قطاع الإسمنت.. النمو المرهون بالفرص والسيناريو الأمثل لاحتواء الأزمة
الأربعاء، 13 مارس 2019 08:00 م
يشهد قطاع الأسمنت نقطة تحول في تاريخ الصناعة، متأثرة بتوابع القرارات التي جاءت ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته الحكومة في نوفمبر 2016، والتي بدأت بتحرير سعر الصرف تلاها تبني الدولة برنامج زمني للتخلي عن الدعم الموجه لقطاع الكهرباء، وهي إجراءات كانت كفيلة برفع تكاليف إنتاج مصانع الأسمنت إجمالا بعد التعويم بنسبة ما بين 80:60%، أخذا في الاعتبار أن المصانع تعمل حاليا بالفحم المستورد، كما يستحوذ عنصر الطاقة وحده على نسبة تصل إلي 63% من إجمالي تكاليف صناعة الأسمنت في مصر.
المعطيات الحالية لقطاع الأسمنت تشير إلي حجم التأثير السلبي لإجراءات الإصلاح الاقتصادي على القطاع، حيث تراجع متوسط معدلات التشغيل بالمصانع إلي 67% عام 2018، رغم زيادة الطاقة المعروضة بالسوق المحلية، كما تراكم المخزون مع ضعف الطلب، حيث بلغ مخزون "الكلينكر" – أحد مراحل الإنتاج- حوالي 7.1 مليون طن وفقا لتقديرات سي أي كابيتال، وهذه المعطيات تبين حجم التحدي الذي يواجهه مصانع الأسمنت العاملة في مصر حاليا من أجل الحفاظ على فرص البقاء في السوق.
التحديات التي تواجه مصانع الأسمنت في مصر من الممكن اعتبارها أحد السيناريوهات المحتملة التي قد تواجه أي مستثمر يبحث عن الربحية في الأسواق الواعدة، ولكن في نفس الإطار كما هو متبع في عدد من الدول المتقدمة يجب أن يحتوي كل قرار اقتصادي على سيناريوهات لاحتواء الآثار المترتبة عليه وتعويض المتضررين وهو العنصر الغائب عن هذه المعادلة.
يبقى سيناريو احتواء الآثار السلبية المترتبة على برنامج الإصلاح الاقتصادي هو العنصر الحاسم في الأزمة، علما بأن الاحتمالات التي تتوقف عليها فرص النمو المستقبلية في القطاع تعتمد على ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد المصري على المدى المتوسط، وارتفاع القوة الشرائية بين المواطنين لعودة معدلات النمو لمستوياتها الطبيعية، وهي عوامل غير مضمونة ولا يمكن أن تُعَلّق عليها وحدها آمال النمو في القطاع.
البحث عن السيناريو الأمثل لا يعد مسؤولية الحكومة وحدها، ويجب على المعنيين بقطاع الأسمنت بذل مزيدا من الجهد للبحث عن حلول غير تقليدية، والأكثر أهمية من ذلك أن تكون واقعية وقابلة للتنفيذ وتتفق مع توجهات الدولة التي تسير في اتجاه تحرير أسعار الكهرباء والطاقة بلا رجعة، وتستهدف زيادة الإيرادات الضريبية، ومن بين هذه الحلول على سبيل المثال، العمل على إعداد دراسة تحليلية لبنود التكلفة والعائد لتوضيح الفوائد التي قد تعود على الاقتصاد المصري حال تفعيل مقترح صرف 50% دعم على عنصر النقل إلي الدول الإفريقية، وهو ما يدعم عنصر تنافسية المنتج المصري أمام الدول المنافسة في السوق الإفريقية، علما بأن القارة الإفريقية مقبلة على مرحلة تنموية غير مسبوقة وتتصدرها مشروعات البنية التحتية والمشروعات التي بلغت قيمتها نحو 81 مليار دولار وفقا لأحد الدراسات الصادرة عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، ومتوقع أن يستوعب هذا القطاع استثمارات سنوية تصل إلي 130 مليار دولار.
ومن بين الحلول المقترحة أيضا، مطالبة الحكومة بالإسراع في مراجعة التشريعات والقوانين المتعلقة بضوابط البناء ومنظومة التراخيص في مصر، بما يعمل على استقرار الأوضاع القانونية وتشجيع الأفراد على البناء الفردي مرة أخري، خاصة أنها تمثل نحو 90% من إجمالي الطلب على الأسمنت في السنوات الماضية.