الصيغة التنفيذية.. كلمة السر في رد الحقوق بالقوة الجبرية
الأحد، 14 أبريل 2019 02:00 م
لا شك أن هناك الآلاف من الأحكام القضائية التى تصدر بشكل دائم داخل قاعات المحاكم فى العديد من القضايا، وذلك بعد أن نطق بها القاضى الذى هو فى الأساس لسان العدالة ليعيد الحق إلى أصحابه، إلا أنه بعد فرحة وتهليل ممزوجة بالدهشة وأحيانا بالبكاء بعد طول انتظار يستمر الوضع على ما هو عليه، دون تنفيذ الحكم الصادر.
السبب الرئيس من جراء عدم تنفيذ تلك الأحكام التى كانت بمثابة قطرة ماء تُعيد الحياة لأصحابها بعد ظمأ السنين يتمثل فى عدم وجود ورقة بتوقيع لتنفيذ الحكم، أو ما يُعرف لدى القانونيين والدستوريين بـ«الصيغة التنفيذية» التى يظل الحكم دونها كلامًا مرسلا «كأن لم يكن».
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصد أهمية الصيغة التنفيذية فى رد الحق بالقوة الجبرية والفرق بينها وبين الحكم ومسودة الحكم والنسخة الأصلية، وهل إنعدام الصيغة التنفيذية أوتعييبها يؤدى إلى بطلان السند التنفيذى، وما هى الأحوال التى يجب على الجهة التى تسلم الصورة التنفيذية مراعاتها؟ - بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض ياسر سيد أحمد.
أهمية الصيغة التنفذية: إن السند التنفيذى هو مستند يجب أن تتوافر فيه شروط شكلية معينة لعل أهمها على الإطلاق هو ما أسمته المادة «280/3» مرافعات «بصيغة التنفيذ».
والصيغة التنفيذية مجرد أمر صادر من الدولة إلى الجهة المنوط بها التنفيذ بالمبادرة بإتخاذ اجراءاته وإلى السلطات المختصة بالمعونة على التنفيذ ولو باستعمال القوة متى طلب منهم ذلك، ويذهب رأى إلى أن الصيغة التنفيذية ليست سوى وسيلة لتمييز الصورة التنفيذية عن غيرها من صور السند التنفيذى فهى علامة فارقة بين ما يسمى بالصورة التنفيذية وغيرها من الصور – وفقا لـ «أحمد».
شكل صيغة التنفيذ
إن صيغة التنفيذ ما هى إلا عبارات تقليدية توضع كختم مستطيل على صورة السند التنفيذى وهذه الصورة تعرف «بالصورة التنفيذية»، وهذه الصورة تختلف عن ما يعرف بمسودة الحكم والنسخة الاصلية.
مسودة الحكم
فأما مسودة الحكم فإنها ورقة مكتوبة بخط اليد تودع ملف الدعوى عقب المداولة، ويوقعها كل من اشترك فى المداولة من قضاة وتشتمل على منطوق الحكم واسبابه، أما النسخة الأصلية فيحررها القاضى بعد النطق بالحكم وتحفظ لدى المحكمة.
الصورة التنفيذية
والصورة التنفيذية للحكم فهى أيضاَ صورة بسيطة طبق الأصل لنسخة الحكم الأصلية، ولكنها تكون ممهورة بالصيغة التنفيذية، ولا تسلم إلا للخصم صاحب الحق فى التنفيذ الجبرى ولا تسلم له إلا مرة واحدة، وذلك حتى لا تتاح الفرصة أمام الدائن لإقتضاء حقه أكثر من مرة.
والعلة من وضع الصيغة التنفيذية من ناحية أن يكون بيد طالب التنفيذ علامة مميزة تدل على أنه صاحب الحق فى التنفيذ، ومن ناحية أخرى فإن الصيغة التنفيذية تكون سندا بيد معاون التنفيذ يعطيه صفة فى مواجهة المنفذ ضده.
