكر البغدادى زعيم تنظيم داعش الإرهابى فى فيديو متلفز بثته مؤسسة الفرقان عبر تطبيق "تليجرام"، منذ عام 2014 توعد فيه الجميع بسلسلة عمليات إرهابية، وأعلن فيه مسئوليته عن تفجيرات سيرلانكا كما اعترف بخسارته فى منطقة باكوز على الحدود العراقية السورية.
اللافت فى فيديو البغدادى، ظهوره على تطبيق "تليجرام"، وهو تطبيق يواجه اتهامات عديدة بدعم التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش، حيث يعد "تليجرام" من التطبيقات المفضلة للتواصل لدى عناصر التنظيم الإرهابى،وواجه مؤسسه الروسى بافل دروف اتهامات عديدة بسبب التواجد الكبير للعناصر الإرهابية على التطبيق وبصفة خاصة بعد حادث الدهس فى برلين الذى وقع فى ديسمبر 2016 وراح ضحيته أكثر من 12 قتيلا.
الفيديو حمل اسم"فى ضيافة أمير المؤمنين"، ويستمر لمدة 18 دقيقة ويحرض البغدادى عناصر تنظيمه إلى تكثيف العمليات الإرهابية كما يصف بوتفليقة وعمر البشير بالطواغيت، ويعد هذا الفيديو هو الظهور الأول للبغدادى منذ ظهوره فى يوليو 2014 أثناء الصلاة فى جامع النورى فى غرب الموصل، ويدرج أبو بكر البغدادى من أوائل قائمة المطلوبين فى العالم ،فيما ترصد أمريكا مكافأة كبيرة يصل قدرها إلى 25 مليون دولار لمن يساعد فى الوصول إلى زعيم تنظيم داعش الإرهابى.
يأتى ذلك فى الوقت الذى كشفت فيه دراسة حديثة أن تطبيق تليجرام يعد من أهم الأدوات التكنولوجية التى يتم استخدامها من قبل الجهاديين للتخطيط لشن هجمات ضد الغرب، وأوضح الباحثون أن التطبيق المشفر يستخدم من قبل 34٪ من الجهاديين الذين كانوا موضوعا للدراسة التى أجرتها إحدى شركات الأمن، ورصد الباحثون وكشفت الدراسة أن التطبيقات الأخرى المشفرة مثل واتس اب يستخدمها ما يقرب من 15٪ من الجهاديين.
ويعد تطبيق تليجرام من أشهر تطبيقات التراسل الفورى المشفر فى العالم منذ إطلاقه فى عام 2013 على يد الأخوين الروسيين نيكولاى وبافل دروف، ويصنف من أكثر تطبيقات الرسائل شعبية وصدر قرار مؤخرا من روسيا بحجبه وكذلك تم حجبه فى إيران، ورفعت موسكو دعاوى قضائية ضد الشركة المالكة لتليجرام بسبب رفضه تمكين أجهزة الأمن الروسية من الوصول للرسائل المشفرة للمستخدمين،فى حين أن جهاز الأمن الاتحادى الروسى قال إنه بحاجة للاطلاع على بعض الرسائل للحماية من الهجمات الإرهابية إلا أن بافل رفض هذا المطلب بحجة احترام خصوصية المستخدمين.
وفيما يخص بافل دروف مؤسس تليجرام فسبق فى 2006 وأنشأ منصة للتواصل الاجتماعى فى روسيا فى عام 2006 وهى منصة Vkontakte، وتعتبر منافسا لشبكة فيسبوك، كما انه فر هاربا من روسيا بسبب خوفه بعد رفض طلب روسيا بالحصول على بيانات المستخدمين، وافتتح مكتبا خاصا له فى دبى كما أنه أسس تطبيق "تليجرام" بالاشتراك مع أخيه من ماله الخاص ورفض الحصول على أموال من الإعلانات حتى يحافظ على خصوصية المستخدمين كما رفض بيع "تليجرام" على الرغم من تلقيه عروضا متعددة من شركات كبرى داخل "وادى السيلكون"، وقال إنهم عرضوا عليه 5 مليارات دولار مقابل البيع، وفضح الولايات المتحدة الأمريكية زاعما أن وكالات المخابرات الأمريكية حاولت إقناعه بتطوير ثغرة بالتطبيق، وحاولوا رشوته.
