السبوبة الشمال في المقابر: «الترب الزفرة»
الأحد، 17 مارس 2019 04:00 ص
«المارد».. أحد أشهر الشخصيات الخرافية التى ظن أهل المقابر أنها موجودة فى حياتنا ويسكن الأماكن المظلمة
«الثعبان صاحب الجوهرة»، هو إحدى الخرافات التى انتشرت بين سكان المقابر والمناطق المحيطة بها
«التُرب الزفرة».. مُصطلح أطلقه سكان المقابر- بشكل عام- على الأماكن التى وقعت فيها جرائم قتل، ويزعم بعضهم أن هناك كائنات تظهر ليلا فقط تُخيف كل من يجرؤ على السير فيها والمرور بجوارها، ولعل أسطورة «التُرب الزفرة» التى أطلقها أهالى كل المقابر فى السيدة نفيسة والسيدة عائشة ومدينة نصر والإمام الشافعى والإمام الليثى وغيرها، والتي تصور وجود وحوش وعفاريت وكائنات غريبة كان هدفها إبعاد كل من يرغب فى استخدام تلك الأماكن المُظلمة فى بيع المخدرات أو ممارسة الرذيلة أو اقتراف أفعال خارجة على القانون، وهى القصص التى ابتدعها التُربية الفاسدون لمنع أى أحد من التدخل فى أعمالهم الخارجة، وهو ما تناولته أيضا شاشات السينما والتليفزيون فى مصر وخارجها، والتى جسدت قصصا غريبة عن وجود وحوش وعفاريت وكائنات وهمية بهذه المقابر.
«المارد».. أحد أشهر الشخصيات الخُرافية التى ظن أهل التُرب أنها موجودة فى حياتنا ويسكن الأماكن المُظلمة، فهم يعتقدون أنه جن عملاق يقف أمامك فى الأماكن التى تمر منها وهو موجود في جوارها، ويسد عليك كل الطرق ويمنعك من التحرك من كل جانب، ووصل الأمر إلى أن بعضهم يحكى أنه شاهده فى الواقع، لم ير وجهه ولكنه سد عليه كل الطرقات أمامه لمنعه من الحركة، ترددت تلك القصة بين غالبية سكان الجبانات حتى أصبحت واقعا نسجوه من خيالهم وعاشوا فيه وصدقوه.
«خالد. ب. س»، أحد سكان تُرب السيدة نفيسة يروى إحدى القصص التى حدثت معه داخل المقابر والمتعلقة بوجود الجن المارد، فيقول خالد: «كنت أبلغ من العمر 15 عاما فى أول مرة واجهت فيها المارد وظهر أمامى، فقد كنت دائما أسهر مع أصدقائى فى منزل أحدهم داخل الترب أيضا، وأعود قبل آذان الفجر بدقائق، وفى إحدى الليالى التى كنت أمر فيها بجوار أحد المناطق المشهورة بوجود عفاريت فيها، وهى المنطقة الزفرة، انغلقت كل الطرق أمامى فلم أجد طريقا أمر من خلاله إلى منزلى، أصبت بحالة إغماء على الفور ولم أستيقظ إلا وأنا مُلقى على سريرى، وعندما سألت والدى عما حدث، أكد لى أن حسين جارنا وجدنى فى الشارع مُلقى على الأرض فحملنى إلى المنزل».
تحدث «خالد» عن أن ما حدث كان حقيقيا بالفعل، وأكد أن المارد لم يظهر له فقط، بل ظهر لجده هو الآخر فى إحدى المرات عندما كان عائداً فى إحدى الليالى شديدة الظلمة، وظل يطارده بالشوارع المؤدية إلى منزلهم وتمكن من النجاة منه.
وأصبحت تلك الأساطير جزءا لا يتجزأ من حياتهم التى يُحيط بها الأموات من كل جانب، فلم يتوقف الأمر على حكاية المارد الذى يطارد سكان المقابر ليلا، وإنما تطرق الأمر إلى حكايات أخرى تزيد من رعب وإثارة كل من حاول تذوق طعم المغامرة داخل الجبانات.
هذه النوعية من الحكايات الأسطورية لم تخرج من فم خالد فقط، فهناك الكثيرون من سكان المقابر ممن يرون أن هذه القصص حقيقية، فهناك أيضا من يرى أن هناك ثعبانا له جناجان، يهاجم كل من يقترب من المقبرة التى يسكن بها، وهذه قصة أخرى يرويها لنا محمد حمص، الشهير بـ«حماصة»، هو من سكان إحدى المقابر بالسيدة نفيسة، حيث قال إن هناك وحوشا توجد بالمقابر الزفرة خلف ضريح السيدة نفيسة، وأهمها هو الثعبان ذو الجناحين، وقصته معروفة للجميع، لا يمكن لأحد أن يقترب من الترب التى يوجد بها.
ويستكمل «حماصة» حديثه قائلا: «أخى أصيب بأمراض نفسية وهلاوس فور رؤية هذا الثعبان، ففى إحدى المرات كان أخى عائدا إلى منزلنا داخل المقابر وهو فى حالة يرثى لها ويشعر بالهلع الشديد، حتى أنه كان غير قادر على نطق الكلمات، فقد حاول أبى أن يسأله عما حدث له، لكنه لم يستطع أن يخرج منه بجواب، فى صباح اليوم التالى، روى لنا المأساة التى تعرض لها، وقال إنه رأى بعينيه ثعبانا ضخما للغاية له جناحان ولا يستطيع أن يركض فهو يزحف مثل بقية الثعابين ثم يقفز بعيدا، وفور أن شاهده جرى بسرعة إلى المنزل وهو فى الحالة التى وجدناه عليها، وهو الآن نعالجه عند طبيب نفسى».
«الثعبان صاحب الجوهرة»، هو إحدى الخرافات التى انتشرت بين سكان المقابر والمناطق المحيطة بها، ففى كل تجمع للجبانات سواء كان فى السيدة نفيسة أو البساتين أو الإمام الشافعى أو غيرها، هناك مكان يظن أهل المقابر أن به ثعبانا كبيرا يحمى جوهرة، وأن الثعبان كفيف لا يرى، وتلك الجوهرة هى التى تُنير له طريقه، فلا يسمح الثعبان لأحد بالاستيلاء على تلك الجوهرة ويحميها ولو كلفه الأمر حياته، حيث انتشرت قصة ذلك الثعبان بين الجميع ووصل إلى حد أن الجميع يخشى البحث عن تلك الجوهرة خوفا من الثعبان.
«رسمية. م. ع»، امرأة مُسنة من سكان منطقة باب الوزير تحكى أن قصة هذا الثعبان توراثها الأجيال من أجدادهم، فقد سمعتها من جدتها وهى صغيرة، لكنها لم تره طوال حياتها، وتُرجح الست رسمية أن الهدف من اختلاق مثل هذه القصص هو إبعاد الناس عن التواجد فى المقابر والأماكن المُظلمة ليلا، خاصة أن تلك الأسطورة انتشرت بين الناس حتى خارج نطاق سكن المقابر، ولا تعرف الهدف الحقيقى من وراء إطلاق مثل تلك الشائعات حول الأماكن التى دعانا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لزيارتها كلما ضاق بنا الأمر أو شعرنا بأزمة ضاقت بسببها صدورنا.