الآثار المترتبة على انعدامها
ويلاحظ أن الصيغة التنفيذية مهمة لذلك فان انعدامها أو تعييبها لا يؤدى إلى بطلان السند التنفيذى وإنما إلى بطلان إجراءات التنفيذ، تسليم الصورة التنفيذية تختلف أوضاع تسليم الصورة التنفيذية حسب نوع السند التنفيذى، فإن كان حكما قضائيا فإن كاتب المحكمة التى أصدرته هو الذى يقوم بالتسليم، حيث نصت المادة 181 مرافعات على أن: «تختم صورة الحكم التى يكون التنفيذ بموجبها بخاتم المحكمة ويوقعها الكاتب بعد أن يذيلها بالصيغة التنفيذية ولا تسلم إلا للخصم الذى تعود عليه منفعة من تنفيذ الحكم ولا تسلم له إلا إذا كان الحكم جائزا تنفيذه».
فالصورة التنفيذية للحكم يسلمها قلم الكتاب إلى الخصم الذى تعود عليه منفعة منالتنفيذ، وإذا كان السند التنفيذى أمرا وليس حكما فقد نصت المادة 196 مرافعات بالنسبة للأمر على عريضة على أنه: «يجب على قلم الكتاب تسليم الطالب النسخة الثانية من عريضته مكتوبا عليها صورة الامر وذلك فى اليوم التالى لصدوره على الأكثر: «وذلك أيضاَ بالنسبة لأمر الأداء.
ونفس الشىء بالنسبة لحكم المحكمين حيث يودع الحكم فى قلم كتاب المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع ويقوم هو بتسليم الصورة التنفيذية من الحكم ومن أمر التنفيذ، وفى جميع الأحوال يجب على الجهة التى تسلم الصورة التنفيذية مراعاة آمرين:
الأول: التأكد من صحة مضمون السند التنفيذى وصلاحيته للتنفيذ الجبرى، لأن الصيغة التنفيذية مجرد شرط شكلى خارجى لا يغنى عن المضمون الداخلى للسند التنفيذى، وثمة فرض على قوامه إجراء تنفيذ جبرى بناء على سند تنفيذى باطل فى مضمونه، ومع ذلك كان ممهورا بالصيغة التنفيذية، فلا شك فى بطلان هذاالتنفيذ بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام.
الأمر الثانى: الذى تجب مراعاته عند تسليم الصورة التنفيذية ألا يتم التسليم إلا للخصم الذى تعود عليه منفعة من تنفيذ الحكم، والسائد فى الفقه أن الشخص الوحيد الذى له صفة فى استلام الصورة التنفيذية هو صاحب الحق فى التنفيذ وهو المحكوم له فى الحكم أو الأمر كسند تنفيذى أو الدائن فى غيرهما من السندات التنفيذية الأخرى وخلفهما العام الخاص على أن تكون الخلافة قد نشأت بعد تكوين السند التنفيذى وأن تكون ثابتة ونافذة فى مواجهة الخصم.
فلا يجوز اعطاء الصورة التنفيذية لغيرصاحب المصلحة، ولذلك ليس للدائن المتضامن الذى لم يكن خصما فى الدعوى التى انتهت بصدور الحكم الحصول على صورة تنفيذية من هذا الحكم، وذلك ما لم يكن قد انخرط فى الخصومة الصادر فيها هذا الحكم كطرف فيها، فلابد أن يصدر الحكم متضمنا إسم هذا الدائن الآخر وإلا فلن تسلم له الصورة.
أولاَ: حالة الامتناع عن إعطاء الصورة التنفيذية
الأولى قد يمتنع الكاتب أو الموظف المختص عن تسليم الصورة التنفيذية لأى سبب كما لو لاحظ عدم تطابق إسم طالب الصورة مع الإسم الوارد فى السند التنفيذى.
وهنا نصت المادة 182 مرافعات على انه: «إذا امتنع قلم الكتاب عن اعطاء الصورة التنفيذية الأولى جاز لطالبها أن يقدم عريضة بشكواه إلى قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة التى اصدرت الحكم ليصدر أمره فيها طبقا للاجراءات المقررة فى باب الأوامر على عرائض».
