هل بدأت الجزائر في محاصرة إرهاب قطر ؟

منذ إعلان الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) مقاطعة الدوحة دبلوماسيًا وتجاريًا في 5 يونيو من العام 2017، بدأت فضائح تورطها في دعم وتمويل الإرهاب في المنطقة تتكشف تباعًا.

تدخلات تنظيم الحمدين (حكومة قطر) في شؤون دول المنطقة أثر سلبًا على بعض منها إلى حد كبير، فقد عمل النظام القطري على دعم كل ما من شأنه ضرب الاستقرار في المنطقة من خلال التوغل في دول عربية والعبث بأمنها محاولًا الاستيلاء على مقدراتها أيضًا لتحقيق أطماع توسعية تخدم توجهاته والنظام التركي وجماعة الإخوان الإرهابية.

ويبدو أن الإرهاب القطري التركي في المنطقة بدأ يلفُظ أنفاسه الأخيرة خاصة في ظل المتغيرات الأخيرة التي تشهدها ليبيا والسودان وأيضًا الجزائر، والتي كشف موقع «إرم نيوز» نقلًا عن وسائل إعلامية جزائرية أن قوات الأمن الوطني بها قامت اليوم الأحد باعتقال مسؤولين كبيرين في مجمع «كوندور» للاتصالات والخدمات، كانا ينويان السفر إلى قطر، للمشاركة في المعرض العالمي لمواد البناء بقطر، ويشتبه في تورطهما بقضايا فساد.

الحديث عن مساندة قطر للإرهاب ودعم الإرهابيين والعناصر المتطرفة في الجزائر عاد إلى الواجهة مرة أخرى منذ أيام حيث مشاركة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في مراسم جنازة مؤسس وزعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ والمحظورة بالجزائر، عباسي مدني.

وقد أقيمت مراسم تشييع جثمان «مدني» في أكبر مساجد الدوحة حيث مسجد محمد بن عبدالوهاب وسط حضور عدد من الشخصيات والمسؤولين القطريين إلى جانب «تميم».

وكان رئيس الوزراء الجزائري السابق، أحمد أويحي قد وصف «مدني» بأنه «رأس الفتنة والراعي الرسمي للمجازر التي وقعت في الجزائر في عام 1990»، بحسب «سبوتنيك».       

وجاءت مشاركة الأمير القطري في جنازة «مدني» مؤكدة على دعمه ونظامه للإرهاب، فقد انتقل عباس مدني إلى العيش في قطر في عام 2003 مباشرة عقب إخلاء السلطات الجزائرية لسبيله إثر تورطه في أعمال تخريبية وتحريضية في بلاده.

وظل «مدني» في رعاية تنظيم الحمدين، حيث لقى ترحيبًا كبيرًا من قبل أمير قطر الوالد، حمد بن خليفة آل ثاني، ما أثار أزمة دبلوماسية بين قطر والجزائر، فيما قدّم أمير قطر السابق وعدًا للسلطات الجزائرية بأن يبقى عباس مدني في الدوحة دون الإدلاء بأي تصريحات تسئ للجزائر.

اقرأ أيضًا: لماذا حزن تميم على عباسي مدني؟.. تاريخ رجل العشرية السوداء الذي سفك دماء الجزائريين

وكانت تقارير إعلامية مختلفة أشارت منذ العام 2017 إلى تورط الدوحة في عدد من العمليات الإرهابية التي شهدتها بلاد المغرب العربي. وعن الجزائر فقد لفتت إلى الدعم القطري لعملية عين أميناس الإرهابية واليت نفذها ما يُعرف بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».

هذا وذكرت «سكاي نيوز» الإخبارية أن الدوحة متورطة في عملية اغتيال الزعيم النقابي التونسي شكري بلعيد، وأن القرار بتصفيته جاء بعد إعلانه عن امتلاك أدلة حول دخول سيارات قطرية رباعية الدفع مجهزة بمعدات متطورة إلى الأراضي التونسية والجزائرية، إلى جانب معلومات تفيد بضلوع قطر في واقعة عين أميناس.

وفي سياق متصل كان المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري شدد على أهمية التنسيق الوثيق بين بلاده والجزائر في محاربة الإرهاب ومراقبة الحدود، محذرًا من محاولات الدوحة الوقيعة بين ليبيا والجزائر.

وفي مقال بعنوان «إيران وتركيا والمال القطري أطر ما يواجهه العرب»، قال الكاتب السعودي، أحمد الجميعة: «النيات السيئة لم تتوقف، وأحلام العهد القديم مستمرة، ورصيد الحقد والكراهية يتضاعف، وبالتالي لم يعد هناك خيارات للتسوية مع أطراف لا تريد الأمن والاستقرار للمنطقة، وإنما بقاء الصراع إلى الأبد لتقتات عليه، وتستهلك معه خطابات التشويش الفكري للشعوب، وتحميله ما لا يحتمل من إيديولوجيات الطائفية، والإخوانية، والأخطر من ذلك حين تكون "داعش" و"القاعدة" على انسجام تام مع تلك القوى، وملاذاً آمناً لقادتها»، لافتًا إلى أن «الجزائر تواجه منعطفًا سياسيًا مهمًا بعد استقالة بوتفليقة وتعيين عبدالقادر بن صالح رئيسًا مؤقتًا للبلاد، حيث يحذّر أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الجزائري ونائب وزير الدفاع في خطاباته من أطراف خارجية تريد زعزعة أمن واستقرار الجزائر والإيقاع بين الشعب وجيشه، وفرض وصايتها باختيار ممثلين عن الشعب لحكم الجزائر، وحتمًا هو لا يكتفي بالإشارة الضمنية إلى دول غربية، بل أيضًا إلى دول محورية في صراع الشرق الأوسط الكبير».

اقرأ أيضًا: هل تنسف السودان مطامع تركيا وقطر في المنطقة؟

يذكر أن السلطات الأمنية الجزائرية منعت عددًا من الشخصيات من مغادرة البلاد والتحقيق مع بعضهم بسبب تورطهم في قضايا فساد، وذلك منذ ما بدأت الجزائر في أن تشهده من متغيرات واستقالة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.