تمخض الإعلام فولد خبثا.. لماذا باع الإعلام الغربي شرفه المهني مقابل ريالات قطر؟
الأربعاء، 24 أبريل 2019 10:00 صصابر عزت
حينما يتحول الأبيض إلى رمادي، ويتحول الرمادي إلى أسود، ويتحول الأسود إلى عدوان، فتش عن الإعلام، وحينما يتحول الحق إلى شك، ويتحول الشك إلى زور، ويتحول الزور إلى بهتان، فتش عن الإعلام.
كلمات بسيط، درست في كليات الإعلام وضمن المناهج الإعلامية في مختلف أنحاء الإعلام.. تحدثت عن القذارة الإعلامية، مصنفة إياها ثلاثة ألوان: «الأسود، والأبيض، والرمادي»، مشيرة إلى أن الأسود هو الكذب المباشر، والأبيض هو الصدق، والرمادي- أو ما وصفته بالأخطر- خاصة وأنه يعتمد على حقائق تلوث بأكاذيب.
«اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى تُصدَّق، هؤلاء المتلاعبون بالعقول، بكل منهجية وبكل إبداع يستحقون من الناحية المهنية كل إعجاب حتى وإن كانوا من الناحية الأخلاقية يستحقون كل احتقار».. تلك الكلمات عبرت بكل ما تحويه من معنى عن حقيقة العديد من المنصات الإعلامية التي طبقة نظرية المؤامرة الإعلامية على مصر بكل حرفية.
فما بين الكلمات المعسولة، التي تحمل في مجملة شكل المهنية، ويحتوي مضمونها على مكائد تهدف إلى التلاعب بالعقول، حاولت (CNN) و«دويتشه فيله»، أن تنصب المكائد للمصريين، خلال استفتائهم على التعديلات الدستورية.
فقد انتهجت تلك الوسائل الإعلامية، سياسات إعلامية تنسف مصداقيتها على المستويين العربي والعالمي، فبعد أن كانت أسماء ساطعة في سماء المهنية والمصداقية في عالم الإعلام إلا أن تحيُزاتها مؤخرًا تهدد تاريخها.
فعلى مدار الفترة الماضية، سخرت تلك الوسائل الإعلامية قدراتها، من: «تقارير، ومقالات، مُوجهة واستضافة»- لشخصيات من ذوي توجهات محددة على حساب الأطراف الأخرى- للتلاعب بالعقول ودمج الحقائق بالأكاذيب، لدعم أجندات وتوجهات بعينها، وقد جاء في مقدمة تلك الوسائل الإعلامية: «دويتشه فيله وCNN ونيويورك تايمز و BBC».
وجاء الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مصر ليفضح أكاذيب تلك الوسائل على مدار شهور طويلة ماضية، خاصة في ظل ما جاء أشبه بالحملة المضادة لتلك الخطوة الديمقراطية التي شهدتها مصر خلال الأيام الماضية، وأيضًا تدخلاتها بشكل سافر في شؤون البلاد الداخلية.
ولعل أبرز ما لفت الانتباه لسياسات مثل تلك الوسائل الإعلامية هو ما دشّنته الحسابات الرسمية لـ(CNN) و«دويتشه فيله»، من استطلاعات رأي جاءت صياغته تبعد كل البعد عن معايير المهنية الإعلامية، ولكن وجه المصريون لها صفعة قوية حيث جاءت النتائج بما لا تشتهي أنفسهم وهو ما فضح توجهاتها بشكل أكثر حيث تجاهلها للنتائج الإيجابية في حق الإدارة المصرية وعدم صياغة التقارير والموضوعات على هذا الأساس.
ليس غريبا على تلك المنصات المشبوهة، والتي انتهجت طريقها الملوث بالقذارة الإعلامية والتلاعب بالعقول، ممارساتها تجاه مصر، ولكن الأمر يعكس واقع أخر، وهو حقيقة ما تهدف إليه تلك المنصات- من نشر الأكاذيب، وشحن المصريين، وترديد رسائل كاذبة- داخل مصر.
خاصة وأن تلك المنصات الإعلامية، هي منصات رسمية، تعبر عن أراء دولتها، وتنفذ مخططاتها الإعلامية في العالم. وهنا يطرح السؤال نفسه: «ما هو هدف تلك المنصات من شحن المصريين؟.. وهل يعد ما حدث بمثابة استكمال لمخططات تدمير مصر؟».
ربما لا يعرف الملايين في مصر ولا يهتموا بما تذيعه «دويتشه فيله»، أو «DW» من أخبار، ما يؤكد أن هذه المنصة الإعلامية الألمانية الرسمية الموجهة للخارج فشلت في تحقيق رسالتها المرسومة لها بمصر. ولكن يبقى الأمر قائمة، والمواقف واضحة، وهو ما يستدعي وقفة أمام تلك المنصة وشبيهاتها، الساعية لنشر الخبث في المجتمعات العربية بشكل عام، ومصر- كونها قلب الوطن العربي- بشكل خاص.
فضائح المنصة الألمانية «دويتشه فيله» عديدة، لا تكفي كتيبات لتسطيرها، وقد ظهرت للعيان خلال الآونة الأخيرة، ولعل أبرزها تقارير حقوق الإنسان الكاذبة، التي نشرت عن السجون المصرية، واتضح في وقت لاحق أنها أخبار ليست حقيقية، وأنها محض تدليسات وتشويه للحقائق.