ويقصد بقاضى الأمور الوقتية هنا فى المحكمة الابتدائية رئيسها أو من يندب للقيام بذلك وفى المحكمة الجزئية هو قاضيها، وهو القاضى بالمحكمة التى صدر منها الحكم أو الأمر على عريضة أو أمر التنفيذ، حسب نوع السند أو المحكمة التى صدقت على محضر الصلح وإذا تعلق الأمر بمحرر موثق فيكون هو القاضى الذى يقع مكتب التوثيق بدائرته، وفى كل الأحوال ليس هو قاضى التنفيذ، لأن ولاية قاضى التنفيذ تبدأ مع بداية التنفيذ وليس قبل ذلك.
وفى حالة رفض الأمر بإعطاء الصورة فيجوز التظلم من قبل طالب الأمر كما يجوز للمنفذ ضده التظلم من الأمر باعطاء الصورة، أما قلم الكتاب الممتنع لا يجوز له التظلم، لإنه ليس خصما حقيقيا فى المنازعة.
ثانياً: حالة ضياع أو تلف الصورة التنفيذية
الأولى الأصل أنه لا تسلم إلا صورة تنفيذية واحدة، وذلك حتى لا يتكرر التنفيذ بموجب نفس السند التنفيذية، فاذا كانت قد اعطيت صورة تنفيذية للسلف فلا يجوز اعطاء صورة تنفيذية أخرى للخلف ولو كان السلف لم يستعمل الصورة المسلمة له.
غير أنه قد تضيع الصورة التنفيذية الأولى أو تتلف عندئذ يجب إعمال المادة 183 مرافعات التى تنص على أنه: «لا يجوز تسليم صورة تنفيذية ثانية لذات الخصم إلا فى حالة ضياع الصورة الأولى وتحكم المحكمة التى اصدرت الحكم فى المنازعات المتعلقة بتسليم الصورة التنفيذية الثانية عند ضياع الأولى بناء على صحيفة تعلن بناء على طلب احد الخصوم إلى خصمه الآخر».
من البديهى ألا تمكن المحكمة طالب التنفيذ أو خلفه من الصورة الثانية إلا إذا قام باثبات فقد الصورة الأولى وعدم استعمالها من قبل، وهذا الإثبات لا يكون أمام الكاتب الذى عليها لإمتناع القاطع عن تسليم صورة ثانية، وإنما يكون هذا الإثبات أمام نفس المحكمة أو الجهة التى صدر عنها السند التنفيذى حتى ولو كانت هى محكمة الدرجة الثانية.
ولا يختص بذلك قاضى التنفيذ لأن ولايته لا تبدأ إلا عند الحصول على سند تنفيذى فعلا، ويكون اثبات ضياع الصورة الأولى أو تلفها بكافة طرق الإثبات لأن محل الإثبات هنا واقعة مادية.
ثالثاً: حالة تعدد طالبى التنفيذ
إذا كان الأصل هو عدم تسليم أكثر من صورة تنفيذية إلا أنه قد يتعدد طالبى التنفيذ، فالقاعدة أنه لا تتعدد الصورة التنفيذية بتعدد المحكوم عليهم، إذ يملك المحكوم له التنفيذ على كل منهم بمقتضى صورة واحدة مع مراعاة وجود التأشير عليها بما حصل من تنفيذ على كل منهم حتى لا يتكرر التنفيذ، وإنما تتعدد الصور التنفيذية بتعدد المحكوم لهم بشروط معينة كما يلى:
- أن يكون كل منهم طرفا حقيقيا فى الخصومة التى صدر فيها الحكم، ألا يكون بينهم تضامن أو اى تنظيم قانونى أو اتفاقى يجيز لأحدهم اقتضاء كل الدين.
- أن يكون قد صدر لكل منهم قضاء يقتضى تنفيذه استعمال القوة الجبرية.
- أن يكتب على كل صورةتنفيذية اسم من تسلمها من المحكوم لهم بحيث تكون الصورة الواحدة صالحة لشخص واحد.