عن تسويق الذات.. وسائل إدارة الموارد البشرية لإنقاذ مهنة المحاماة من الانحدار
الأحد، 10 مارس 2019 11:00 ص
منذ نشأة مهنة المحاماة في مصر وحتى تاريخ قريب، ساد نمط محدد لأساليب ممارسة المهنة، وقد ظهر هذا المنهج التقليدي في نصوص قوانين المحاماة المتعاقبة التي منعت المحامي من استخدام وسائل الدعاية في عمله، وكادت أن تقصر أسباب تسويق المحامي على جهده الشخصي، ومدى تراكم العملاء والمستفيدين من خدماته.
فى التقرير التالى، «صوت الأمة» تستعرض وسائل إدارة الموارد البشرية في مهنة المحاماة، وذلك فى محاولة لرصد ما يهدد مهنة المحاماة فى عصر العولمة بكافة مفرادتها، باعتبار أن هذا النظر كان صالحاً في وقت ما قبل العولمة، وما قبل ثورة المفاهيم الإدارية والتقنية على حد سواء، فالمحاماة بالرغم من كونها رسالة للدفاع عن صحة تطبيق القانون، إلا أنها في ذات الوقت مهنة تعتمد على الإحتراف ومصدر وحيد للخل لمن يمتهنوها - بحسب الخبير القانونى والمحامى محمد الشهير.
التنافس بين شركات المحاماة العربية والمكاتب المحلية
ولعل ومن هنا كان لا بد أن يعاد النظر في أساليب ممارسة مهنة المحاماة، خاصة في ظل التنافس المشهود بين شركات المحاماة العربية والمكاتب المحلية، حيث تعتمد الأولى على وسائل إدارة الموارد البشرية والإدارة التسويقية في عملها بصورة مباشرة، مما يعطيها أفضلية و ميزة تنافسية على المحامين المصريين الذين يعملون بالأساليب التقليدية – وفقا لـ«الشهير».
ولذا كان لازماً الاعتراف بضرورة تطوير مهنة المحاماة لتحقيق معدل ربح أعلى للمحامي، وذلك مع إحتفاظ المحاماة بميزتها الأساسية، وهي كونها رسالة للدفاع عن التطبيق الموضوعي والإجرائي الصحيح للقواعد القانونية.
ويُضيف «الشهير»: نبدأ بأهم ما يميز شركات المحاماة الحديثة في العالم الغربي وبعض دول الخليج العربي، وهي الإعتماد على عنصر الكفاءة البشرية كميزة تنافسية إضافية وتهيئة هيكل إداري منظم داخل مكتب المحاماة يعتمد على أساليب إدارة الموارد البشرية بداية من تخطيط وتحليل الوظائف ووضع التوصيف الوظيفي المتضمن لمهام كل فرد داخل شركة المحاماة، مروراً بسياسات الإستقطاب وكيفية إختيار العناصر المدربة مهنياً وسلوكياً في ذات الوقت.
وضع خطة كاملة لإدارة الأداء
وصولاً إلى وضع خطة كاملة لإدارة الأداء لكافة العناصر العاملة والمساعدة في المجال القانوني تتضمن دعم الهيكل الإداري بموظفين متخصصين في مهام السكرتارية وإدارة شئون العاملين بالمؤسسة القانونية، وتوفير تدريب قانوني ومهاري للباحثين القانونيين والمحامين المتولين حضور الدعاوى على حد سواء، مع الحرص على وجود بيئة عمل إيجابية ترتكز على التقييم الحيادي لأداء العاملين بمؤشرات قياس محددة لا تترك للإدارة فرصة في التعسف ضد موظفيها، وإستمرارية جلسات التوجيه لكشف الاخطاء الفنية والسلوكية ومعالجتها.
أهمية الوقت عند كبار المحامين
من أهم مشاكل مهنة المحاماة في مصر هي عدم اعتياد المحامين على إدارة الوقت بعكس الماضي، وهو ما نراه حاضراً في سلوكيات كبار المحامين الذين يقدسون ترتيب الاولويات ويتمتعون بيوم مهني منظم لا يكاد يتغير إلا في حالات الضرورة، بعكس البعض من شباب المحامين الذين يعانون من تكدس مهامهم الوظيفية وإضطرارهم الدائم لإنجاز المهام تحت ضغط ضيق الوقت، ولذلك تأخرت المهنة قليلاً عن مثيلاتها في الدول الأخرى التي اعتمدت أساليب استثمار العنصر البشري كوسيلة لكسب ثقة الموكل والحفاظ على استمراريته.
وفضلاً عما سبق، فإن المحاماة خارج مصر تحولت لمنافسة مشروعة تتميز بالشراسة وبذل كافة المحاولات الممكنة لكسب العملاء الجدد دون إخلال بواجبات القانون، ونتج عن هذا التطور في مفاهيم المحاماة أنها خضعت لبعض آليات العولمة الإقتصادية وهو ما ادى بدوره لإنتهاج سياسات التسويق لكبرى شركات المحاماة في العالم دون تحرج أو إخلال برسالة المحاماة ذاتها، فالواقع أن تسويق المحامي لذاته لا يخل أبداً بواحبه تجاه مهنته أو موكليه، وان منع لجوء المحامي لأساليب التسويق الحديثة يجعل القائمين على شئون المهنة متاخرين خطوات شاسعة عن أقرانهم في الخارج – هكذا يقول «الشهير».
تسويق الذات
إن تسويق الذات هو أساس نجاح المحامي المبتدئ، وأساس استمرار نجاح المحامي الممارس، فإذا ما حرمنا المحامي من سلاح التسويق وقصرنا استعماله على أسلوب الانتشار بالكلمة «تزكية الموكل للمحام لدى شخص آخر»، فإن في هذا إجحاف بحق المحامي في تسويق مهاراته ومعارفه بالطرق الحديثة.
والخلاصة أن أساليب إدارة الموارد البشرية والإدارة التسويقية وتطوير المهارات الوظيفية هي الدعائم الثلاث لتطوير مهنة المحاماة، وتحويلها من مهنة خاضعة للتقدير الشخصي للمحامي، إلى مهنة خاضعة لآليات العمل الخاص المنظم ضمن علاقات إدارية مطورة.
الخبير القانونى والمحامى محمد الشهير