مكاسب الاستفتاء
الثلاثاء، 23 أبريل 2019 08:23 م
ثلاثة أيام من الزخم السياسي والتدافع الجماهيري، كان فيها ممارسات ومواقف ورمزيات، أؤكد أنه سوف يكون لها انعكاس واضح في المرحلة المقبلة، بعيدًا عن الأرقام والنتائج والنسبة المئوية، تحققت مكاسب نوعية، تدور جميعها في فلك المواطن.
النزول إلى لجان التصويت، وانحسار كل مساعي التأثير على الجمهور، سواء من الداخل أو الخارج، يعيد الأمل مرة أخرى، ويؤكد أن الرهان على الشارع مازال هو القوة الحقيقية، والفيصل في كل الاستحقاقات الديمقراطية.
تنامي حالة الثقة في النفس لدى المواطن، وإدراكه أهميته في صنع القرار، سوف يكون نقطة تحول في الوعي العام للجمهور، ما يعيد الاشتباك بينه وبين الشأن العام بعد مدة من العزوف.
انتقال رمزية المشاركة السياسية من الميادين إلى الفرد، ليصبح كل شخص ميدان قائم بذاته، قادر على طرح رؤية وطنية خالصة، مبنية على تراكم الخبرات، وليس على تبني وجهات نظر الآخرين، أو أن يكون فرداً في قطيع السوشيال ميديا، أو الكيانات والجماعات السياسية.
الشارع أكد على أنه مستقلٌ في قراره، ولا يخضع للمؤثرات والضغوط، وأن أي فصيل أو كيان أو حزب لا يملك القدرة المطلقة على قيادة الشعب، أو صنع رأي عام، سواء بكرتونة أو إعلام موجه أو تزييف للواقع، فالشعب بلغ من النضوج ما يكفي لتحديد الصالح من الطالح.
حقيقة مخيفة تجلت على الأرض، وهي أن الشارع السياسي يعاني من فراغ مرعب، يحتاج إلى ممارسين حقيقيين من ذوى الخبرة، القادرين على التعامل مع التركيبة النفسية والاجتماعية للشعب المصري.
كل حملات المقاطعة ومحاولات إحباط المصريين من المشاركة في الاستفتاء فشلت بكل ما تحويه الكلمة من معنى، الشعب قرر أن يكون اللاعب الفعّال دون وصاية من أحد.
انكشف الغطاء وسقطت ورقة التوت عن عورات صبيان الزفة وبهاليل السلطان، وأدركوا حجمهم الطبيعي، ومدى ضحالة رؤيتهم.
سوف يعيد الشارع السياسي حساباته في استراتيجية التعامل مع الناخب الفترة المقبلة، ومن ثم اللجوء إلى خلق أفكار تحشيد جديدة تحترم عقلية وطبيعة التركيبة المصرية.