أخرهم الجزائر.. أردوغان يمهد لمشروعه التوسعي بمساجد «الضرار»
الخميس، 24 يناير 2019 10:00 ص
يستخدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كل الوسائل الممكنة والغير ممكنة للوصول إلى أهدافه الاستعمارية في تحقيق حلم الخلافة العثمانية بوصفه «الخليفة المنتظر»، حتى وإن كانت المتاجرة بالدين وشراء جواسيس في رداء «دعاة» بأموال الشعب التركي، من ألمانيا إلى قبرص وليس انتهاء بالجزائر، فيشيد هنا وهناك مساجد تأوى جواسيسه ضد معارضيه، أشبه ما تكون بمساجد الضرار.
افتتح مندوب شركة توسيالي التركية للحديد والصلب التابعة للحكومة، مسجد «الأمير عبد القادر الجزائري» في الجزائر، والذي أحد أبطال المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، حيث أقيم المسجد على مساحة 14 كيلو مترا، وامتزجت هندسة المسجد الذي يقع في محافظة وهران، بين النمطين المغربي والتركي، بتمويل من الشركة التركية، ويعد ثاني أكبر مساجد المحافظة.
المفارقة الغريبة، كانت في أن المسجد الذي يستهدف أردوغان من وراء بناءه، الدعاية لنفسه ولخلافته الاستعمارية، هي أن المسجد التركي يحمل اسم أعتى المناضلين الذين رفضوا الاحتلال العثماني لبلادهم.
تسعى تركيا، إلى خلق نفوذ لها داخل الجزائر عبر مغازلة التيارات الإسلامية وذلك ببناء المساجد، ودعم التشدد الديني وانتشار الجماعات المتطرفة هناك، من خلال جمعية الاختراق التركية «تيكا»، ففي أبريل من العام الماضي 2018 افتتحت الجمعية في العاصمة الجزائر مسجد «كتشاوة» الذي رممته الجمعية التي تتبع مباشرة لرئاسة الوزراء التركية، وتتخذ من شعار العمل الخيري والتعاون الدولي ستارًا خفيًا لتنفيذ مهام قذرة داخل الدول، ومنها الترويج للسلطان رجب إردوغان، لتنفيذ مخططه التوسعي الاستعماري في الدول العربية.
وقع رجب أردوغان اتفاقا مع الحكومة الجزائرية في 2013 خلال زيارته لها، يقضي بتولي أنقرة ترميم المسجد، وأسند المشروع إلى الجمعية التركية «تيكا»، التي تتخذ من ترميم المساجد في دول عربية ذريعة للتدخل في شؤون هذه الدول، ومنها جيبوتي ولبنان وسوريا، خاصة في مناطق ريف حلب، وعلى الفور استعانت بالخطاط التركي حسين قوطلو، للإشراف على أعمال الرسم والكتابة في مسجد «كتشاوة» لإضفاء الصبغة العثمانية على عمارة وتخطيط المسجد،، وأقيمت في المسجد أول صلاة جمعة منذ 10 سنوات بحضور وزراء جزائريين، والسفير التركي محمد بوروي، وحظي باهتمام الأسرة الحاكمة التركية، فزارته أمينة أردوغان في إبريل الماضي، وسط أجواء دعائية وصفها الجزائريين بالمبالغ فيها.
متاجرة أردوغان بالدين الإسلامي لم تتوقف فقط على افتتاحه للمساجد في الدول العربية، بل امتدت إلى أوروبا، وتحديدا في مدينة كولونيا، في نهاية سبتمبر 2018، حيث افتتح السلطان العثماني، المسجد المركزي بحي إيرنفيلد بمدينة كولونيا، الذي يعتبر أكبر مساجد ألمانيا وأوروبا، وسط معارضة شعبية كبيرة ورفض الحكومة الالمانية حضور مراسم الافتتاح.
تولت جمعية «الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية - ديتيب» أعمال تمويل بناء المسجد، الذي بدأت العمل فيه عام 2009، وشيدته بالأسمنت والزجاج على مساحة 4.5 كيلو متر، واستقبل المصلين في 2017 قبل حضور أردوغان لمراسم الافتتاح الرسمي.
عمت الاحتجاجات أرجاء مدينة كولونيا، قبيل مراسم افتتاح المسجد، الذي حضره رجب إردوغان، ونتيجة لهذه الاحتجاجات الواسعة اضطرت الشرطة الألمانية في المدينة، إلى نشر الآلاف من عناصرها، الأمر الذي وصفه رئيس الشرطة المحلية أوفي جاكوب، بأنه أكبر انتشار للشرطة في تاريخ المدينة على الإطلاق، كما نددت رئيسة الحزب الديموقراطي المسيحي أنجريت كرامب كارنباور، بما يجري على الأراضي الألمانية، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، ورفضت ما اسماه أردوغان بأنه انفتاحا للإسلام، ووصفته بأنه رمزًا لإنغلاقه، في إشارة إلى أفكار الرئيس التركي المتشددة الداعمة للإرهاب.
وكشف وزير داخلية ولاية شمال الراين فيستفاليا هربرت رويل، بالتزامن مع افتتاح المسجد، عن تورط أئمة الاتحاد التركي الإسلامي، في جمع معلومات عن المواطنين الأتراك المقيمين في ألمانيا، وإرسالها إلى تركيا، وهو ما ذكرته وسائل الإعلام الألمانية، بأن المخابرات الداخلية Bundesamt für Verfassungsschutz (BfV) المنوط بها مراقبة الإسلاميين والمتشددين في ألمانيا، أرسلت إلى فروعها ملفا يضم معلومات خاصة باتحاد «ديتيب» لإعداد تصور كامل لفرض مراقبة كاملة على أعضائه.
قبل 6 أشهر من افتتاح أردوغان، لمسجد «الأمير عبد القادر الجزائري»، سبقه بحضوره شخصية لحفل افتتاح مسجد «هالة سلطان» في الجزء المحتل من العاصمة القبرصية نيقوسيا، الذي يتسع لـ 3 آلاف شخص وسط معارضة من الساسة في البلاد، في إشارة منه لحكومة اليونان بأنه الخليفة القادم الذي يهدد عروشهم، وعليهم الحذر من سيفه وسلطانة، ما دعى مؤسس حزب قبرص الموحد الاشتراكي عزت إزجان، لاتهام أردوغان في تصريحات نشرتها صحيفة ديلي ميل، بأنه يسعى إلى تغيير هوية القبارصة الأتراك، قائلا: «لدينا الكثير من القواسم المشتركة مع اليونانيين والأرمن والموارنة، وكلهم لهم وجود على الجزيرة، لكن أردوغان يحاول ضم الشمال، وبناء هوية أخرى، وكلنا نعرف أن هدفه هو استيعاب ودمج الجزء الشمالي من قبرص إلى تركيا في مشروعه التوسعي الجديد» .