سر تركيا الخفى.. الدكتاتور العثماني حافظ على اقتصاد تنظيم داعش الإرهابي

الأربعاء، 27 مارس 2019 03:00 م
سر تركيا الخفى.. الدكتاتور العثماني حافظ على اقتصاد تنظيم داعش الإرهابي
داعش وأردوغان
كتب مايكل فارس

 

  ستنكشف الأسرار مهما طال الزمن، وحتى لو اتشحت بثوب السرية، ومن ضمن الأسرار التي عرفت جديداً أن بقاء "داعش" كقوة اقتصادية، كان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بتركيا، حيث تمكن التنظيم من نقل أصول مالية كبيرة لتركيا، وعند هزيمته عسكريا في كل من سوريا والعراق، تبنى الإرهابيون استراتيجية اقتصادية جديدة اعتمدتها "القاعدة" في الماضي، لنقل الأصول المالية الكبرى إلى تركيا.

 

إن الجزء الأكبر من الأصول المالية لتنظيم "داعش" قد نقل إلى تركيا، رغم العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية وطالت شركات للخدمات المالية في سوريا والعراق، بحسب ما كشف تحقيق استقصائي  أجرته مجلة "أتلانتيك" الأمريكية، حيث وصلت أصول التنظيم الإرهابي إلى تركيا إما نقدا أو بعد تحويلها لذهب، كما تغاضت السلطات التركية عن بيع عناصر من "داعش" للنفط المهرب لمشترين أتراك.

 

استطاع "داعش" الاستثمار في العقارات وتجارة السيارات، عبر مؤسسات يديرها وسطاء متعاطفون مع التنظيم الإرهابين وذلك بعد هزيمته فى في أربيل شمال العراق شهر أكتوبر الماضي، والتى استهدفت تلك بشكل رئيسي الشبكة المالية التي أسسها فواز محمد جبير الراوي لصالح "داعش"، وتتصل بتركيا التي نفت توفيرها "ملاذا آمنا" لداعش وأصولها، ورغم إعلان قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من قبل إمريكا،  بعد النصر العسكري على "داعش" ونهاية "خلافته" المزعومة بانتزاعه من قرية الباغوز، التي كانت آخر جيب تحت سيطرة التنظيم الإرهابي بسوريا، فإن الإرهابيين لا يزالون يتمتعون بالقدرة للوصول لمئات الملايين من الدولارات وفق تقديرات خبراء.

 

تنظيم "داعش" انتهى عسكريا، و الخسائر الفادحة التي مني بها التنظيم على الأرض، خلقت صعوبة  فى استغلال حقول النفط في كل من سوريا والعراق، وفرض ضرائب على المواطنين الذين يعيشون تحت حكمه، لكن من ناحية أخرى، فقد حرر فقدان الإرهابيين للأراضي التنظيم من التكاليف المرتبطة ببناء دولة الخلافة المزعومة، مما يمكنها من التركيز حصريا على نشاطاتها الإرهابية، ولكن لا يزال النفط مصدرا لتمويل التنظيم الذي لم يعد يسيطر على حقول، لكنه قادر على ابتزاز المسؤولين عن خطوط الإمداد في المنطقة، وفق مسؤول رفيع بوزارة الخزانة الأميركية لم تكشف "أتلانتيك" اسمه.

 

تقرير هام للغاية ذكر فيه هوارد شاتز، كبير الاقتصاديين في مركز الأبحاث "راند"، والمؤلف المشارك في العديد من الدراسات حول الشؤون المالية للتنظيم، إن تنظيم داعش جمع خلال فترة قوته أصولا كبيرة ، وتؤكد المعلومات وجود أرصدة كبيرة لداعش من النقد والعقارات وغيرها، لكن لا يمكن الجزم أين انتهت كل تلك الثروات بعد هزيمة التنظيم في شمال سوريا، حيث توفر كل من سوريا والعراق المنهكتان من الحروب لـ"داعش"، فرصة لإعادة إحياء "التكتيكات المالية" التي دأبت "القاعدة" على تبنيها في السابق، وخلال الفترة الواقعة بين عامي 2008 و2012، عمدت "القاعدة" وخصوصا في الموصل شمال العراق، لسرقة البضائع التجارية وإعادة بيعها، واختطاف أفراد من العائلات الثرية طلبا لفدى مالية.

 

وهناك طريقة قد يستغلها التنظيم لزيادة قوته الاقتصادية،  وهى مسألة إعادة الإعمار وخصوصا شمالي العراق، إذ تعهدت دول في مؤتمر عقد العام الماضي بتوفير 30 مليار دولار لإعادة بناء المنطقة، وسيفتح هذا المبلغ شهية التنظيم الإرهابي الذي سيستغل سلاح الفساد في سبيل الحصول على حصة من الأموال المخصصة لإعادة الإعمار، وبحسب وثائق رفعت السرية عنها، تعامل سياسيون عراقيون وأكراد وأتراك مع "القاعدة" في العراق سنة 2009، وهو ما يرجح أن يكون الإشراف على إنفاق مخصصات إعادة الإعمار ذا نتائج أسوأ، كذلك احتفظ "داعش" بسجلات لما يتراوح بين 7 إلى 8 ملايين شخص كانوا يعيشون تحت حكم التنظيم، لاستخدامها لاحقا في عمليات ابتزاز لمواطنين عراقيين وسوريين.

 

الابتزاز سلاح أخر خطير فى أيدي التنظيم، بحسب هوارد شاتز، كبير الاقتصاديين في مركز الأبحاث "راند"، حيث يؤكد أن"داعش"، لديه معلومات وافية عن الأشخاص الذين كانوا متواجدين في المناطق التي سيطر عليها وخصوصا أعمالهم ودخولهم، بمقدورهم انتقاء الأثرياء ورجال الأعمال وابتزازهم بتهديدهم بعمليات الخطف، وقد استعرض التحقيق الاستقصائى نموذجا لشبكة التحويلات المالية التي تخدم منظمات ونشاطات سرية يترأسها شخص يعرف باسم "أبو شوكت"، يدير مكتبا صغيرا في إحدى ضواحي بيروت متخصصا بتحويل الأموال، ويقوم "نظام الحوالة" المعتمد من قبل "أبو شوكت" على تحويل مبلغ نقدي بين مكانين لا يتوفر فيهما نظام التحويل البنكي، أو بسبب ارتفاع العمولة التي تفرضها الطرق القانونية، وإن وافق "أبو شوكت" على عملية التحويل، فسيطلب تحديد كلمة سر، ويأخذ النقود مع إعطاء بيانات الاتصال الخاصة بسمسار الحوالة في المدينة التي سيتجه إليها المال، حيث يحصل أي شخص يقدم كلمة السر للسمسار على المال المحول، وبهذه الطريقة يمكن أن تنتقل الأموال لمسافات طويلة متخطية الحدود الجغرافية بهذه الطريقة أي استفسار عن هوية من يرسلها أو يتسلمها أو الغرض منها.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة