الإنسان المصرى الجديد "3"
الخميس، 18 أبريل 2019 07:39 م
من أنت؟
حتى نتغير للأفضل، يجب أن نقف على واقعنا ونتعرف على أنفسنا أولاً، وتتحدد الإجابة تبعاً لمارك مانسون فى كتابه فن اللامبالاة، "بما أنت مستعد للصراع من أجله، فكثيراً ما يكون كل ما نريده هو النتيجة النهائية مع إغفال الصعاب والكفاح الذى يتطلبه الوصول للهدف، نريد الحصول على الدرجات النهائية فى الامتحان، ولكننا نرفض معاناة الدراسة والسهر للمراجعة.. نريد أن تصبح أجسامنا رياضية دون ممارسة الرياضة...أليس كذلك؟!"
لكن الحياة لا تسير على هذه الشاكلة، فصراعاتنا تحدد نجاحاتنا فلتتخير إذن وبعناية ما سوف تكافح من أجله.. فالسعادة هى ثمرة محاربة المشكلات، لكنها تستحق النضال.
متى تبدأ؟ و من أين؟
ابدأ على الفور، لا تنتظر الأحد المقبل، أو غرة الشهر الكريم أو العام القادم.. إبدأ فوراً لأنها حياة واحدة، ليس لها إعادة، أما كيف تبدأ، فكما قال أحدهم "ارسم لى خط وأنا أمشى عليه"، فقد حان الوقت عزيزى المصرى أن تمسك بالقلم و ترسم بنفسك الخط الذى ستسير عليه.. امسك بالقلم ولا تكتب شيئاً بعد، فقط صفى ذهنك تماماً وأقرأ الجزء التالى فقد يغير حياتك إلى الأبد.
تخيل نفسك واقف فى سرادق عزاء.. من المتوفى؟ لا تعرف، ولكنك تجد أفراد عائلتك وأصدقائك وزملائك فى العمل، وأناس آخرون لم ترهم من قبل يبدوا على وجوههم الحزن والتأثر لفقد المرحوم.. تذهب لقراءة اسم المتوفى فتجده إسمك أنت!" ماذا؟! "أنا ميت؟!، غالباً هذا ما ستصرخ به فى تلك اللحظة، لكن لا تنزعج ودعنى أذكرك أننا هنا نتخيل فقط هذا المشهد، وأنك ولله الحمد حى ترزق.
إلى أين أنت ذاهب؟ ابق قليلاً فى السرادق، ولتجلس لتستمع لما يقوله عنك كل من جاء لوداعك، استمع لوالداك.. لشريك حياتك.. لأولادك.. لمديرك.. لصديقك.. لمرؤسيك فى العمل، والآن استخدم القلم الذى تمسكه بيدك، واكتب ماذا تريد أن تكون فى حياة كل منهم، وأرسم ملامح شخصيتك نابعة من قيمك ومبادئك، فصحيح أنك لست بطلاً خارقاً ولن تكون لكنك حتماً تلعب دور البطولة فى قصة حياتك، وأنت الوحيد المسئول عنها، لذا فأحسن كتابة النهاية.
قد يستغرق هذا بعض الوقت، لأنك قد تكتشف أنك لا تعرف ما تريد.. وبالتالى لا تعرف حقاً من تكون، فقد تكون الصورة الذهنية التى تملكها عن نفسك أشبه بانعكاسات المرايا الضاحكة التى نجدها فى الملاهى، ابحث عن ذاتك الحقيقية، أعد اكتشاف نفسك، غص داخل أعماقك، وتقبل ثغراتك وثقوبك وعيوبك، فالكمال لله وحده، واطفئ الشموع التى تحترق بداخلك واحدأ تلو الأخر.. فمسامحة النفس والآخرون هى أولى خطوات السلام الداخلى، والذى بدوره سيجعل الضباب ينقشع، لترى نفسك وكل ما حولك كما لم ترهم من قبل.
و الآن عودة إليك، عندما تنتهى من رسم ملامح الشخصية التى تريد الجميع أن يتذكرك عليها، تذكر أن تلك الاختيارات سوف تحدد من الآن فصاعداً سلوكك و طريقة حياتك، والأن هيا إلى العمل! لا.. لا أقصد أن تذهب إلى عملك، بل أقصد هيا لتعمل على تحويل ما كتبته إلى واقع، هيا إلى استخدم حريتك وبإصرارك وعزيمتك سوف تحقق التغيير الذى تريده.
تلك خارطة الطريق الخاصة بك، أنت وحدك الذى سيضعها لأنك ستلتزم أمام نفسك - كونك إنساناً حراً و مسئولاً- على تنفيذها، ولا تنسى أن يصاحبك فى تلك الرحلة إيمانك بنفسك وبقدراتك وبدوام حسن الظن بالله، وتغيير العادات يتطلب العمل على ثلاثة أبعاد، المعرفة والرغبة والمهارة، ويمكننا من خلال تطوير هذا الثالوث الانتقال إلى مستويات جديدة من الفعالية على المستويين الشخصى والعام، بينما نقوم بكسر التصورات الذهنية القديمة، وكما قال أرسطو " إن ما نفعله بشكل متكرر هو ما نحن عليه، و من ثم فإن التميز عادة و ليس فعلاً. "
فى المقال القادم: ما هى السمات التى تميز الانسان المصرى؟ وما الذى يجب أن يتغير وكيف؟.. انتظرونى.