السبوبة الشمال في المقابر: 5 ملايين مواطن يعيشون بين الأموات
الأحد، 17 مارس 2019 06:00 ص أمل عبدالمنعم
متحدث رسمى: سكان المقابر لا ينطبق عليهم «العشوائيات» وما جرى اعتداء عليها
خبير تنمية: ضرورة معاملة قاطنى المقابر معاملة القرى الأكثر فقرا وعزلهم عن الموتى
5 ملايين مواطن بين «الأموات» فى 25 محافظة منهم 1.6 مليون فى القاهرة الكبرى
استغاثات ونداءات عديدة لضم سكان المقابر إلى مبادرة «حياة كريمة» التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى
استغاثات ونداءات عديدة لضم سكان المقابر إلى مبادرة «حياة كريمة» التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، تحت رعايته الخاصة، والتى تستهدف رعاية الفئات الأكثر احتياجا بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى ووزارة التضامن الاجتماعى.
ووفق آخر إحصائية للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فقد وصل عدد سكان المقابر إلى 5 ملايين مواطن يعيشون مع أسرهم بين الأموات، داخل 25 محافظة، فيما يبلغ عدد سكان المقابر فى إقليم القاهرة الكبرى «القاهرة، الجيزة، القليوبية»، مليونا و600 ألف مواطن.
«صوت الأمة» من جانبها قامت باختراق المقابر، والتجول فى دهاليزها وأجرت العديد من اللقاءات مع الأهالى والأسر الذين يعيشون مع الأموات، للتعرف على مطالبهم وأهم المشاكل التى يعانون منها.
الحكاية بدأت بحديث محمد عبدالحميد، 33 سنة، مولود فى مقابر باب النصر، عاطل، متزوج ولديه ولدان، يقول: «اتولدنا وعيشنا وهنموت فى المقابر»، لم يقدم على طلب شقة بعد مشاهدة من سبق لهم من حوله التقدم بطلب للمحافظة منذ سنوات ولم يتسلموا شقة، بالإضافة إلى أنه لا يستطيع دفع إيجار مرتفع، ويريد العمل، ودائما ما تدب المشاكل الزوجية بينه وبين زوجته لرفضها المعيشة بهذا الشكل، كما أن ولديه يعانيان من حالات نفسية كـ«الصراخ» أثناء دفن الموتى والظلام بسبب عدم وجود كهرباء.
أما كريمة عبدالمنعم، 60 سنة، ساكنة فى المقابر منذ 50 عاما، متزوجة ولديها 5 أولاد وبنت، زوجها يعمل تربي، وجميع أولادها تزوجوا، ويقيم معها 3 يعيشون داخل المقابر بأسرهم، وتضيف: «شفت العجب فى كل شىء من الناس والمعاملة والجيران»، ولم تحصل على شقة منذ عشر سنوات لابنتها وابنها الكبير فى حى العباسية ولكن دون فائدة، وتعيش حاليا فى ظل ضروف صعبة، خاصة أن الأمطار فى الشتاء تغرقهم مما عرضها للحساسية على الصدر والضغط والسكر، وعدم وجود دورات مياه، وتحتاج كشك أو «دكان» لعدم مد يدها بعد مرض زوجها البالغ من العمر 64 سنة.
ويقول أحمد محمد، 47 سنة، مولود فى المقابر، متزوج ولديه 3 أبناء: «العيشة فى المقابر كلها تعب نفسى ومادى، وبلا سقف يسترنا»، وهو يعمل أرزقى ومقدم منذ 6 سنوات فى «البوسطة» للحصول على شقة ولم يجد استجابة، ويطالب الانضمام لـ«حياة كريمة»، لاستلام شقة بعد ما أصبح ابنه الكبير «مريض نفسى» بسبب المعيشة الصعبة، كما تعيش بجواره والدته «الست زيناهم» وتزوجت فى المقابر منذ 50 عاما حتى توفى زوجها وترك لها 4 أولاد و3 بنات.
وتستغيث شيماء فلفل، 32 سنة، مولودة فى المقابر، وتزوجت داخلها لديها 3 بنات وزوجها بيلم كرتون، من العيشة الصعبة فى الظلام الدامس، وعدم وجود بوتاجاز أو ثلاجة، والنوم على الأرض «فوق الموتى»، وتحتاج إلى دخل ثابت حتى تستطيع تربية بناتها بشكل جيد، وترى اللحوم فى المناسبات أو من خلال زوار المقابر، وتعيش فى خوف دائم من البلطجية ومتعاطى المخدرات وترددهم أثناء الليل، وأنها تحتاج «حجرة» فقط بها دورة مياه لتشعر بالأمان.
فيما يرى إيهاب حنفى، المتحدث الرسمى باسم صندوق تطوير العشوائيات، أن سكان المقابر لا ينطبق عليهم «العشوائيات»، موضحا أنها مدافن تم الاعتداء عليها، وغالبا «التربيين» يعيشون فيها، لافتا إلى أن الصندوق يعمل على أساس قاعدة بيانات مع حصر الأماكن غير الآمنة.
من جانبه أكد أمجد عامر، خبير التنمية المحلية واستشارى تطوير العشوائيات والإدارة المحلية، أن جميع سكان المقابر مهدرة حقوقهم من مأكل ومسكن، وأن رزقهم اليومى من تحصيل أهالى المتوفين، ويعيشون دون طعام ومياه وكهرباء ويستخدمون «لمبة جاز».
وطالب عامر، وزارة الإسكان بتوفير مسكن ملائم لهم، واعتبارهم من ذوى الاحتياجات الخاصة، وبلا عمل ويعيشون مع الموتى، وعلى الدولة توفير وحدات سكنية لرب الأسرة وأطفاله، للعيش بشكل آدمي، مثلما حدث مع أهالى ماسبيرو وغيط العنب، وتوفير مرافق ومدارس وجميع الخدمات الصحية. وأشار إلى أن وزارة التنمية المحلية قامت بتطوير القرى الأكثر فقرا، ويجب أن تجرى معاملة سكان المقابر بالمثل، ويتم عزلهم بشكل تام عن الموتى.