من دفاتر القتل: أصدقاء في رداء «عزرئيل»
الثلاثاء، 19 مارس 2019 07:00 ص
هناك من الأصدقاء، من تحولوا قتلة بدماء باردة، يقتلون ويسفكون الدماء، دون طرفة عين، منهم من كان مجبرا- بدافع الخيانة على حد زعمهم- ومنهم من وجد في الدماء أسهل الطرق للخلاص. يقول الشاعر جبران خليل جبران، متحدثا عن الصداقة: «الصديق المزيف كالظل يمشى ورائى عندما أكون فى الشمس ويختفى عندما أكون فى الظلام».
وفى مقولات أخرى واصفة تلك العلاقة: «احذر عدوك مرة وصديقك ألف مرة فإن انقلب الصديق فهو أعلم بالمضرة»، و«الصديق المزيف كالعملة المزيفة لا تكتشف إلا عند التعامل»، وغيرها من الحكم والأمثال التى تدلل على قيمة الصداقة، إلا أن تلك العلاقة بالرغم من متانتها وقوتها بين العديد من الأشخاص، انهارت وأسفرت عن جرائم بشعة بين آخرين.
فى الآونة الأخيرة وقعت العديد من الجرائم طرفيها صديقين، أحدهما متهم والآخر مجنى عليه، مما يؤكد على وجود خلل أصاب تلك العلاقة، ومنها جريمة القتل التى شهدتها منطقة الشرابية بالقاهرة، راح ضحيتها عامل على يد صديقه، حيث ضبط المتهم المجنى عليه فى أحضان زوجته متلبسا بخيانته معها، مما دفعه للتخلص منه وقتله بالاعتداء عليه بماسورة حديدية، لتقرر النيابة حبس المتهم على ذمة التحقيق.
وأشعل عامل خرسانة النار فى شقة صديقه وشرع فى قتله بمدينة بدر فى القاهرة، واعترف المتهم عقب القبض عليه أن صديقه المجنى عليه حصل منه على مبلغ مالى على سبيل السلف، إلا أنه رفض إعادته له، مما دفعه لارتكاب الواقعة للانتقام منه.
وفى محافظة قنا قتل شاب صديقه، واشعل النار فى جثته لرفضه إعادة 500 جنيه اقترضها منه، واعترف المتهم «محمد.أ»، أن المجنى عليه «محمود.ع»، 31 سنة مزارع، تربطه به علاقة صداقة، اقترض منه 500 جنيه وأكد له أنه سيعيد النقود له خلال شهر، وعقب انقضاء المهلة المحددة، طالبه برد النقود، إلا أن القتيل ماطل فى إعادتها، مما أدى إلى نشوب مشادة كلامية بينهما، قرر عقبها التخلص منها، فاستدرجه لمنطقة زراعية ثم هشم رأسه بشومة، ثم أشعل النار بجثته لإخفاء هويته، إلا أن رجال المباحث، اكتشفوا أمره، وتم القبض عليه.
وشهدت مدينة الخانكة بمحافظة القليوبية جريمة قتل، طعن خلالها «شريف.ع»، صديقه «خالد.ع»، 19 سنة، بسبب الخلاف على مبلغ 300 جنيه، وقال المتهم أنه كان يتعاطى المواد المخدرة، وكانت تربطه علاقة صداقة وعشرة عمر بالمجنى عليه، إلا أن الخلاف على المبلغ المالى دفعه لطعنه بمطواة ولم يتركه إلا جثة هامدة.
من جانبه، قال الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى أن الهوية المصرية تعرضت لغزو ثقافى أسفر عن تدميرها، وأدى إلى وجود ما يشبه المسخ الثقافى، مما تسبب فى هدم العديد من القيم ومنها علاقة الصداقة.
وذكر فرويز أن الغزو الثقافى أدى إلى تدهور فى العلاقات الاجتماعية والإنسانية بين المواطنين، حيث تجد أن المادة هى المتحكمة فى المعاملات بين الأصدقاء، وتسبق المعانى الروحية والمعنوية، مما يؤدى إلى انتشار العنف والجرائم بين الأصدقاء.
وأكد فرويز، أن الجرائم المنتشرة بين الأصدقاء ستزداد إذا لم يتم تعديل للثقافة المجتمعية، ورفع الوعى وإرساء القيم وتفعيلها فى حياة المواطنين.
وقال اللواء رشيد بركة مساعد وزير الداخلية السابق والخبير الأمنى، أن غياب مفهوم الصداقة الحقيقى أدى إلى انتشار الجرائم والعنف بين الأصدقاء، حيث أن وسائل التواصل الاجتماعى وخاصة «الفيس بوك» مهدت الفرصة لاتساع دائرة الأصدقاء، بالرغم من عدم وجود روابط قوية تجمع بينهم، من توافق فى الحالة الإجتماعية والنفسية والتقارب العقلى، وهو ما يؤدى إلى سهولة النزاع بينهم الذى يؤدى فى بعض الأحيان إلى جرائم قتل.
وقال بركة، إن الجرائم التى تقع بين الأصدقاء هى انعكاس للحالة المتردية التى وصل إليها المجتمع من غياب لمفهوم العادات والتقاليد، بالإضافة إلى ضعف الوازع الدينى، وانتشار المخدرات بين الشباب، حيث أصبح تعاطى المخدرات التى تتسبب فى غياب العقل والفكر شيئا مقبولا واعتياديا بين العديد من المواطنين.
وأكد مساعد وزير الداخلية السابق أنه بتحليل الجرائم التى شهدتها الأونة الأخيرة وتربط بين طرفيها علاقة صداقة، ستجدها صداقة وهمية مبنية على مصلحة مادية، مثل تعاطى المخدرات، أو استفادة مالية، تنهار مع أول منعطف يقضى عليها، مضيفا أن الجرائم المنتشرة بين الأصدقاء متنوعة بين القتل، والسرقة، والخيانة الزوجية.