وربما كان أخر تلك الممارسات، محاولة تشويه التعديلات الدستورية، بطرح استطلاع ماكر، في مضمونه يحوي العديد من المعاني، وعلى الرغم من قذارة الاستفتاء، الذي طرح على منصتها بموقع التواصل الاجتماعي، إلا أن المصريين أفحموا المنصة الموجهة.
فقد جاءت نسبة، التصويت على الاستفتاء المشبوه، بأغلبية «نعم»، للتعديلات الدستورية، ليضرب في مقتل استطلاع الرأي الموجه، وهو ما يتضح من طريقة صياغته، والذى يعد ثاني استطلاع رأى «مسموم» تنشره «دويتشه فيله». خلال فترة قصيرة.
كلما كتبت سطورا في هذا التقرير، تتبادر الأسئلة إلى أذهان القارئين، نعي هذا جيدا، وربما كان الأهم في تلك الأسئلة حاليا: «هو لماذا تدعم تلك الدول أفكار هدامة؟». لا يستطيع أن ينكر أحد حول العالم، دعم تلك الدول للجماعات «الراديكالية»- الجماعات الإسلامية- وأن تلك الدول كان لها دورا كبير في تمكين الجماعات الإسلامية في أعقاب ثورات الربيع العربي من بدن المنطقة.
ربما كانت أهدافهم، أو استعباد منطقة الشرق الأوسط من خلال قيادة الجماعات «الراديكالية»، للشرق الأوسط، وتنفيذها لأجندات الغرب على أرض مصر. وما يجب أن نعيه جدا، انه على الرغم من فشل تلك الجماعات، ودحرها من قلب الوطن العربي، إلا أن محاولاتها البائسة، لا تزال قائمة.
فكم، من تقرير ومعلومات مسربة، أثبت شراء تميم بن حمد، أمير قطر، لوسائل الإعلام الغربية، بهدف دعم الجماعات «الراديكالية»- وفي مقدمتها الإخوان، وبث الحياة داخلها من جديد. ربما كان أبرز تلك الفضائح، هي فضيحة (CNN)، والتي اتضحت أنها استضافة، فئة على حساب الأخرى، لنشر أفكار معينة.
والذي فضحته أيضا جريدة «جيروزاليم بوست»، اليومية الإسرائيلية، الناطقة باللغة الإنجليزية، بحديثها عن فيلم تسجيلي جديد، تم توثيقه في تقرير بعنوان: «أموال الدم والفساد»، والذي استخلص جزءا خاصا في حديثه، عن شراء قطر، ودعمها للإخوان، من خلال الدفع لوسائل الإعلام، ومحاولة التغيير أيضا في الرأي الأمريكي.
فقد تطرق «الفيلم»، إلى فترة ولاية أوباما، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ألقت بثقلها وراء حركة الربيع العربي على النظرية القائلة بأن دعمنا للديمقراطية سيؤدي إلى مزيد من الاستقرار وإلى المزيد من النتائج المؤيدة لأمريكا- ولكن يبدو أنه كان رهانًا سيئًا- لافتين إلى إن الإطاحة بالأنظمة في: «مصر وتونس وليبيا»، مكّن القوى الراديكالية مثل الإخوان المسلمين، مما يقوض الاستقرار في المنطقة في وقت واحد ويؤدي إلى زيادة الدعم للأنشطة الإرهابية في جميع أنحاء العالم.
وفي مايو 2017، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن انعكاس المسار، ودعا القوى العربية في مؤتمر الرياض لدحر الجماعات الإرهابية، وتهميش الفصائل الإسلامية المؤيدة للإرهاب، والتي قد تتحول في وقت من الأوقات إلى شبيهاتها من الجماعات الإرهابية.
كان رد فعل العديد من القادة الحاضرين، بمن فيهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، هو اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتطرفين داخل حدودهم، بما في ذلك رجال الدين الذين يبشرون بالكراهية المؤيدة للجهاديين وكذلك المليارديرات الذين يمولون الإرهاب وانتشار الدعاية الإسلامية المتطرفة. إلا أن قطر ظهرت على حقيقتها وواصل نظامها تمويله وتوفير الملاذ الآمن للجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة وحماس وغيرها.
وحاولت قطر أن تبحث عن سبيلا أخر، من خلال «التبرعات» القطرية ذات الصلة بالخيوط القطرية لمراكز الفكر الأمريكية المرموقة مثل معهد «بروكينجز»- اشترت فعلياً إنتاج أوراق سياسات واتفاقيات مؤيدة لقطر لا تنتقد النظام.
فقد أعطى النظام القطري ما لا يقل عن (24 مليون) دولار لشركة «بروكينغز»، ولا تخضع «تبرعات» أخرى لفرع «بروكينغز» الدوحة في قطر لقوانين الإبلاغ الأمريكية. في أحد البرقيات المسربة في العام الماضي، كتب أحد المسؤولين القطريين أن (Brookings) تساوي أكثر من حاملة طائرات لنا، وهو اعتراف مذهل بعائد الاستثمار الذي تتلقاه قطر من المبالغ الضخمة التي تنفقها على جهود الضغط والدعاية. بالإضافة إلى العديد من الوسائل الإعلامية الأخرى.
الوقع يؤكد أن هناك العديد من الوسائل الإعلامية، تعتمد التدليس، ولكن الحقائق لا تختفي كثير، وتتكشف يوما تلو الأخر، خاصة في ظل الانفتاح المعلوماتي المتداول، بين الأفراد وفي وسائل الإعلام. وربما بعد أن تعي تلك الحقائق التي كتبت في السطور الماضية، تدرك حجم المكائد التي تحاك لمصر.