بدوره قال الدكتور عادل عبد المنعم خبير أمن المعلومات، إن فكرة لجوء التنظيمات الإرهابية وداعش إلى استخدام تطبيق "تليجرام" كأحد وسائل التواصل فيما بينهم تتمثل فى أن المراسلات فى هذا التطبيق الحديث تكون مشفرة ،مع وجود تقنية بنفس التطبيق تتيح الفرصة للمستخدم بمسح الرسائل بعد مدة زمنية يتم تحديدها ولتكن 30 ثانية أو دقيقة.
وأضاف خبير أمن المعلومات، أن هذه التقنية وتطبيق تيلجرام، من المفترض أن سريتها لصالح المستخدمين ولكن يتم إساءة استخدامها من جانب التنظيمات الإرهابية كأدوات اتصال آمنة، حيث يوفر بيئة اتصال أمنه، كما أنها تصعب على جهات انفاذ القانون والجهات الأمنية تتبع الأدلة التى تثبت تورطهم فى أى عمل إرهابى أو أى عمل أخر يتم خارج القانون.
وتابع الدكتور عادل عبد المنعم، أن تقنية تليجرام وجعم الخصائص بها يجعل هناك فرصة لمسح الرسائل بعد ثوانى من ارسالها واستقبالها مما يجعل هناك صعوبة كبيرة فى استعادة الرسائل المشفرة عند ضبط هذا الشخص ،وبالتالى يتعذر بشكل كبير على جهات انفاذ القانون جمع الادلة.
ومن جانبه قال الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية، أن ظهور الإرهابى أبو بكر البغدادى من جديد واستخدام تطبيق التيلجرام، أمر كان متوقع، حيث أن التنظيم الإرهابى بدأ فى الابتعاد عن استخدام الاساليب النمطية فى الاعلام الخاص به، وعكف على تطوير المنظومة الخاصة به، وتطوير طرق النشر والاعلام، خصوصا بعد التوترات التى شهدها التنظيم وخروجه من سوريا والعراق ودول أخرى من الإقليم وخارجه.
وأضاف فهمى أن تنظيم داعش الإهابى أصبح يعتمد على اساليب تكنولوجيه متطوره بعيدا عن الاساليب النمطية المعتادة لدى التنظيم التى كانت تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعى، وأصبح لديه أكثر من لغة ليتمكن من مخاطبة كافة الدول، وتطوير النظام التكنولوجى داخل داعش برز موخرا وبقوة من خلال بث المادة الفليمية الجديدة.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن الخطاب الاعلامى لدى التنظيم الإرهابى خلال الفترة المقبلة سيعتمد على بعض الوسائل الحديثة فى مجال التكنولوجيا، والاعتماد على الاساليب الرقمية، وذلك نتيجة لأن بعض عناصر التنظيم نجحت فى تجنيد شباب جديدة تعتمد على الرقمنة، وبالتالى سيكون انتقال من مرحلة بث الافلام والمونتاج إلى استخدام الرقمنه فى علم المعلومات.
وذكر أستاذ العلوم السياسية، أن الهدف من ظهور البغدادى فى هذا التوقيت، يحمل رسالة بان التنيظم باقى وأن ظهور قائده يحمل رسالة معنوية لمحاولة تجنيد شباب جدد على اعتبار ادعاءات أن التنظيم مازال قويا، وانه سيقوم بعمليات جديدة فى مناطق مختلفة بالإضافة إلى أن ظهور البغدادى قد يكون بداية لتغييرات كبيرة فى مواقع التنظيم وأولوياته وبعض رموزه مع احتمالات واردة لتصعيد جيل جديد من القيادات التى تم تجنيدها الكترونيا بعد مرحلة الخروج من الرقة والموصل.