ظاهرة الإسلاموفوبيا.. بدأت على يد اليسار البريطاني وتبناها يمين أوروبا المتطرف
الأحد، 24 مارس 2019 09:00 صمحمد ثروت
سعيد اللاوندى: الصورة المشوهة والمضللة التى يرسمها البعض فى الغرب للعرب بوصفهم إرهابيين وفوضويين وراء تنامى الخوف من الإسلام
عادت قضية الإسلاموفوبيا إلى الواجهة عقب مجزرة مسجدى نيوزيلندا التى ارتكبها يمينى أسترالى متطرف يدعى «تارانت» مؤخرا، حيث تناولت وسائل الإعلام العالمية الظاهرة بشكل مكثف، محذرة من تنامى مشاعر الكراهية ضد العرب و المسلمين فى الغرب، مذكرة بأجواء الفترة التى تلت أحداث 11 سبتمبر 2001، ومرورا بأحداث تفجيرات لندن فى 7 يوليو 2005.
وتشير دراسات ظاهرة الإسلاموفوبيا إلى تناميها عقب هجمات الحادى عشر من سبتمبر الإرهابية عام 2011 فى الولايات المتحدة ثم انتقلت إلى أوروبا، كردة فعل على أحداث الإرهاب.
ولكن ظاهرة الإسلاموفوبياٍ ليست حديثة العهد، بل تعود إلى فترة ما عرف تاريخيا بالحروب الصليبية فى أواخر القرن الحادى عشر حتى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر (1096 - 1291 م). ثم عادت الظاهرة أثناء فترة الغزو الاستعمارى الغربى، الذى اجتاح العالم الإسلامى فى القرنين التاسع عشر والعشرين.
مصطلح الإسلاموفوبيا
دخل مصطلح الإسلاموفوبيا، أو الإرهاب الإسلامى إلى الاستخدام فى اللغة الإنجليزية عام 1997، عندما قامت حركة بريطانية يسارية التوجه تدعى «رينميت ترست»، باستخدامه لإدانة مشاعر الكراهية والخوف والحكم المسبق الموجه ضد الإسلام والمسلمين تحديدا.
أما ستيفى شبيهى وهو أستاذ اللغة والثقافة العربية بجامعة ساوث كارولينا الأمريكية، فهو يفهم الإسلاموفوبيا على أنها تشكيل أيديولوجى جديد، تم التعبير عنه بشكل واضح منذ انهيار الاتحاد السوفيتى، وهو لا يمثل رؤية حزب سياسى، بل هو نتاج ثقافة تنشر مجازات وتحليلات، وعقائد محددة بصفتها حقائق تؤطر بها السياسات الحكومية والممارسات الاجتماعية.
فيما يبسط جورج هاردى، مفهوم الإسلاموفوبيا، عندما يصفها بأنها «فخ وضع العقلانية الأوروبية والروحانية المسلمة فى حالة احتدام مستمر»، فى حين يعترض «فريد هاليدى» على مصطلح الإسلاموفوبيا، إذ يرى أن القضية تتعلق بظهور العداء للمسلمين كشعوب أو جاليات مهاجرة، فى إطار بيئة تاريخية واستراتيجية واجتماعية معينة، ولا تتعلق بالاعتراض على الإسلام كدين، لذلك فإن هاليدى لا يعتبر العداء للمسلمين منظومة فكرية متكاملة فى حد ذاته، بل هو شبه أيديولوجيا.
أسباب الظاهرة
يفسر الدكتور عبدالحق حميش، أستاذ الشريعة بجامعة الشارقة، أسباب ظاهرة الإسلاموفوبيا بأنها ترجع إلى الجهل بحقيقة الإسلام، والإنسان عدو ما يجهل، وهذا ما يفسر خوف الكثيرين من الإسلام، لأنهم يعلمون القليل عنه، بل إن مصدر معلومات المناهج الغربية من مصادر استشراقية، تقدم معلومات متحيزة ومغلوطة عن فترات الحروب الصليبية، مشيرا كذلك إلى دور اللوبى اليهودى فى تقديم صورة سيئة عن المسلمين، والاقتصار على الحديث عن صورة نمطية للعربى المسلم مدمن الجنس والثراء، بالإضافة إلى تركيز وسائل الإعلام الغربية على الخوف من معركة صدام حضارات قادمة كما روّج لها صموئيل هنتجتون.
ويؤكد الدكتور سعيد اللاوندى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن الصورة المشوهة والمضللة التى يرسمها البعض فى الغرب للعرب بوصفهم إرهابيين ولصوص فوضويين وراء تنامى ظاهرة الإسلاموفوبيا، موضحا ترديد الإعلام الغربى بأن غياب اندماج العرب والمسلمين فى المجتمعات الغربية جعل تلك الصورة النمطية مترسخة فى العقل الغربى.
فيما يشير المحلل السياسى الألمانى حافظ كاى، إلى أن الأحزاب اليمينية والشعبوية القومية فى أوروبا تستخدم الإسلاموفوبيا فى دعايتها السياسية لتخويف الجماهير من الإسلام.. ومن أهم هذه الأحزاب:
1 - (ثيلو سارازين) الحزب الديمقراطى الاجتماعى الألمانى: رأى أن المهاجرين المسلمين يجعلون ألمانيا أغبى وأفقر، لأنهم جينيا أقل ذكاءً، ولأنهم يزاحمون الألمان فى الاستفادة من الموارد الاقتصادية.
2 - الجبهة الوطنية الفرنسية بقيادة جون مارى لوبان سابقا، وحاليا ابنته مارين لوبان: أول حزب استخدم الإسلاموفوبيا فى دعايته السياسية وحملته الانتخابية للتخويف من الإسلام والمسلمين.
3 - الحزب النمساوى اليمينى الشعبى: وصف الإسلام بأنه العدو الأول للأمة النمساوية، ولأوروبا والعالم أجمع.
4 - الحزب الدنماركى التقدمى: دعا إلى إيجاد منطقة حرة للمسلمين بمنزلة المنطقة العازلة فى خضم تحذيره من خطر أسلمة أوروبا.
5 - الحزب اليمينى الشعبى الدنماركى: حذر الجماهير فى أثناء حملته الانتخابية من الإسلام كمصدر لتهديد الثقافة لأوروبا، علاوة على أنه ضد الحضارة الغربية.
6 - (أومبرتو بوسى) زعيم حزب الشعب الهولندى: قارن الإسلام بالفاشية، والقرآن بكتاب هتلر - كفاحى، وعدّ المسلمين متخلفين، لذا وجب منع الهجرة من البلدان الإسلامية نحو هولندا.