شملت جولة الرئيس عبدالفتاح السيسى الخارجية التى اختتمها أمس، الجمعة، والتى كان قد بدأها الأحد الماضى، كلا من غينيا والولايات المتحدة وكوت ديفوار والسنغال، بجلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس السنغالى ماكى سال، بمقر القصر الجمهورى بالعاصمة السنغالية داكار، أعقبتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدى البلدين، وقال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية: إن الرئيس ماكى سال رحب بزيارة الرئيس السيسى إلى السنغال، فى إطار جولته الأفريقية الأولى عقب تسلم مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى، مشيداً فى هذا الصدد بالدور المصرى الأصيل فى الدفاع عن القضايا الأفريقية على الساحة الدولية ومعالجة المشاكل التى تشغل البال الجمعى لشعوب القارة، خاصةً تلك المتصلة بملفى السلم والأمن والتنمية، وهو الأمر الذى أكسبها المكانة والثقل لاختيارها رئيساً للاتحاد الأفريقى، معرباً كذلك عن تطلعه لقيام مصر ببذل مساعيها للدفع نحو رفع تصنيف أفريقيا فى مؤشرات مخاطر الاستثمار، فى إطار المنظمات التنموية الدولية.
وأشار الرئيس السنغالى إلى عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وضرورة العمل فى هذا الصدد على تطوير مختلف أطر التعاون المشترك، خاصة النواحى الاقتصادية والتجارية، فضلاً عن الاستفادة من الإمكانيات المصرية وخبرتها العريضة وتجاربها الناجحة فى مجالات تنمية البنية التحتية، وتشييد المدن الجديدة، وإنشاء مشروعات الكبارى والطرق والطاقة والسياحة، وذلك فى إطار دعم «خطة السنغال البازغة» للتنمية الاقتصادية.
وأوضح المتحدث الرسمى، أن الرئيس أعرب خلال المباحثات عن سعادته بزيارة السنغال، مجدداً التهنئة للرئيس «ماكى سال» بمناسبة انتخابه لفترة رئاسية ثانية، والذى يؤشر إلى ثقة الشعب السنغالى فى شخصه لاستكمال مسيرة النمو والازدهار فى البلاد، وفى قيادته الحكيمة للبلاد، وفيما تم إنجازه فى مختلف المجالات، خاصةً فى المجال الاقتصادى، وأعرب الرئيس عن اعتزاز مصر بالعلاقات الأخوية التى تربطها بالسنغال فى أبعادها المختلفة، لا سيما السياسية والثقافية والدينية، بالإضافة إلى تلاقى رؤى ومواقف البلدين إزاء مجمل القضايا الدولية والإقليمية، الذى تجلى فى التفاهم والتنسيق المشترك خلال فترة عضوية البلدين فى مجلس الأمن «2016/ 2017»، خاصةً فيما يتعلق بالدفاع عن مصالح القارة الأفريقية المشتركة ومواقفها الموحدة، مؤكداً حرص مصر على استمرار التشاور السياسى مع السنغال بشأن مختلف ملفات السلم والأمن بالقارة، إيماناً منها بالدور المهم الذى تضطلع به السنغال فى هذا الصدد على المستوى الأفريقى.
وعبر الرئيس عن اعتزاز مصر بدورها فى دعم جهود التنمية فى السنغال عبر تقديم برامج الدعم الفنى وبناء القدرات لإعداد الكوادر السنغالية، مشيداً على وجه الخصوص بخطة السنغال الطموحة للتنمية الاقتصادية، وبوتيرة النمو الاقتصادى التى تشهدها السنغال كأحد النماذج الناجحة فى القارة الأفريقية، منوهاً إلى اهتمام مصر بزيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات بين البلدين، وتعزيز دور قطاع الأعمال المصرى فى السوق السنغالية خلال الفترة المقبلة، خاصةً فى مجالات تشييد مشروعات البنية الأساسية والزراعة والصحة والعلوم والثقافة والبترول والغاز وتكنولوجيا المعلومات، بما يسهم فى تدعيم «خطة السنغال البازغة».
وتناول اللقاء تعميق مظاهر التعاون بين مصر والسنغال فى مجال مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف فى القارة الأفريقية للمساعدة على تحقيق الأمن والاستقرار المطلوب للتنمية، خاصةً فى منطقتى الساحل وغرب أفريقيا، وذلك على الصعيد الأمنى وتبادل المعلومات، وكذلك الصعيد الفكرى، كما أعرب الرئيس عن تطلع مصر لتعزيز التعاون مع السنغال فى هذا الصدد كأحد المراكز الرئيسية لنشر الفكر الإسلامى الوسطى المستنير فى منطقة غرب أفريقيا، بينما أشاد الرئيس «ماكى سال»، بدور الأزهر الشريف فى محاربة الفكر المتطرف ونشر النهج الوسطى للإسلام المعتدل فى سائر دول العالم، بما فى ذلك السنغال من خلال تعزيز دور البعثة الأزهرية، وإعداد الأئمة، وتقديم المنح الدراسية فى مختلف المجالات للطلبة السنغاليين للدراسة فى مصر.
وتطرقت المباحثات إلى عدد من الملفات والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها مجمل تطورات بؤر النزاعات المختلفة بالقارة، إلى جانب سبل الارتقاء بدور وفعالية الاتحاد الأفريقى فى ظل الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد، من خلال إصلاحه مالياً ومؤسسياً، حيث أعرب الرئيس السنغالى عن دعم بلاده الكامل لمختلف الأنشطة المصرية فى هذا الإطار، لا سيما فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والتنمية.
وأضاف «راضى» أن المباحثات شهدت التوافق حول ضرورة انعقاد اللجنة المشتركة المصرية السنغالية فى أقرب فرصة ممكنة بداكار، لا سيما وأنها ستعد نقطة انطلاق نحو علاقات تعاون أرحب بين البلدين، لما ستتيحه من مراجعة كل أوجه العلاقات الثنائية والوقوف على آخر مستجداتها وبحث نواحى تفعيلها وتطويرها، كما وجه الرئيس الدعوة فى هذا الخصوص إلى نظيره السنغالى للقيام بزيارة رسمية إلى مصر فى المستقبل القريب، فيما شهد الرئيسان فى ختام المباحثات التوقيع على مذكرتى تفاهم للتعاون فى مجالى الإعلام، والتشاور الدبلوماسى.
وفى مؤتمر صحفى مشترك عقب المباحثات، قال الرئيس السيسى: إن العلاقات التاريخية الأخوية التى تربط بين مصر والسنغال، توطدت على مر السنين على مختلف أصعدتها الثقافية والسياسية والاقتصادية، مذكراً فى هذا الإطار بالعلاقة الوطيدة التى جمعت الآباء المؤسسين لتلك العلاقات التاريخية فى صورتها الحالية، على يد الرئيسين «جمال عبد الناصر» و«ليوبولد سِنجور» منذ ستينيات القرن الماضى.
وأضاف السيسى، أنه أجرى ونظيره السنغالى مباحثات ثنائية متعمقة ومثمرة، تناولت بحث سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين مصر والسنغال على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، كما تبادلا وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، لاسيما الأوضاع فى منطقة غرب أفريقيا.
السيسى يختتم جولته الخارجية بزيارة داكار
وأكد السيسى أنهما اتفقا على أهمية تكثيف الجهود لتعزيز العلاقات بين البلدين على جميع المستويات، وعلى رأسها المجال الاقتصادى والتجارى، من خلال رفع معدلات التبادل التجارى بين البلدين، وتشجيع الاستثمارات المصرية فى السنغال فى إطار خطة «السنغال البازغة»، وبما يحقق المنفعة المشتركة للبلدين، كما اتفقا أيضاً على تكثيف التعاون فى مجال بناء القدرات من خلال البرامج التدريبية التى تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى المجالات المدنية والعسكرية المختلفة.
وعلى صعيد الأوضاع الإقليمية استمع الرئيس السيسى لرؤية الرئيس «ماكى سال» حول سبل تحقيق الاستقرار والأمن، وكذا دعم الجهود الاقتصادية بالمنطقة، فى ضوء رئاسة مصر الحالية للاتحاد الإفريقي، ورئاسة الرئيس ماكى سال الحالية للجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة لتوجيه مبادرة النيباد «الوكالة الأفريقية للتنمية»، رئاسته للجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة المعنية بالتعليم والعلوم والابتكار، مشيرا إلى الاتفاق بينه وبين الرئيس السنغالى على أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين مصر والسنغال فى إطار الأمم المتحدة، وأجهزتها المختلفة، بما يصب فى المصلحة الجماعية لقارتنا الأفريقية، إضافة إلى تعزيز جهود مكافحة التطرف والإرهاب، ونشر الفهم الصحيح للإسلام، وترسيخ أسس التسامح والمواطنة فى قارتنا الأفريقية.
وجدد الرئيس السيسى خالص الامتنان والتقدير على حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة من الرئيس «ماكى سال» والشعب السنغالى الشقيق، معرباً عن تطلعه لاستقباله فى المستقبل القريب فى بلده الثانى مصر.