حصلت على ليسانس آداب.. قصة «بنت الشرقية» من محو الأمية إلى الجامعة
الإثنين، 15 أبريل 2019 11:59 ص
لخصت حصول «منا» ابنة الـ37 ربيعًا حصولها على ليسانس الآداب من محو الأمية بقولها «شوفت نجاحى بعد كفاحى.. كل كفاح فى الدنيا بتبقى نهايته جميلة».
«منا» فتاة من أسرة فقيرة تحلم بالالتحاق بالمدرسة مثل فتيات جيلها، لكن الفقر والجهل حرماها من ذلك فتحدت بعزيمة وإصرار شديد ظروفها وحصلت على ليسانس آداب قسم اجتماع من كلية الآداب جامعة الزقازيق.
ولدت فى أسرة فقيرة لأب عامل بالمدن الجامعية، ورزقه الله بتسعة أبناء خمسة بنات وأربعة ذكور، وكنت أصغر البنات، وكانت أغلب الأسرة فى تلك الأيام تدخل أبناءها المدارس وتحرم البنات من التعليم، وحرمت من الذهاب للمدارس بسبب ظروف والدها والعادات التى كانت سائدة أن "البنت مالهاش غير الزواج" فى الوقت الذى كان يذهب فيه أشقائى الذكور جميعا إلى المدرسة، وكنت أبكى كثيرًا فوق سطح منزلنا عندما أشاهد التلاميذ يحملون حقيقة المدرسة، وكان نفسى أحملها مثلهم.
وروت منا فتحى السيد عبد الباقي 37 سنة ربة منزل مقيمة قرية شنبارة الميمونة مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، قصتها قائلة: كنت أحمل الحقيبة لشقيقى الأصغر أثناء عودته من المدرسة، انتظره فى نهاية اليوم لكى أحملها عنه وكان نفسى تكون حقيبتي، إلى أن سمعت عن فتح فصول لمحو الأمية بالقرية وكان عمرى 13 سنة، فالتحقت بها وسمعت المدرسة تحفزنا، وتقول: "اللى هينجح ويأخذ الشهادة هيروح على أولى إعدادى على طول" هنا عادت الحياة لى من جديد وكان عندى إصرار كبير فى الحصول على الشهادة بالرغم من العقبات التى كانت تواجهنى خاصة من أقرب الناس بأسرتى لإحباطى عن الذهاب لمحو الأمية، وجاءت النتيجة بنجاحى والتحاقى بالصف الأول الإعدادي.
وتتنهد وتنهمر فى البكاء قائلة: "صدمت من الروتين بعدم التحاقى مع التلاميذ فى الفصل وارتداء الزى المدرسى الذى كان أمنية حياتى ارتدائه وحمل حقيبة المدرسة، والتحقت بنظام المنازل وتفوقت فى الصف الأول والثانى وأثناء تأدية امتحانات الصف الثالث الإعدادي، أبلغت المراقب بضبط اللجنة وحصلت على 83% والتحقت بالثانوية العامة، وهنا أيضًا كانت الصدمة الثانية بسبب اللوائح والقوانين عندما حرمت من الدراسة فى المدرسة، وذاكرت منازل لأن عمرى وقت الالتحاق بالصف الأولى الثانوى كان 18 سنة و6 أشهر، وكان أقصى سن محدد طبقًا للوائح ألا يزيد على 18 سنة.
وهنا حدثت مفاجأة عندما قدمت التماسًا لوزير التربية والتعليم فى ذلك الوقت حسين كامل بهاء الدين، وشرحت فيه قصتي، فتفضل الوزير باعتبار حالتى حالة خاصة وقام بتغيير القرار ورفع سن التحاق الطالب من الشهادة الإعدادية من 18 سنة إلى 21، والتحقت بالمدرسة نظام وارتديت الزى المدرسى وحملت الحقيبة المدرسية، وأرسل وزير التربية والتعليم إلى مديرية التربية والتعليم بالشرقية يطالبهم بتكريمى وتم تكريمى من قبل وكيل الوزارة، والتحقت بالقسم الأدبى وحصلت على 83% فى الثانوية العامة ودخلت كلية الآداب قسم الاجتماع وحصلت على الليسانس.
وتابعت: بعد نهاية دراستى الجامعية تزوجت مثل أى فتاة فى عمرى تحلم فى الاستقرار وتكوين أسرة ورزقنى الله بـ4 أطفال، ومتزوجة من شخص يعمل بالتربية والتعليم، قسم لغات وترجمة، ويرفض إعطاء الدروس الخصوصية، ويراعى ضميره فى مدرسته لكنه يعمل عمل إضافى فى نهاية اليوم بالقطاع الخاص، لكى يتمكن من تلبية مطالبنا، ونفسى أساعد زوجى فى أعباء الحياة وأتوظف بالقطاع الحكومى لأن زوجى يعمل 24 ساعة من أجلنا.
وعن أمنيتها فى الحياة قالت: أتمنى أن يصل صوتى إلى وزيرة القوى العاملة فى توفير فرصة عمل مناسبة لظروفى تعوضنى عن الشقاء الذى عشته فى البداية ونظرات مجتمع لا يرحم المرأة التى تحاول أن تتعلم فى سن كبيرة.